تقود وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التحرك الديبلوماسي باتجاه اطلاق المفاوضات المباشرة في ظل تفاؤل بين المسؤولين الأميركيين بأن هذه المفاوضات ستنطلق «في وقت عاجل»، وتأكيد أوساط مطلعة ل «الحياة» أن المبعوث جورج ميتشل يتطلع الى «محادثات ذات سقف زمني محدد للوصول الى اتفاق على حل الدولتين»، وأن أحد الاجراءات للالتفاف على التعقيدات في تطبيقها «هو في اعطائها خطوات تنفيذية مرحلية»، وهو ما يدعمه مستشار الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض دنيس روس. وتعكس تصريحات المسؤولين الأميركيين وأجواء وزارة الخارجية الأميركية استعجالاً لاستئناف المفاوضات قبل انتهاء فترة تجميد الاستيطان الجزئي نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، اذ يؤكد مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى ل «الحياة» أن «توقعات الادارة الأميركية هي في قيام (رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين) نتانياهو بتجديد التجميد الاستيطاني في حال بدأت المفاوضات المباشرة»، ما يفسر الضغط الأميركي في هذا الاتجاه. ويشير الديبلوماسي الذي التقى أخيراً أركان الادارة الأميركية، أن هناك محطات بغاية الأهمية نهاية الشهر المقبل، بدءاً من انتهاء التجميد الجزئي للاستيطان، ومن ثم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفتح الاحتمالات على قمة ثلاثية أخرى بين أوباما والرئيس محمود عباس ونتانياهو وسخونة ملفات إقليمية أخرى على الساحتين اللبنانية والايرانية. ومن هذا المنطلق، تحاول واشنطن في استراتيجتها للدفع بالمفاوضات المباشرة «انقاذ فرص تمديد التجميد الاستيطاني» الذي «لا يمكن أن يتم من دون استئنافها» و«تحصين عملية السلام والوضع الفلسطيني - الاسرائيلي» من أية ارتدادات اقليمية قد تحدث في المرحلة المقبلة. ويتجه التصور الأميركي بحسبما وضعه ميتشل الربيع الماضي، الى الدخول في مفاوضات مباشرة لمدة عامين، والوصول الى اتفاق مع السلطة الفلسطينية تنبثق منه دولة على حدود عام 1967 مع «تبادل متفق عليه» في شأن الأراضي يحفظ الحقوق «الجوهرية» للطرفين. ويتطلع ميتشل الى بدء المفاوضات بالتركيز على مسألة الحدود، علماً انه كما اشار مسؤول أميركي ل «الحياة»، فإن كل «قضايا الحل النهائي» سيكون على الطاولة، وأن التوصل الى «تصور مشترك» على الحدود سيحل بطريقة غير مباشرة الجدل في شأن مسألة الاستيطان، وبالتالي يهيئ لاحراز تقدم في باقي الملفات ويبني الثقة بين الطرفين. وتساعد العلاقة المتحسنة بين البيت الأبيض ونتانياهو في ازدياد ثقة واشنطن بإمكان الوصول الى اتفاق كهذا قبل نهاية ولاية أوباما الرئاسية (2012)، كما تأتي قراءة واشنطن للمناخ الاقليمي وتطلعها لتعاون عربي، خصوصاً من مصر والأردن، لدعم عباس والسلطة الفلسطينية في هذه المحادثات. ولا ينفي مسؤولون في الادارة حجم التعقيدات أمام العملية السلمية، بدءاً من الوضع الداخلي الفلسطيني والاشكاليات على الأرض، انما ينوِّهون بالتقدم الأمني على الأرض وبأن السنتين الأخيرتين عرفتا استقراراً أمنياً ملحوظاً بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، وأن اعطاء أي اتفاق «جداول مرحلية» للتطبيق لناحية الالتزامات الأمنية والسياسية سيساعد في تنفيذها. وتنقل مصادر موثوقة أن روس هو من المؤيدين لصفة «المرحلية» في أي اتفاق، ومن أكبر المساهمين اليوم في تحسين العلاقة بين أوباما ونتانياهو. وينظر المسؤولون الأميركيون الى الوضع الاقليمي كفرصة للضغط على اسرائيل لتقديم تنازلات في عملية السلام، يكون البديل لها تشدد أميركي في الموضوع الايراني وانقاذ حل الدولتين. وتداولت تقارير اعلامية أمس أن كلينتون تدرس فكرة التوجه الى القاهرة لاطلاق المفاوضات المباشرة في قمة ثلاثية بين عباس ونتانياهو يرعاها الرئيس حسني مبارك.