هاجم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، مدير «منظمة المعلومات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة- بتسيلم»، التي ترصد انتهاكات إسرائيل في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة حغاي ألعاد، على مشاركته (إلى جانب ممثلين عن حركة «سلام الآن») في جلسة لمجلس الأمن تناولت الاستيطان ودعوته المجلس الى التحرك من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ووصف نتانياهو المنظمة ب «التهريجية والهاذية»، وتوعدها بمنع متطوعين من أداء «الخدمة الوطنية» فيها. وأيدته في طلبه وزيرة القضاء من حزب «البيت اليهودي» راعي الاستيطان أيليت شاكيد التي ادعت أنه «لا ينبغي على الحكومة دعم منظمات تسيء إلى سمعة إسرائيل وتقدم بذلك المعونة لأعدائها في الخارج». وكان ألعاد قدم حقائق وأرقاماً عن مدى التوسع الاستيطاني وانتهاك جيش الاحتلال حقوق المواطن الفلسطيني. وقال إن الحكومات الإسرائيلية ليست في وارد تغيير واقع الاحتلال، «ولا يزال الفلسطيني يستنشق الاحتلال مع كل زفير هواء». وأضاف انه يتحتم على مجلس الأمن، من باب المسؤولية الأخلاقية أولاً، أن يتحرك لإنهاء الاحتلال الممتد منذ نصف قرن لدولة تتباهى بالديموقراطية وتتشدق بالقيم الديموقراطية، لكنها تنتهك حقوق الإنسان لملايين البشر». وشدد على أن «50 عاماً من الاحتلال الموقت هي زمن أطول من اللزوم». وكتب نتانياهو مندداً بالمشاركة في الجلسة، أن «في الديموقراطية الإسرائيلية يُسمح لمؤسسات تهريجية وهاذية مثل بتسيلم بالتعبير عن ذاتها ودعوة مجلس الأمن إلى التحرك ضد إسرائيل، وما فشلت هذه المنظمات في تحقيقه من خلال انتخابات ديموقراطية في إسرائيل فإنها تحاول تحقيقه من خلال الإكراه الدولي... إنه تصرف غير لائق». وكرر لازمته بأن جذور الصراع لا تكمن في المستوطنات والاحتلال «كما ادعى مدير بتسيلم»، إنما «برفض الفلسطينيين المتواصل الاعتراف بدولة إسرائيل بحدود معينة». وزاد أن الفلسطينيين يهاجمون إسرائيل قبل إنشاء المستوطنات (في الضفة الغربية) «ويطالبون بحق العودة ليس فقط إلى تلك الضفة الغربية وقطاع غزة إنما أيضاً إلى يافا وعكا وحيفا، وهذه المطالبات تدعم التحريض الإجرامي الموجه لنا منذ إقامة الدولة». وتسابق أركان الأحزاب الصهيونية المختلفة، في الائتلاف والمعارضة (باستثناء ميرتس)، في شن هجوم شديد اللهجة على «بتسيلم» ومديرها. وأعلنت وزيرة القضاء أنها بصدد طرح مشروع قانون يمنع متطوعين من أداء «الخدمة الوطنية» في منظمة تسيء إلى سمعة إسرائيل. وطالب وزير السياحة ياريف لفين النظام القضائي بالعمل ضد «بتسيلم»، وقال في مقابلة مع القناة السابعة: «لا يوجد أي دولة في العالم ستقبل تصرف كهذا. مواطن من الدولة يتجول في العالم ويطالب بالعمل ضد الدولة التي يحمل جنسيتها، هذه خيانة». واعتبر مدير سلكة الخدمة الوطنية» ما قام به مدير «بتسيلم» خيانة وتجاوزاً للخطوط الحمر. وقدم عضو بارز في حزب «المعسكر الصهيوني» شكوى إلى الشرطة الإسرائيلية ضد منظمة «بتسيلم» بداعي أنها مست بسيادة الدولة من باب الخيانة. في المقابل، انتقدت زعيمة «ميرتس» زهافة جالؤون تحريض نتانياهو وسائر قادة الأحزاب على «بتسيلم»، وقالت إنه كان جديراً بالمنتقدين أن يواجهوا الحقائق التي طرحتها «بتسيلم» ضد الاحتلال، «لكن الحكومة اختارت إخراس المنظمة ومثيلاتها». كما أعلن قادة «القائمة المشتركة» دعمهم «بتسيلم» ومديرها، وقال رئيسها النائب أيمن عودة إنه فخور بالمدير العام ل «بتسيلم» على جرأته كإسرائيلي في الوقوف أمام مجلس الأمن والتحدث عن واقع الاحتلال. واعتبر النائب الدكتور يوسف جبارين أن هجوم حكومة نتانياهو على المنظمة هو جزء من حملة نزع الشرعية عن منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل. وقال إلعاد للإذاعة العامة أمس إنه لم يُلقِ خطاباً ضد إسرائيل إنما ضد الاحتلال، «والاحتلال ليس مسألة إسرائيلية داخلية، إنما قضية دولية وتنبغي مقاومته في إسرائيل والخارج»، مشيراً إلى أن الدول التي شاركت في الجلسة، بينها دول صديقة لإسرائيل، نددت بالاحتلال. وأضاف في مقال في «هآرتس» إنه طرح موضوع الاحتلال من «أجل مستقبل إسرائيل ومواطنيها، ومستقبلها هو مستقبلي، وعليه فإن الاحتلال هو كارثة». وزاد: «تناولت الموضوع في مجلس الأمن لأن واقع الاحتلال لن يتغير ما لم يتدخل العالم، ومثل هذا التدخل مشروع كما كل تدخل يتعلق بحقوق الإنسان، وبالتأكيد عندما يكون الحديث عن سيطرتنا على شعب آخر... وحكومتنا المتعجرفة تدرك هذه الحقيقة لكنها تنشغل بالتخويف وتحارب أي تدخل في هذا الشأن وتحاربنا». وأردف أن المجتمع الإسرائيلي لن يفيق بنفسه ومن دون مساعدة من كابوسه، «وهناك آليات كثيرة تعمل على إخفاء العنف الذي نمارسه في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة... مع مرور كل يوم نقضم فلسطين، فإننا في الوقت ذاته نهدم بأيدينا شرعية دولتنا». وختم: «ماذا تتوقع حكومتنا من الفلسطينيين... كتاب استسلام؟ أو أن يختفي الفلسطينيون؟ هم لن يختفوا». إلى ذلك، دعا زعيم حزب «شاس» الديني الشرقي المتزمت وزير الداخلية أرييه درعي، اليهودَ إلى الصلاة في «جبل الهيكل» (باحة المسجد الأقصى) بعد غد «رداً على قرار منظمة يونيسكو نفي العلاقة التاريخية والدينية لليهود بجبل الهيكل».