اختتام المعسكر التقني الصيفي بجامعة الملك خالد    %20 نمو الرقابة البيئية    سفراء الزراعة يطلعون على تجربة إنتاج العطور بأبها    انتشال جثث بعد مقتل 320 شخصاً خلال 48 ساعة جراء الأمطار الموسمية في باكستان    نتنياهو يفتح الباب أمام مقترح صفقة جزئية مع حماس لإطلاق الأسرى    مباحثات الدرعية أسست لقمة ألاسكا وإنهاء القطيعة    اللاونجات تحت عين الرقيب    المملكة توزّع (1,525) سلة غذائية في ولاية الجزيرة بالسودان    تعثر واعتداءات تخنق شوارع الدرب بمياه الصرف    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي    التعليم تشدد على ضوابط الزي المدرسي    دراسة: احتساء القهوة صباحا يزيد الشعور بالسعادة    خفض الكوليسترول خلال 10 أيام    السجائر الإلكترونية مستعمرة بالفطريات    "الشؤون الإسلامية" بجازان تنفذ أكثر من 460 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد بالمنطقة    الاتحاد يرفع من وتيرة تحضيراته لكأس السوبر    بوتين أبلغ ترامب بإمكانية تخفيف بعض المطالب المتعلقة بالأراضي    مدرب نيوكاسل يطالب بحل واضح بشأن مستقبل إيزاك    سيمينيو ممتن لدعمه بعد تعرضه لإساءة عنصرية في أنفيلد    القبض على 4 إثيوبيين في جازان لتهريبهم (185) كجم "حشيش"    مشاركو مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون إلى المدينة المنورة    تعليم الرياض يعتمد توقيت الدوام في المدارس للعام الدراسي المقبل    أميركا: وقف إصدار جميع تأشيرات الزيارة للقادمين من غزة    112 طفلا يدخلون دائرة سوء التغذية يوميا في غزة    العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد عبر منصة تقاضي    وزير الصحة يلتقي نخبة من المبتعثين السعوديين بأستراليا    أمانة المدينة تطلق "أستوديو لبناء الشركات" لدعم الابتكار    برشلونة يقيد جارسيا وراشفورد في قائمته    فريق قوة عطاء التطوعي ينفذ مبادرة "احتواء 1″ بجازان    «التعليم» تنشر ضوابط الزي المدرسي والرياضي للطلاب والطالبات    "هجرس" أصغر صقار يخطف الأضواء في مزاد الصقور 2025    الرمان المحلّي يغمر أسواق المملكة بإنتاج يتجاوز (37) ألف طن    وزارة الصناعة تشارك في معرض البطاريات وتخزين الطاقة بالصين    تجمع تبوك الصحي يطلق مشروعات تطويرية لطب الأسنان    تراجع أسعار النفط بأكثر من 1% عند التسوية    نيوم يضم المالي "دوكوري"    ناشئو أخضر اليد بين كبار العالم.. ضمن أفضل 16 في مونديال مصر    رسمياً .. النصر يعلن تعاقده مع الفرنسي"كومان"    قرار مفاجىء من إنزاغي بشأن البليهي    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    الشيخ عبدالله البعيجان: استقبلوا العام الدراسي بالجد والعمل    الشيخ بندر بليلة: احذروا التذمر من الحر فهو اعتراض على قضاء الله    أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتصام «رابعة» فرّخ عشرات «الانتحاريين»
نشر في الحياة يوم 15 - 04 - 2017

في نهايات العام 2013، طلب رب أسرة عربية مقيمة في الإسكندرية، من القيادي السابق في الجماعة الإسلامية ناجح إبراهيم، إقناع نجله بعدم السفر إلى سورية من أجل المشاركة في المعارك هناك. الشاب العربي كان قادماً لتوه من اعتصام «رابعة العدوية» الذي نفذته جماعة «الإخوان المسلمين» في نهايات حزيران (يونيو) 2013، تحسباً للإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي. ومع تصاعد الصراع في تلك الآونة، وبعد عزل مرسي بالفعل في 3 تموز (يوليو) تحول الاعتصام إلى منصة علنية للتكفير والدعوة إلى قتال قوات الدولة.
يقول الدكتور ناجح إبراهيم «بالكاد أقنعت الشاب العربي بعد نقاش استمر 3 ساعات أنه لا فائدة من قتال قوات بشار الأسد في سورية، وأبلغني أنه عدُل عن قراره».
