طرح 42 مشروعا عبر منصة استطلاع لأخذ مرئيات العموم والقطاعين الحكومي والخاص    مدرب نيوم : كنا نعلم ان المباراة ستكون صعبة    سماء السعودية تشهد زخة شهب الجباريات من 2 أكتوبر حتى 7 نوفمبر    شموخ وطن يكرم الدكتور أحمد حمود الغامدي    بدء أعمال المؤتمر الحادي عشر لأحدث مستجدات الأمراض المزمنة بتجمع تبوك    تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة    تباطؤ التضخم العقاري في المملكة إلى 1.3% خلال الربع الثالث 2025    جمعية رعاية الأيتام بنجران تواصل ‏برامجها ‏التوعوية    اللجنة الإعلامية ترفع جاهزيتها لانطلاق فعالية البلوت بنجران    بالتعاون مع الشريك الأدبي نادي ثقات الثقافي يُفعل الثقافة الأدبية في مدارس القلعة الحجازية    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    تكريم الكلية التقنية للبنات بشرورة لمشاركتها في اليوم الوطني 95    ترامب يتعهد بإبقاء الرسوم الجمركية "الضخمة" على الهند    رئيس الوزراء الفلسطيني يبحث خطة إعادة إعمار غزة    انخفاض أسعار النفط    أكدت استعدادها للتسليم عند تهيئة الظروف.. حماس تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي    وزارة الخارجية: المملكة ترحب بتوقيع باكستان وأفغانستان على وقف فوري لإطلاق النار    من «النساج» إلى «الوروار».. الطيور تبهر زوار المدينة    51 قتيلاً و150 مصاباً منذ إعلان وقف الحرب    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    سعود بن بندر يستقبل مشرف البعثة التعليمية في البحرين ومدير تعليم الشرقية    سمو ولي العهد والرئيس الفرنسي يستعرضان هاتفيًا تطورات الأوضاع في قطاع غزة والجهود المبذولة لإنهاء الحرب في القطاع    المنتخب السعودي.. من «منتخب النتائج» إلى «منتخب المنهج»    «كينونيس» يقود القادسية لعبور نيوم واستعادة وصافة روشن    نائب أمير نجران يُدشِّن أسبوع مكافحة العدوى    شراكة مع الخزانة الأمريكية وصندوق أوبك لإعادة البناء.. سوريا تعزز التعاون مع واشنطن والمجتمع الدولي    8.8 تريليونات دولار أصول الصناديق السيادية بالشرق الأوسط في 2030    سعود بن نايف يشدد على التعاون لخفض الحوادث المرورية    عُقل الزلفي.. الأطلال والذكريات    التعليم.. رحلة تبدأ من الجودة    «المساحة» : زلزال الخليج العربي بعيد عن أراضي السعودية    جذب استثمارات هندية في الصناعات المتقدمة    «النقل»: 39 مليون راكب استخدموا قطارات السعودية    طالبات جامعة نورة يتألقن في مسابقة الترجمة الصينية    الأزياء الجازانية.. هوية تنسجها الأصالة وتطرّزها الذاكرة    حين تسرق الثمرة.. ويبقى الجذر صامداً    دعوة إلى استعادة نعمة الملل في زمن الضجيج    مهرجان البحر الأحمر يكشف أفلام دورته الخامسة    بهدف تعزيز الشفافية والحوكمة في جمع التبرعات.. لائحة جديدة لتنظيم إنشاء وتمويل الأوقاف    محافظ الأحساء يستقبل مساعد قائد قوة أمن المنشآت في الشرقية    ولي العهد يعزّي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    بطاقة الأولوية لم تعد أولوية !!    الرياض تحتضن ختام مؤتمر رؤساء وأمناء الاتحادات الآسيوية لكرة القدم 2025    "التحالف الإسلامي" يعقد دورة تدريبية وورشة عمل حول "التعامل مع التطرف الفكري في البيئة التعليمية" في المالديف    تداول ينخفض 5 نقاط    وصافة مستحقة    أفغانستان وباكستان : ملتزمون بوقف النيران    أسياد البحرين 2025: أخضر اليد يكتسح المالديف.. وأخضر الصالات يتعادل مع البحرين    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    أمير الشرقية يكرم مواطنين لإخمادهما حريقا في محل تجاري بالجبيل    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    لا مال بعد الموت    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ينفّذ حملة وقائية ضد الإنفلونزا الموسمية في صبيا    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضد المواطنة... ليس «الوطن للجميع»!
