سلمت إسرائيل أمس إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ردها على "تقرير غولدستون" الذي اتهمها بارتكاب جرائم حرب خلال عدوانها على قطاع غزة مطلع العام الماضي. وتضمن التقرير التزاماً إسرائيلياً بأن الدولة العبرية "ستتخذ في الحروب المقبلة إجراءات لتفادي إصابات مدنيين" وأن جيشها أدخل تعديلات على "العقيدة القتالية" والتعليمات الصادرة لجنوده خلال القتال في مناطق مأهولة، بهدف تفادي المساس بالمدنيين وبالممتلكات، منها تقييد استخدام قنابل الفوسفور الأبيض التي أغرق بها القطاع خلال الحرب. وبين التعليمات الجديدة أن يرافق كل وحدة عسكرية قتالية "ضابط للشؤون الإنسانية" وأن تكون "حماية المدنيين جزءاً لا يتجزأ من المهمة الملقاة على القادة العسكريين الميدانيين". وشمل التقرير نتائج التحقيقات الداخلية التي أجراها الجيش الإسرائيلي في الشكاوى التي قدمت ضده، وحول ما جاء في "تقرير غولدستون". واشار الرد الإسرائيلي إلى أن الجيش حقق في 47 ملف جنائي تتعلق بسلوك غير قانوني لجنوده خلال الحرب لكن التحقيقات أثمرت عن تقديم لائحة اتهام واحدة فقط ضد جندي بتهمة التسبب في قتل مدني. وكان تقرير غولدستون أكد توافر أدلة لانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان نفذها الجيش الإسرائيلي في حربه "وربما أيضاً جرائم ضد الإنسانية". وشدد التقرير على أن إسرائيل عملت على سلب الفلسطينيين حق العمل والسكن ومنعت عنهم المياه وحرية الحركة والتنقل من وإلى القطاع ولم تتح لهم إسماع صوتهم أمام المحاكم، "ما يمكن اعتباره جريمة ضد الإنسانية". وتسعى إسرائيل من خلال تقديم الرد إلى إظهار استعدادها للتعاون مع الأممالمتحدة لخشيتها من أن تتخذ الجمعية العمومية للأمم المتحدة قراراً بتحويل "تقرير غولدستون" إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. كما تسعى إلى إقناع الأمين العام للأمم المتحدة بعدم إرسال لجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لفحص صدقية التحقيقات الإسرائيلية الداخلية في كل ما يتعلق بالحرب على غزة. كما تخشى من أن تتوصل لجنة كهذه إلى استنتاج بأن التحقيقات ليست جديدة ولا يمكن اعتماد صدقيتها ما يمس بسمعة جهاز القضاء الإسرائيلي في العالم. وقال تقرير اسرائيلي جديد عن حرب 2008-2009 على قطاع غزة إن الجيش الاسرائيلي يتخذ خطوات لتقليل حجم الخسائر في الارواح بين المدنيين في الحروب مستقبلا وسيفرض قيودا على استخدام الفوسفور الابيض. وقال مسؤولون بالاممالمتحدة إن التقرير المؤلف من 37 صفحة - والذي بث في موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية على الانترنت- سلم إلي الامين العام بان جي مون يوم الاثنين إمتثالا لقرار أصدرته الجمعية العامة للمنظمة الدولية. كما قدم وفد السلطة الفلسطينية لدى الاممالمتحدة تقريرا الى مكتب الامين العام لكن لم يتح على الفور الاطلاع عليه. وقال التقرير الاسرائيلي "قوات الدفاع الاسرائيلية... نفذت تغييرات في اوامرها للعمليات وتعاليمها القتالية بهدف مواصلة تقليل الاصابات بين المدنيين والاضرار بالممتلكات المدنية في المستقبل. "وبصفة خاصة فإن قوات الدفاع الاسرائيلية تبنت اجراءات جديدة هامة تهدف الى تعزيز الحماية للمدنيين في العمليات الحربية في المدن .. وعلى سبيل المثال بمواصلة التأكيد على ان حماية المدنيين هي جزء لا يتجزأ من مهمة قادة وحدات قوات الدفاع الاسرائيلية." ومن بين تلك الاجراءات سيجري إلحاق ضابط للشؤون الانسانية بكل وحدة مقاتلة. وقتل حوالي 1400 فلسطيني و13 إسرائيليا في الحرب التي شنتها اسرائيل في ديسمبر/ كانون الاول 2008 ويناير /كانون الثاني 2009 على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس الاسلامية (حماس) والتي استهدفت إنهاء الهجمات التي يشنها نشطاء فلسطينيون بالصواريخ عبر الحدود. ومن جانبها نفت حماس ان مقاتليها ارتكبوا جرائم حرب لكنها قالت انها تأسف لمقتل مدنيين اسرائيليين. وكان غالبية القتلى الاسرائيليين في الحرب من الجنود. وطالب قرار اصدرته الجمعية العامة للامم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 بأن تجري اسرائيل والفلسطينيين تحقيقات ذات مصداقية في مزاعم عن جرائم حرب اثناء حرب غزة. وقالت اسرائيل ايضا في تقريرها الجديد إنها تخطط لفرض قيود على استخدام اسلحة الفوسفور الابيض وهي ذخائر تطلق ستارا من الدخان يمكن ان تسبب حروقا شديدة. ونتيجة للانتقادات التي وجهت لها لاستخدامها الفوسفور الابيض في حرب غزة فرض الجيش الاسرائيلي بشكل اجباري مناطق عازلة تصل مساحتها الى بضع مئات الامتار وحظر استخدام المادة قرب مواقع حساسة. وقال التقرير ان استخدام الفوسفور الابيض لا يزال قانونيا لكن قوات الدفاع الاسرائيلية راجعت شروط استخدامه. وقال التقرير "نتيجة لذلك قوات الدفاع الاسرائيلية بصدد فرض قيود دائمة على استخدام الذخيرة التي تحوي الفوسفور الابيض في مناطق الحضر." ولم يصدر رد فعل حتى الان من الاممالمتحدة على التقرير الاسرائيلي.