تفاجئ جدة التاريخية في كل عام من رمضان الجميع بمهرجانات تحتضن الكثير من الذكريات القديمة، والتي يتسابق لها الصغار قبل الكبار وتجذب الانتباه والعينين لتتأمل شكله من الخارج المزين بالإضاءة والفوانيس والنجوم التي تصف الأجواء الرمضانية، ومبانيه ذات الطراز التاريخي وتصميمه بالزخارف الإسلامية وألوانه المتناسقة التي تشعرك بالماضي الجميل. في مهرجان «رمضاننا كدا» في نسخته الثالثة يحدث أعجوبة جديدة ومفاجآت أيضاً للصغار، ويشعر حمزة جاسر (ستة أعوام) بالسعادة والحماس لزيارته المهرجان، يقول: «أول مرة أقوم بزيارته وأعجبني كثيراً لاحتوائه على العديد من الأشياء التي لم أكن أعرفها عن الحجاز، وأكثر ما نال إعجابي السيوف والبندقية وأدوات الحرب القديمة، وأشعرتني الأجواء برمضان وروحانيته وكيف كان يفرح الناس به في الماضي من خلال زياراتهم وبساطتهم ومساعدتهم لبعضهم». ويرى حمزة بأن مثل هذه المهرجانات مهمة جداً لأنها تثقف وتعلم المجتمع الصغار والكبار بطرق محببة ومبسطة لهم يشاهدونها على أرض الواقع، ويتمنى أن يكون هناك مهرجان لكل مدينة يعكس ويجسد تراثهم وعاداتهم خلال شهر رمضان. في حين تستمتع ريم عبدالرحمن (11 عاماً) عندما تقوم بالبيع مع خالاتها، تقول: «أول مرة أقوم بهذه التجربة والحمد لله كان هناك إقبال كبير جداً ولم أتوقع أن استمتع بالبيع لهذا الحد، فالزوار يحترموني وأعجبتهم العرائس التي أبيعها وتعرفت أيضاً على بعض الأصدقاء، كما اكتسبت خبرة ومعرفة في هذا المجال»، متمنية أن يكون هناك مهرجان للأطفال المنتجين ليقوموا بعرض وبيع أعمالهم كالصور والأعمال اليدوية والطبخات وغيرها من الأعمال التي يتقنون صنعها. بينما تقول رندة العنزي (ستة أعوام): «أعجبني المهرجان كثيراً خصوصاً المأكولات الحجازية لأنها لذيذة، كما أعجبتني أشكال المنازل وتصميمها وألوانها فالتقطت لها العديد من الصور لأشاركها مع أصدقائي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والملابس التراثية الرجالية والنسائية، وأتمنى إضافة مسرح صغير للطفل في المهرجان يجمع بين المتعة والتسلية والثقافة، ويحتوي على الألعاب والمسابقات والشخصيات الكرتونية القديمة والجديدة». أما شقيقها عمر (13 عاماً) فقد نالت السيارات والدراجات القديمة إعجابه، يقول: «كانت هذه أول زيارة لي للمهرجان مع عائلتي، وسأحرص على زيارته مرة أخرى لو سمحت لي الفرصة لألتقط الصور ليتعرف عليها أبنائي في المستقبل بإذن الله، وأنصح الأطفال بالذهاب لمثل هذه الأماكن التاريخية ليتعرفوا على التراث والثقافات المختلفة». وأشارت إحدى الزائرات عبير الباهلي إلى تزاحم الزوار عبر بوابة الدخول الذين جاؤوا ليستمتعوا ويتعرفوا على تاريخ وثقافة مدن الحجاز العريقة وعادات وتقاليد أهاليها بطريقة تجمع ما بين الحاضر والماضي، فعن اليمين واليسار ومن الأمام والخلف ينادي البائعون ويرحبون بالزوار بطريقتهم ولهجتهم الخاصة لمهرجان «رمضاننا كدا». إضافة إلى معرض لوحات الصور الأثرية ومعرض السيارات والدراجات القديمة ليشاهدوها ويلتقطوا الصور التذكارية بجانبها، ولا سيما الفرق المتجولة كالفرقة العسكرية والأطفال الذين يتجولون ويلعبون مرددين أناشيدهم ليعبروا عن فرحتهم ومدى سعادتهم، فضلاً عن وجود مكتبة جدة التي تحمل بين أرففها كماً من الثقافات المختلفة». كما بينت أن هناك ركن جدارية الرسم الممتلئ بالألوان والأشكال وبرحة الفنون، كما قامت الأسر المنتجة بدور مهم في المهرجان ولاقت إقبالاً كبيراً، والأهم من ذلك المقاهي الشعبية التي تميزت بجلساتها ومأكولاتها التراثية الحجازية ورحابة صدر العاملين فيها وترديدهم لأهازيج أهل الحجاز الرمضانية، فجميع هذه الأجواء استطاعت توصيل التراث الحجازي ليصبح خالداً في الأذهان بصورة جميلة.