نشر في الحياة يوم 15 - 03 - 2010

«الوطن للجميع»، نعم هو ذلك وبلا أدنى شك لكن كيف يكون «الوطن للجميع» ومتى يكون؟ ومتى لا يكون؟! وهل جاءت هذه المقولة في وقت أن هناك «من» قد يقوّض تحقق «الوطن للجميع»؟!
ما أن يحضر حديث حول مفهوم «المواطنة» حتى يتم مزاحمتها بمفاهيم «الأخوة» و«الجماعة» و«السبيكة القومية» و«الوحدة الأممية»، وفي كل هذه المفاهيم ينتهي تماماً «المواطن» لمصلحة مفاهيم جمعية وجماعية، يصير فيها «الكل في واحد»، إذ تمارس تقاليد التمييز والتعصب والتفرقة، فلا يعد «الوطن للجميع»!
يأخذ الحديث عن أهمية مفهوم المواطنة بمعناه الدقيق كخط دفاع أول أمام أية محاولات لزعزعة استقرار الأوطان والمساس بوحدتها الداخلية من خلال تغذية النعرات القبلية أو الطائفية والمذهبية أو الاتجاهات والمواقف الفكرية داخلها.
فالمواطنة توفر مظلة كبيرة لمكونات الوطن كافة، التي قد تختلف في ما بينها من حيث الانتماء إلى قبيلة أو طائفة أو مذهب أو موقف فكري مختلف، فحقيقة الأمر أن شعور الجميع بأنهم مواطنون ينتمون إلى وطن واحد يفرض سمو رابطة المواطنة على الانتماءات الأخرى من دون إلغائها.
لم يُعوّق تبيئة مفهوم «المواطنة» في المجتمع السعودي بمحض المصادفة، أو فقط لأن هناك من لم يدرك بأهميتها وجدواها، أو حتى لأن هناك شعارات تنادي وترى في ما يتنافى مع قيم المواطنة ما هو صواب وخير للإنسان وصلاح في دنياه وآخرته، ومهما كانت جدارة تلك الأسباب جميعها، وغيرها معها، فإن هناك من السبب الرئيس الذي يستحوذ على قناعات أصيلة تعوق تبيئة مفهوم المواطنة بحجة عدم وجود تأصيل شرعي لمفهوم «المواطنة».
فكيف نبحث عن هذا التأًصيل الشرعي ومفهوم «المواطنة» من المفاهيم الحديثة التي تبلورت في إطار الدولة الحديثة!
يُرد ضعف التأصيل الشرعي للانتماء الوطني «بسبب ضيق النظرة لمفهوم الانتماء الوطني فمعظم التأصيل الشرعي ينطلق من قيمة الارتباط بالأرض التي ولد فيها الإنسان وعاش، ويغفل تحديد القيم المطلوبة للانتماء الوطني ثم يؤصل لها شرعاً».
القاعدة الأصولية القائلة ب «درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة» تحتم علينا التأمل في ما أثبتته التطورات التي شهدتها المنطقة العربية أخيراً، الأهمية القصوى لمفهوم المواطنة في وقت ذاع فيه الحديث عن محاولات لإعادة تشكيلها من خلال عملية تستهدف تفكيك الكيانات القائمة وإعادة تركيبها.
في قراءة سريعة للمشهد العراقي، التي تقودنا إلى أن واقع التناحر والاحتراب الطائفي كان نتيجة مفادها التراجع الواضح في مفهوم «المواطنة» وعدم تقديم درء المفسدة من زاوية كونه مظلة تسمو فوق الخلافات المذهبية والطائفية وتوحد الجميع في إطار كلي شامل لا ينفي الجزء وإنما يجبه.