مر أكثر من 3 سنوات ونصف السنة على فض الاعتصام بالقوة في 14 آب (أغسطس) من العام 2013، في عملية قُتل فيها مئات المؤيدين لمرسي، لكن تبعات هذا الاعتصام لم تنتهِ بعد، بل ربما بدأت للتو.
في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، فجر انتحاري يُدعى محمود شفيق نفسه خلال قداس الكنيسة البطرسية في العباسية وقتل أكثر من 25 شخصاً، ويوم الأحد الماضي فجر انتحاريان كنيستيْن، الأول قتل نحو 30 مصلياً في كنيسة «مار جرجس» في طنطا، والثاني قتل 17 شخصاً بينهم ضباط وجنود في الشرطة أمام باب الكنيسة «المرقسية» في الإسكندرية.
وأعلنت وزارة الداخلية أن انتحاري الإسكندرية يُدعى محمود حسن مبارك عبدالله (30 سنة) من سكان محافظة السويس، ويتحدر من محافظة قنا في الصعيد، وانتحاري طنطا يُدعى ممدوح أمين بغدادي (40 سنة) من سكان قنا.
وأوضحت وزارة الداخلية، أن مجموعة إرهابية واحدة مسؤولة عن الهجمات الانتحارية التي استهدفت الكنائس الثلاث، والتي تبناها كلها تنظيم «داعش»، وأنها كانت تُخطط لاستهداف مزيد من دور العبادة المسيحية في جنوب مصر. وتلك الخلية غالبية أفرادها من محافظة قنا، ويقودها فار يدعو عمرو سعد، وتضم 19 شخصاً، أوقفت الشرطة 3 منهم، وأعلنت مكافأة مالية لمن يُدلي بمعلومات عن الفارين.
المعلومات التي أعلنتها وزارة الداخلية عن الانتحاريين وعناصر الخلية شحيحة، لكن مصادر أمنية أكدت ل «الحياة» أن الانتحاريين سبق توقيفهما، في عام 2013. وأشارت إلى أن أفراد تلك الخلية توطدت العلاقة بينهم في اعتصام «رابعة العدوية»، إذ شاركوا جميعاً فيه، وأقاموا طوال فترة الاعتصام صُحبة، باعتبارهم من محافظة واحدة (قنا) وتيار واحد (سلفيون) وأيضاً بحكم مناصرتهم جميعاً لحركة «حازمون»، التي أسسها الشيخ السلفي الموقوف حازم صلاح أبو إسماعيل.
ومحمود شفيق (انتحاري البطرسية) كان أيضاً شارك في اعتصام رابعة العدوية، وتم توقيفه في عام 2013.
وقالت المصادر إن انتحاري طنطا ممدوح البغدادي أوقف أكثر من مرة، بعدما بدت عليه علامات التشدد، حتى إنه أقام (زاوية) صغيرة في قريته (نجع الحجيري) في قنا، للصلاة فيها مع مجموعة من المتطرفين، الذين يقتنعون بالفكر التكفيري، ويُكفرون حتى أئمة الأزهر والأوقاف، ويرفضون الصلاة خلفهم. وأوضحت أنه حدثت مشكلات لما أرادت وزارة الأوقاف ضم تلك (الزاوية) إليها، وتعيين داعية من بين شيوخها لإمامتها، وكان التكفيريون يعتدون على إمام الأوقاف، ومانعوا تسليم (الزاوية) للسلطات، فتم توقيف البغدادي، وأطلق بعدما تعهد بعدم التعرض للشيخ، وهو كان أوقف في أعقاب فض اعتصام رابعة العدوية لمشاركته في احتجاجات جماعة الإخوان التي اعتمدت في تلك الفترة العنف والتخريب نهجاً.
والبغدادي كان يختفي من القرية لفترات طويلة استمرت لأشهر في بعض الأوقات، ويُعتقد أنه كان يتلقى خلالها تدريبات في معسكرات «داعش»، إما في خارج مصر أو في صحراء شمال سيناء، التي تمكنت قوات الجيش في الشهور الأخيرة من إحكام السيطرة عليها.
