لا إشارات أن شعبية البرنامج التلفزيوني «فلاح يبحث عن زوجة» في طريقها إلى التراجع. فأرقام مشاهدة مواسمه الأخيرة في ألمانيا وفرنسا وهولندا كانت عالية كثيراً، ليواصل البرنامج حجز مكانة متقدمة في القوائم السنوية لأفضل البرامج مشاهدة في الدول التي يعرض فيها، تاركاً خلفه عشرات الأفكار التلفزيونية الجديدة والمسلسلات المثيرة الغالية التكلفة. هذا على رغم أن البرنامج لم يُغير كثيراً في تركيبته التلفزيونية البسيطة التي بدأ بها، فما زال يقدم في كل موسم جديد مزارعين يعيشون الوحدة في حقولهم، ويبحثون بمساعدة البرنامج التلفزيوني عن زوجات لهم. لا يختلف البرنامج من ناحية الهدف عن برامج المواعدة التلفزيونية التي تسعى لجمع العازبين، لكنه يتميز كثيراً بالطريق الذي يقطعه لبلوغ هذه الغاية لمشتركيه، والذين لا يمرون بسرعة وكما يحدث في برامج مماثلة. إذ يأخذ برنامج «فلاح يبحث عن زوجة» الوقت الطويل، والذي يمتد على موسم كامل للتعريف بالمشتركين به من جهة، وبالراغبين بالارتباط عاطفياً بهم أو بهن من الجهة الأخرى (أحياناً يبحث البرنامج عن شركاء عاطفين لمزارعات عازبات). يبدأ كل موسم من البرنامج بالتعريف بمشتركيه والذين كانوا قد ظهروا قبلها بأشهر في إعلانات تلفزيونية تعلن عن الموسم الجديد وأبطاله وتدعو الراغبات بمراسلتهم. تسجل الحلقة الأولى من البرنامج الحياة اليومية لمشتركيه، والذين سنراهم يعملون ويسكنون في حقولهم، غالباً وحيدين. بعدها يبدأ كل منهم بفتح الرسائل التي وصلته من الشريكات العاطفيات المحتملات، ليبدأوا وعلى أساس ما تتضمنه تلك الرسائل من شروحات وصور مرفقة، في اختيار أولي لعشر مُرشحات مُحتملات (يختلف العدد من بلد إلى آخر)، لتبدأ بعدها عمليات اختيار طويلة تأخذ كل وقت الموسم، وإلى أن ينتهي كل فلاح بشريكة عاطفية في الحلقة الختامية من الموسم. يقضي المشتركون أوقاتاً مع شركائهم العاطفيين المحتملين، أحياناً في المزارع حيث يعيشون، ويذهبون معهم في مراحل لاحقة من البرنامج إلى مدن عملاقة وسياحية ليقضوا عطلات نهاية أسبوع، سيكون بعضها حاسماً في تقرير الشريك، ذلك أن السفر يوفر فرصاً نادرة للتعرف إلى طباع الشريك المستقبلي ومزاجه. وعندما ينتهي كل مرشح مع شريكتين عاطفيتين فقط في المرحلة النهائية، يبقون وقتها في المزرعة حيث يعيش، وترتفع إثارة البرنامج، ويرتفع عدد مشاهديه ليصل إلى الذروة. يُشكل نجاح البرنامج المتواصل ما يشبه اللغز لصناع التلفزيون، إذ يفسره بعضهم بحاجة المشاهدين إلى برامج تلفزيونية بإيقاع بطيء، وتدور عن قضايا إنسانية أساسية يسهل التعرف إليها. ويربط البرنامج بهذا الاتجاه ببرامج تحضير المعجنات التي بدأت على «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) قبل بضعة أعوام، وحقق بعضها على مرتبة متقدمة لأكثر البرامج مشاهدة على القنوات التي تعرضها. كما يبدو أن البرنامج يجسّ أعصاب حسّاسة لمتفرجين من مستويات اجتماعية متنوعة، أحبوا أن يتبعوا محاولات رجال ونساء يعيشون الوحدة، وينقص بعضهم الجرأة، وهم يبحثون عن شركاء يتقاسمون معهم حياتهم الريفية الهادئة، بعيداً من ضجيج المدن وتعقيداتها. مرَّ البرنامج بمراحل عدة، قبل أن يصل إلى شكله الحالي، فبعدما انطلق في ثمانينات القرن العشرين في سويسرا على إحدى قنواتها لبضع سنوات قبل أن يختفي، اكتشفته شركة إنتاج بريطانية، فأعادت تقديمه في بريطانيا في عام 2001. لكن البرنامج - وعلى عكس دول أوروبية عدة عرض فيها - لم يحقق النجاح الجماهيري الكبير في بريطانيا أو الولاياتالمتحدة، والأخيرة غيرت كثيراً في تركيبته لتجعل البرنامج عن فلاح واحد يحاول اختيار شريكة الحياة من بين 8 مرشحات. أنتجت البرنامج شركة «FremantleMedia» البريطانية والمملوكة لشركة الميديا الأوروبية العملاقة (أر تي أل). بيعت حقوق إنتاج نسخ محلية من البرنامج إلى 31 دولة حول العالم. وبفضل البرنامج تزوج 72 فلاحاً، وولد من تلك الزيجات 135 طفلاً.