أفسح تراجع مفهوم المواطنة والفرز الطائفي لمكونات العنصر الديموجرافي في العراق المجال أمام تسلل، بل وتعاظم، النفوذ الإيراني فيها، كما انعكست حال الفوضى الأمنية على تماسك الجبهة الداخلية، إذ لم يعد هناك تهديد أو خطر مشترك يجمعها، بل تعددت التهديدات وفقاً لمدركات وحسابات القوى الفاعلة على الساحة وفي هذا السياق، وجدت الجماعات والتنظيمات المتطرفة تربة خصبة لمزاولة أنشطتها في إطار حرب مفتوحة، لا صلة للعراق بها، مع الوجود العسكري الأميركي في البلاد، وكانت المحصلة النهائية لكل هذه التطورات أن أضحت العراق الساحة الرئيسة للحرب ضد «الإرهاب» استناداً للعرف الدولي، أو الحرب ضد «الصليبيين» استناداً إلى مفردات تنظيم القاعدة!
إذاً، الأصل في «المواطنة»: «أن يتم تكييفها فقهياً في المرتبة الأولى، ثم بعد ذلك بتأصيلها من منطلق «فقه المصلحة» أولاً، وهي مصلحة العيش المشترك بين مكونات المجتمع، ثم في الخطوة الثانية تقدير المفاسد في حال عدم وجود العيش المشترك، ووجوب درئها لما تفوته من مصالح وضروريات شرعية، ثم في مرحلة ثالثة «قياس» إقرار الديانات السابقة «اليهود والنصارى» بل وحتى «المنافقين» والتعايش معهم كما جاء في السيرة النبوية وحفظ حقوقهم من منطلق «لا إكراه في الدين»، ومن المعلوم أن المخالفين من أهل القبلة يشملهم ذلك من باب أولى».
خطورة عدم حسم الموقف الشرعي للانتماء الوطني بتأصيل قوي، في المقابل توجد هناك من المعارف والمعلومات التي تؤسس لرؤية تناحرية صراعية بين القيم الدينية والوطنية ممّا قد آل إلى إشكال مسألة «أن الوطنية ليست من الدين»! فأغلق بذلك على «المواطنة» أبواباً موصدة بشمع أحمر فقوّض تحقق «الوطن للجميع»!
غياب «المواطنة» يجعل كل عنصر داخل المركب الحضاري المتنوع في إطار الوطن الواحد يرتد إلى دائرة حركته الخاصة الضيقة: القبيلة والمذهب...، لأن العالم الرحب أو الأوسع «الوطن» فيه ما يعوق ممارسة المواطنة، فالفرد إذا ما ظل يتحرك في إطار أنه لا يوجد آخر، وأن دائرة حركته الأولية – القبيلة والمذهب... – هي العالم، فإنه لن يرى إلا ثقافته فقط ومن ثم يتصارع كل طرف ضد الطرف الآخر وينفي كل طرف منهما الآخر أو على أحسن تقدير يتجاور كل طرف مع الطرف الآخر من دون أي تفاعل أو فعل مشترك.
الاحتراب الفكري الذي يجنّد الكلمة أو السلاح المعنوي من فئة أسلحة الدمار الشامل لتصنيف وإقصاء الطرف غير المتفق معه لا يقل خطورة عن واقع الطائفية أو المذهبية المسلحة بالسلاح المادي! فكلاهما: «يمارس لعبة شد الحبل على خط المجتمع والكل يحاول الانتصار لنفسه عبر التراجع والعودة للوراء لتحقيق الانتصار ويظل الخط الثقافي للمجتمع نقطة لا يعيرها أحد الاهتمام ولذلك تذهب المجتمعات واستقرارها ووحدتها ضحية شد الحبل لتحقيق التراجع»! المقولات العظيمة التي تصدر عن عظيم ليست بحاجة إلى التصفيق أو التبجيل بقدر التوقف والمراجعة، كالمقولة العظيمة التي ألقاها الملك العظيم في نص خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – الأخير - أمام مجلس الشورى «الوطن للجميع»... هي بلا شك تجسيد حقيقي لمفهوم «المواطنة» والأهم توجيه ومنهاج عمل... فهل عمَلنا بها؟!
أكاديمية سعودية - باحثة في شؤون الأمن الفكري[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.