يأخذ برنامج «زواج من النظرة الأولى» فئة برامج المواعدة التلفزيونية الى مديات جديدة متطرفة لم تصلها من قبل، اذ يترك المشتركون في البرنامج والذين ملوا من عزوبيتهم، مصيرهم العاطفي بيد خبراء البرنامج ليجدوا الشركاء المناسبين لهم. لكن وبدل أن يجمع البرنامج مشتركيه للتعارف والانتظار بعدها اذا كانوا يلائمون بعضهم، سيقوم بتزويجهم مباشرة، وسيكون يوم زواجهم في اليوم ذاته الذي يتقابلون فيه للمرة الأولى في حياتهم، وسيقضون بعدها شهر عسل، وفي نهايته سيقررون اذا كانوا سيبقون مع الشركاء الذين اختارهم لهم البرنامج او الانفصال والعودة الى حياة العزوبية. وعلى رغم من فكرة البرنامج الغريبة، فإنه لا يتوقف عن إيجاد جمهور جديد له في الدول العديدة التي اشترت حقوق تقديم نسخ محلية منه، والتي غيرت بعض التفاصيل هنا وهناك في تركيبته، اذ لا تلزم الزواجات الذي تتم في النسخة الأسترالية مثلاً المشتركين البقاء قانونياً ضمن عقد الزواج وعلى خلاف النسخة الدنماركية من البرنامج. كما يختلف عدد المشتركين في هذه النسخ، فبينما تضم النسخة الإسترالية عشرين مشتركاً من الجنسين سيؤلفون في النهاية عشرة أزواج، يبلغ عدد المشتركين في النسخة الهولندية ثمانية مشتركين. ولعل التشبيه البديهي لفكرة البرنامج الجديد سيكون مع الزواج المُرتب في المجتمعات الشرقية ومنها المجتمعات العربية، مع فروق أن الأهل في الأخيرة هم من يبحثون عن الشريك العاطفي لأبنائهم وبناتهم، فيما يقوم فريق مختص في البرنامج من معالجين نفسيين في البحث عن النصف الآخر بين الباحثين عن الزواج، حيث يذهبون الى أبعد مما يكشفه المشتركون في البرنامج عن مواصفاتهم المبسطة للشريك المثالي، اذ يوظف فريق البرنامج خبراته الطويلة في تحليل شخصيات الباحثين عن علاقة عاطفية، ومحاولة الوصول الى الأسباب الفعليّة التي جعلتهم يخفقون في إيجاد الشريك المناسب. يختلف شكل النسخ الدولية من البرنامج وعلى وفق الموازنات التي وفرتها لها القنوات المنتجة، اذ يبدو البذخ واضحاً على النسخة الأسترالية التي تعرض على قناة «9»، والتي تتبدى من المشاهد التي صورت من الجو، والمواقع الغالية التي تم التصوير فيها، بينما تهتم النسختان الهولندية والدنماركية بالأثر النفسي للتجربة في المشتركين، وهم يقدمون على خطوة تعد جريئة جداً في عرف المجتمعات الغربية. تحت طبقة الترفيه التي يقدمها البرنامج، هناك طبقة أخرى تظهر الألم والوحدة الذي يعيش فيه الذين فشلوا في العثور على شريكهم المناسب، بخاصة الذين تجاوزوا منتصف الثلاثينات، والذين يشاهدون أصدقاءهم تزوجوا وأنجبوا الأطفال. يوازن البرنامج بين الترفيه المحض الذي ترتكز عليه فكرة البرنامج غير المألوفة وبين المرور على قضية الوحدة والخيارات الكثيرة المتوافرة في المجتمعات الغربية اليوم، والتي تصعّب أحياناً من إيجاد زوج او زوجة المستقبل. من مشتركي الموسم الأخير في البرنامج في أستراليا، شابة من أُصول لبنانية، والتي تعرف أكثر من غيرها مفهوم الزواج المرتب، لذلك لم يكن أهل هذه الشابة التي تجاوزت الثلاثين من العمر منزعجين أبداً من فكرة البرنامج (على خلاف أهل غالبية المشتركين الآخرين)، وكانوا حاضرين في حفلة الزواج بموسيقاهم وأكلاتهم اللبنانية، فيما بدا الشاب الأسترالي الذي وقع عليه الاختيار للزواج منها، مدهوشاً من الأجواء الشرقية التي كانت في انتظاره. تعود فكرة البرنامج إلى شركة «سنومان» الدنماركية والتي أنتجت البرنامج الأصلي لمصلحة قناة «دي أر 3» في الدنمارك. ثم بيع إلى دول منها: الولاياتالمتحدة، إستراليا، ألمانيا، فرنسا، السويد، وهولندا. حاز البرنامج، وإضافة إلى النجاح الشعبي، نجاحاً نقدياً في الدول التي عرض فيها لجرأته، ولأنه حافظ على توازنه ومسؤوليته تجاه مشتركيه على رغم فكرته التي تسير ضد السائد من العادات الإجتماعية في المجتمعات الغربية.