الفنار للمشاريع تفوز بجائزة المشروع الصناعي للعام ضمن جوائز ميد للمشاريع    رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يناقشون الوضع في أوكرانيا والشرق الأوسط    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    ارتفاع أسعار النفط    رئيس الوزراء الأسترالي يدين هجوم بوندي بيتش بوصفه "شرا محضا"    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    60.9 مليون سائح في ستة أشهر.. ترسخ المملكة وجهة عالمية    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    براك يزور تل أبيب لمنع التصعيد بالمنطقة    رابطة العالم الإسلامي تدين الهجوم الإرهابي بمدينة سيدني الأسترالية    الفضلي يرأس اجتماع «الأمن الغذائي»    «علم» شريك بمؤتمر البيانات والذكاء الاصطناعي.. «سدايا» تعزز الابتكار بمجالات التعليم وبناء القدرات    تخطى الإمارات في نصف النهائي.. أخضر23 يواجه العراق في نهائي كأس الخليج لكرة القدم    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    أطلقها الأمير فيصل بن مشعل.. مبادرة لتعزيز الأعمال والتقنية بالقصيم    دعت جميع الشركاء في المنظومة لتفعيل البرنامج.. «الموارد»: 5 مجالات لتعزيز التنمية الشبابة    الزلفي.. مبادرات وتميز    "تعليم الطائف" ينفذ برنامجاً ل80 حارساً ومستخدماً    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق رسائل توعوية ويؤكد جاهزية منشآته تزامنًا مع الحالة المطرية    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    حائل: تعزيز الشراكة بين "الأمانة" و"الجامعة"    جولات لصيانة المساجد بالجوف    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    لغتنا الجديدة    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    10.86% نمو قروض الأمن الغذائي    الأحمدي يكتب.. وابتسمت الجماهير الوحداوية    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    أخضر "تحت 23" يهزم الإمارات ويبلغ نهائي الخليج    ‫رينارد: علينا التركيز والحذر    الراجحي يدشن صالونه الأدبي الموسمي ويحتفي بضيوفه بمنتجعه بالرياض    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الصين    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    إمارة منطقة تبوك تشارك ضمن معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن) في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل بالصياهد    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    أمير جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    استعدادت لانطلاق النسخة الأولى من المؤتمر الدولي للأوقاف    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    لا تكن ضعيفا    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    أمير الرياض يستقبل رئيس المحكمة الجزائية المعين حديثًا بالمنطقة    محافظ الأحساء يكرّم عددًا من ضباط وأفراد الشرطة لإنجازاتهم الأمنية    تجمع القصيم الصحي يحصد ثلاث جوائز وطنية في الرعاية الصحية المنزلية لعام 2025    فهد الطبية الأولى عالميًا خارج الولايات المتحدة كمركز تميّز دولي لعلاج الجلطات الرئوية (PERT)    السعودية تدين هجوما إرهابيا استهدف قوات أمن سورية وأمريكية قرب تدمر    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    العزاب يغالطون أنفسهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرياض في ذاكرتي
نشر في الحياة يوم 12 - 04 - 2010

أريد أن أبتعد عن الكتابة في الشؤون السياسية. سأنسى موقتاً محادثات تشكيل الحكومة العراقية، وأتجاهل الانتخابات السودانية، لأنها محسومة سلفاً. أريد أن أغوص في ذاكرتي، وأعود بها إلى الوراء، لأكتب عن الأماكن التي كنا نرتادها الأماكن التي شهدت نزق الشباب، وبدايات القراءة غير المتخصصة. أريد أن أكتب عن المقاهي والمكتبات، التي تعرفت فيها على أدب عبدالرحمن منيف، وقرأت فيها للمرة الأولى دوستوفيسكي وبريخت وصموئيل بيكت. لا أريد أن أتحدث عن شيء لا ينتمي إليّ. أريد أن أحفر ذاكرتي بقلمي، لأستل من مخازنها تلك اللحظات الجميلة، التي كنا فيها نبادل الرياض وشوارعها حباً بحب، بعدما جاء بعدنا جيل، بعضه يبادلها النار بالنار، أو - على أحسن تقدير - بشعارات ورؤى صنعت في أماكن لا تكن لهذه المدينة الحالمة الخير.
