السودان الذي يرزخ تحت نير أزمة إنسانية منذ أكثر من ست سنوات راح ضحيتها بحسب تقرير الأممالمتحدة نحو 100 ألف من المدنيين وبحسب التقارير السودانية 10 آلاف وما يقرب من مليون ونصف مليون مهجر يعيشون تحت الخيم منذ سنوات، فإلى أي نفق مظلم سيدخل السودان المنكوب بالكوارث الكبرى بعد هذا القرار الذي سيفجر الوضع المتأزم هناك؟ والى أي مدى يمكن أن تلعب الدول العربية دوراً فاعلاً في ايقاف هذا القرار. وهل يوجد مدى زمني للسودان للتعامل مع القرار؟ الى أي مدى يمكن البشير الإفلات من تنفيذ هذا القرار عملياً؟ ما مستقبل مذكرة نيفاشا للسلام؟ ما هو مستقبل السودان نفسه؟ الدول العربية الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن، جيبوتي وجزر القمر والأردن، هي الدول التي تعلق عليها السلطة السودانية أملها في التحرك لإرجاء تنفيذ هذا القرار. في السياسة لا مجال للصداقات والعداوات... هي مصالح مشتركة وتوازنات دولية كبرى، وإن كانت مصلحة هذه الدول تقف مع نظيرتها العربية، إلا أن علاقتها بالدول الغربية سترجح بالتأكيد كفة الميزان لمصلحة العلاقات الغربية أولاً وحتى على المستوى الليبي الدولة التي تترأس مجلس الأمن لهذا الشهر فنجد دعوة صينية لها للتريث في اتخاذ موقفها حيال هذا القرار على رغم أن الصين نفسها تقف في صفوف الدول الغربية المؤيدة للسودان، لكن التأييد شيء واتخاذ قرار ملزم بالتحرك في اتجاه ما قد يضر بمصالحها له توازنات أخرى. ان المدى الزمني المتاح للسودان للتعامل مع القرار مرهون بالفرص السانحة أمام الصفقات الدولية، فإلى أي مدى تبقى الفرصة سانحة أمام هذه الصفقات؟ في مرحلة سابقة كانت تسوية هذه المسألة مرهونة بتسليم السلطة السودانية لأحمد هاورن وزير الدولة السابق وعلي كشيب أحد زعماء ميليشيا الجنجويد لارتكابهما جرائم حرب في دارفور، ولم تتم هذه الصفقة، فهل يمكن أن تلوح في الأفق من جديد مقرونة بتفعيل للمادة 16 من ميثاق روما في مقابل اعتراف السودان بالمحكمة وتسويات سياسية لملف دارفور تكون فيها الحكومة السودانية هي الطرف الأضعف؟ إذا كان هذا التكهن ممكناً فستصبح لدى السودان فترة عام كامل يمكنه فيها التحرك في اتجاهات عدة لكسب ثقة المحكمة والمجتمع الدولي بعد تسوية الملفات المفتوحة لديه كتطبيق العدالة في المحاكمات السودانية، خصوصاً بالنسبة الى مجرمي دارفور، وتسوية الملف نفسه. ولكن ماذا لو تمسك السودان بالبشير كرئيس دولة موقوف؟ سيدخل السودان في نفق أكثر ظلمة وعزلة دولية وستقرر دول كثيرة وقف التعامل مع نظام البشير، إضافة الى احتمال إصدار مجلس الأمن قرارات تفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية على الخرطوم، وقد يكون منها حظر تصدير النفط، وسيسمح المجتمع الدولي بهذا في ظل تعامله مع السودان كدولة منبوذة. هذا إضافة الى الكارثة الأكبر التي تنذر بوقوع حرب أهلية جديدة بين الشمال والجنوب في حال لجوء أهالي دارفور الى الأسرة الدولية.