في إطار سعيه لتحسين الإنتاجية الزراعية في أفريقيا، عمل مشروع «تكثيف الزراعة من خلال دعم متاجر المُدخلات التي تديرها تعاونيات المزارعين IARBIC»، على تشجيع برامج مبتكرة للقروض الصغيرة من أجل تزويد صغار الملّاك بما هم في أمسّ الحاجة اليه، أي المال. فالمشروع يقدم الدعم لنظام ائتمانٍ بضمانة المخزون من السلع يطلق عليه «الضمانة»، ويقوم المزارعون بموجبه بتخزين جزء من غلالهم واستخدامه كضمانة إضافية للحصول على ائتمان من المصرف، وذلك عوضاً عن بيع تلك الغلال في موسم الحصاد حينما تكون الأسعار منخفضة. وقد استطاعت منظمات المزارعين التي تديرها النساء في منطقة دانجا بالنيجر، زيادة دخلها وغلالها من خلال استخدام برنامج الائتمان الصغير المذكور. ومن هذه الناحية، كان محصول شيما إبراهيم، مثلاً، جيداً إذ أنتجت حوالى 3500 كيلوغرام من الدُخن من قطعة أرض مساحتها 3.5 هكتار. فاحتفظت بنصف الغلة لتلبية حاجاتها الذاتية، وأبقت النصف الآخر من أجل بيعه عند الحاجة. لذلك، فإنها تتمسك به بكل قوتها. وعوضاً عن بيع المحصول وقت الحصاد، حينما يقوم جميع المزارعين الآخرين بذلك وتكون الأسعار متدنية، تستخدم شيما (52 عاماً وأم لسبعة أطفال)، المحصول كضمانة إضافية للحصول على قرض من المصرف. وحذت نساء كثيرات من منطقة دانجا ومن القرى المحيطة بها في جنوب النيجر حذو شيما في ذلك. وهن يتبعن واحدة من منظمات المزارعين التي تعمل تحت مظلّة اتحاد تترأسه شيما إبراهيم شخصياً. ويصل مجموع النسوة في هذا الاتحاد إلى 137 امرأة مزارعة. نَهجٌ متكامل كذلك حققت النساء نتائج جيدة باستخدامهن أموال القروض، من خلال إنتاج زيت الفول السوداني لبيعه في السوق المحلية. كما تقوم نساء أخريات بتربية حيوانات التسمين من أجل بيعها لإنتاج اللحوم. وتأتي هذه الإيرادات كإضافة مرحَّب بها لدخل أسر هذه النساء، كما يمكن استخدامها لشراء البذور والسماد لموسم الزراعة التالي. ويعود جزء من الإيرادات في الوقت ذاته مباشرة إلى منظمة المزارعين التي تنضوي تحتها النساء. ويقول المندوب المحلي لوزارة الزراعة إبراهيم دودو «هذا مثال توضيحي جيد على نجاح النهج المتكامل الذي يطبقه مشروع IARBIC»، لأن الائتمان الصغير وحده لا يكفي إنما هو وسيلة لتقوية منظمات المزارعين، التي تعدّ محور النهج، حيث تصبح في موقع ممتاز تستطيع من خلاله تزويد المزارعين ذوي الحيازات الصغيرة بالوسائل اللازمة لزيادة غلالهم وبالمعرفة التي يحتاجون إليها كي يستخدموها الاستخدام الصحيح. دورات تدريب وتفيد تقديرات شيما إبراهيم بأن حصادها البالغ 3500 كيلوغرام يعادل خمسة أضعاف ما كانت تنتجه في السابق. وتقول إن الفضل في تحقيق جزء من هذه الزيادة يعود إلى التدريب. فقد بدأت النسوة في تلقّي الدعم من المشروع في 2009 واستمرت حتى باتت الإيرادات تكفي لقيام المنظمة بتسديد التكاليف بنفسها، وذلك بعد مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. وتعلمت شيما كيف تختار بذور الصنف الأكثر ملاءمةً لقطعة الأرض التي تملكها. وهي تستخدم صنفين من بذور الدخن، يسمى الأول «زاتِب» ويطلق على الثاني اسم «سوسات». كذلك ثمة درسٌ آخر تعلّمته هو «الجرعة الصغيرة»، أي كمية السماد التي تحقق أكبر زيادة في الإنتاج. أما الآن، فإن شيما تنتظر قدوم موسم الرياح الموسمية لتبيع غلالها. وتقصد بذلك موسم الأيام العجاف، عندما تبدأ مخزونات الأغذية تتناقص وتأخذ الأسعار في الارتفاع. وهي عازمة على استخدام إيراداتها في تسديد القرض والاحتفاظ بالبقية لديها. لكن، ماذا لو لم ترتفع الأسعار؟ لقد مضى حتى الآن أربعة أشهر منذ أن حصدت غلالها وما زال سعر الدخن على حاله. وتعرف شيما ذلك جيداً، غير أنها واثقة من أن الأسعار على وشك البدء في الارتفاع. «فاو» ساهمت في خفض الجوع بنسبة 300 في المئة يهدف مشروع «تكثيف الزراعة من خلال دعم متاجر المدخلات التي تديرها تعاونيات المزارعين IARBIC» الذي تأسس في 2008 بتمويل بلغ 6 ملايين يورو على مدى خمس سنوات، إلى تكثيف الزراعة في النيجر. وتشير أحدث إحصاءات توصلت إليها المنظمة في شأن الجوع، إلى أن النيجر نجحت خلال العقدين الماضيين في خفض نسبة السكان الذين يعانون نقص التغذية بمقدار ثلاث مرات. إذ يعاني من نقص التغذية حالياً شخص واحد فقط من بين كل ثمانية أشخاص، مقارنة بواحد من كل ثلاثة أشخاص في 1990 - 1992. وقد حقق المشروع من 2008 إلى 2013 نتائج أهمها، تأسيس 264 متجراً لبيع المدخلات الزراعية (منها 75 متجراً استفاد بالفعل من التمويل الذي قدمه الاتحاد الأوروبي). ما يرفع مجموع هذه المتاجر إلى 783 متجراً، من ضمنها تلك التي أنشئت خلال السنوات السابقة ومن جانب شركاء ساروا على النهج الذي طبّقه المشروع، وتنظيم حوالى 375 مدرسة لتدريب المزارعين و750 حقلاً إرشادياً استفاد منها 7500 مزارع نصفهم من النساء، وتأسيس 100 مستودع لتخزين السلع على أنها «ضمانة» متاحة الآن لحوالى 100000 مزارع، وإنشاء صندوق ضمان برأسمال يبلغ 653000 يورو لثمانية اتحادات مزارعين تمثل 164000 مزارع.