أما قائد الخلية عمرو سعد عباس من قرية الشويخات في قنا، فهو زوج شقيقة انتحاري الإسكندرية، وسبق توقيفه في أعقاب فض اعتصام «رابعة العدوية»، وشقيقه موقوف منذ شهور. والمطلوب الفار طلعت عبدالرحيم من قرية «نجع القاضي» في قنا وشهرته «هراس»، مطلوب توقيفه لتنفيذ حكم بالسجن لمدة 10 سنوات لإدانته بالإخلال بالنظام العام والشروع في القتل ومقاومة السلطات وتورطه في واقعة اقتحام مركز شرطة مدينة فرشوط في قنا وحرق وإتلاف عدد من المنشآت الحكومية في المدينة بعد عزل مرسي في 3 تموز (يوليو) من العام 2013، وهو من المقربين للقيادي في جماعة الإخوان في شمال قنا عبدالمعز أبو جاموس الذي قُتل في مواجهة مع الأمن في أعقاب فض اعتصام «رابعة العدوية»، وبعد اندلاع تظاهرات عنيفة في قنا شارك فيها المتهم في قنا بعد عزل مرسي، توجه إلى القاهرة للمشاركة في اعتصام «رابعة العدوية»، ولم يعد من حينها إلى قريته.
وقال القيادي السابق في الجماعة الإسلامية ناجح إبراهيم إن «خطاب منصة اعتصام رابعة العدوية وعملية الفض العنيفة يمثلان مأساة سندفع ثمنها لفترة. آلاف الشباب سمع في الاعتصام لنحو شهرين متتاليين إلى «خطاب حربي تكفيري مراهق» يخلط بين البشري والإلهي، وبعدها رأى الدماء في عملية الفض وشاهد جثث زملائه، فبات تكفيرياً ناقماً على الدولة».
وأضاف: «بعض هؤلاء الشباب كان سافر إلى سورية للمشاركة في المعارك هناك برعاية رسمية من الدولة في تلك الفترة. كانت هناك دعاية رسمية وشعبية في كل المساجد في مصر لحفز الشباب على السفر إلى سورية، ولما عاد هؤلاء الشباب المدربين تدريباً عالياً، وشاركوا وشاهدوا ما جرى في رابعة، تحولوا من تكفيريين إلى انتحاريين مفترضين»، موضحاً أن تسفير الشباب إلى سورية في عامي 2012 و2013 برعاية رسمية من الدولة في حينها، ووسط رعاية دولية للمشروع الذي حلت فيه تركيا محل باكستان في «المعادلة الأفغانية»، أكسب هؤلاء الشباب تدريباً عالياً، ومع غياب الداعية الوسطي الذي يستطيع أن يُقنع هؤلاء الشباب بخطأ توجهاتهم باتوا «نهباً لداعش ووقوداً لتفجيراتها الانتحارية».
وأشار إلى أن الاضطراب الأمني الذي عاشته الدولة في تلك المرحلة سبّب ارتباكاً لدى أجهزة الأمن، فوسط آلاف التوقيفات أطلقت السلطات «تكفيريين» حقيقيين، خصوصاً أن خريطة التشدد التي كانت في حوزة الأجهزة الأمنية في تلك الفترة تغيرت تماماً بعد ثورة 25 كانون الثاني (يناير) من عام 2011، حيث ضمت عناصر جديدة لم تكن مرصودة أمنياً.
وقال: «بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) من عام 2013 وفض اعتصام «رابعة العدوية» سألني عشرات الشباب عن شرعية العمل المسلح ضد الدولة، وأثنيتهم عن هذا التفكير، لكن للأسف هؤلاء يجدون آلاف الفتاوى على الإنترنت التي ترسخ هذا الفكر التكفيري في أذهانهم، وفي المقابل لا يجدون داعية وسطياً يثنيهم عن تلك الأمور».
وأضاف إبراهيم: «إقصاء الإسلاميين عن المشهد السياسي يساعد الإرهابيين. الدولة يجب أن تُخرج الإسلاميين السلميين من المعركة نهائياً، لأن هؤلاء يمكن أن يساعدوها في الحرب ضد الإرهاب والتكفير. أي انتحاري تنتابه فترة تردد ربما تدفعه للجوء لأحد الشيوخ لأخذ فتوى، وهنا يمكن منع العملية لو أتيحت الفرصة للدعاة الوسطيين، لكن التضييق على هؤلاء يدفع الانتحاريين المحتملين إلى اللجوء لفتاوى داعش على الإنترنت».
ميدايناً، واصلت أجهزة الأمن المصرية حصار جبال قنا وسلسلة جبال البحر الأحمر المتاخمة لحدود قنا في الجنوب الشرقي، وداهمت قوات الأمن المدقات الجبلية وقامت بتمشيط المناطق الملاصقة للطرق السريعة في قنا، للبحث عن الفارين من أعضاء الخلية الإرهابية المسؤولة عن تفجير الكنيستيْن. وواصلت مجموعات قتالية حملاتها على محيط قرى المطلوبين الفارين وفيها، بجانب تشديد الرقابة الأمنية على الطرق السريعة، ومداخل ومخارج القرى والمدن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.