ساحرة هذه المدينة. في النهار تراها ورشة عمل، وفي الليل تتحوّل إلى سيمفونية ضوء. قبل نحو عقدين ونيف، كان شارع الستين في حي الملز، واحداً من أشهر شوارعها. اليوم أصبح في مدينة الرياض عشرات الشوارع التجارية التي تزيّنها «المولات» والمتاجر الراقية. قبل عقدين ونيف تقريباً، كنا نتسابق على الجلوس على طاولة في كافيتيريا الكوخ، وكانت ثمة سيارات فارهة تمرّ في ذلك الشارع الجميل، الذي يقع في موازاته شارع تجاري آخر هو شارع المتنبي، وهو شارع يكتظ بالمتسوقات من بعد المغرب وإلى منتصف الليل. كما لم تكن مطاعم الرياض بهذه الكثرة المخيفة اليوم. في الهزيع قبل الأخير من الليل، كنا نتوجه إلى مطعم العندليب في شارع الوشم، وهو – إن لم تخني الذاكرة – أول مطعم في الرياض يقدم «البروستد». اليوم في كل زاوية من زوايا الرياض مطعم ل«البروستد»، وإلى جواره مطعم ل«البخاري»، وتحوّلت المقاهي القديمة على قلتها إلى «كافيهات»، وافتقدنا طعم البن الحقيقي، وذهبت ثقافة المقهى ضحية لرواد جدد أدمنوا «الموكا» و«الكابتشينو»، وفي أحسن الأحوال لرواد يبحثون عن المعسل و«غرغرة» الماء، وهو يعانق دخان «الشيشة» في زجاجة أشبه ببلورة الساحر.
قبل سنوات عدة، كنت أتواصل مع الأخ والصديق راشد بن جعيثن من وقت لآخر عبر الهاتف، وكلما سألته عن الكيفية التي يقضي بها وقته، يجيبني بأنه يستمتع برؤية الرياض من على قمة جبل طويق ليلاً، خصوصاً أنه يسكن في الجزء الغربي من مدينة الرياض، وبما أنني أسكن في شرقها، جربت أن أرى الرياض من على «طعوس» الجنادرية، فوجدت فيها متعة أغنتني عن زيارة الرياض القديمة، والمرور ب«منطقة قصر الحكم» و«العطايف» و«سوق الزل» و«سوق الحمام» قبل أن يهجرها أهلها. استحكمتني عادة التمتع برؤية الرياض ليلاً لسنوات عدة، لكن ظروف العمل والعائلة أجبرتاني على تركها.
بالأمس القريب قادتني الصدفة إلى شارع الستين، ذلك الشارع الذي كنا نتسكع فيه جيئة وذهاباً في الثمانينات من القرن الماضي، بحثاً عن شيء نجهله وهو معلوم، وأحسست بأننا جيل عاق للأمكنة. أوقفت سيارتي ورحت أمشي على غير هدى، مررت بكافيتيريا الكوخ، فوجدتها أصبحت «خناً»، تجاوزتها باتجاه شارع جرير، وهو الشارع الذي كنا نتسابق إليه للمرور على مكتبة جرير التي تجرأت في ذلك الوقت، وراحت تبيع بعضاً من روايات عبدالرحمن منيف الممنوعة آنذاك. اليوم المكتبة الصغيرة أصبحت شركة كبيرة، وأصبحت الأدوات المكتبية والأجهزة الإلكترونية فيها أكثر من الكتب!
كانت آخر مرة زرت فيها شارع الستين ليلة مقتل زعيم «تنظيم القاعدة» في السعودية عبدالعزيز المقرن ليلة 18 حزيران (يونيو) 2004 في محطة لبيع المحروقات، وكنت أكتب الخبر لصحيفتي على صوت أزيز الرصاص، وإلى جانبي الزميل منيف الصفوقي من صحيفة «الشرق الأوسط»، وزميل آخر (نسيت اسمه) من صحيفة «عرب نيوز». بعد نحو ستة أعوام عدت إلى شارع الستين، الذي كنا نبحث فيه عن شيء نجهله وهو معلوم، فوجدته حزيناً على بريقه الذي اتجه نحو شوارع أغلبها في شمال وغرب الرياض، وأصبحت متاجره مثل عروس ترملت ليلة زواجها. آه كم نحن قاسون على الأمكنة التي احتضنت جزءاً من ذاكرتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.