كشف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنه دعا إلى اجتماع الأسبوع المقبل لوزراء خارجية ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا ودول الخليج والأردن لمحاولة تحقيق تقدم بناء على نتائج اجتماعات فيينا التي عقدت أمس، مشيراً إلى أنه أجرى اتصالاً بكل من نظيريه الأميركي جون كيري والسعودي عادل الجبير اللذين شاركا في اجتماعات فيينا. وجاء كلام فابيوس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الذي قال إنه أجرى أيضاً محادثات في روسيا والولايات المتحدة وإن عاملين غيّرا المعادلة السورية وهما قضية اللاجئين التي حرّكت أوروبا والتدخل العسكري الروسي في سورية. وقال دي ميستورا: «طبعاً الأولوية هي لمحاربة داعش، ولكن مقاومة داعش والإرهاب ينبغي أن تواكبها عملية سياسية واضحة وأن يتحركا معاً، وإلا فإن السير في واحدة من دون الأخرى سيؤدي إلى مزيد من الإرهاب. إذن هذا هو الوقت المناسب لتحقيق تقدم والتحرك، خصوصاً أن لروسيا تاثيراً كبيراً في سورية، كي يكون هناك حل سياسي لإنهاء الحرب في سورية. الأممالمتحدة ستقوم بدورها، وعليها (جهود الحل السياسي) أن تتضمن الجميع المعني بهذا الموضوع ومن بينهم إيران». وسألت «الحياة» فابيوس عن موقف فرنسا مما يتم تداوله حالياً في شأن الموافقة على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد لبضعة أشهر خلال المفاوضات ولكن من دون سلطات، فأجاب: «ينبغي علينا أن نكون متجانسين بالنسبة إلى ما نقوله، فالشخص الأساسي المسؤول عن الفوضى وعن سقوط أكثر من 250 ألف قتيل لا يمكن أن يكون هو الشخص الذي يأتي بالحل. وهنا أوافق على ما قاله دي ميستورا بأسلوب ديبلوماسي، إذ إننا لو قدّمنا بشار الأسد بوصفه مستقبل سورية فهذا من شأنه أن يُلقي بكل المعارضين لبشار الأسد والمعارضين أيضاً للإرهاب في صف الإرهابيين. إذن يجب أن يتيح الحل السياسي توقّعاً آخر. أما الآن (حتى) إذا طُلب من الأسد أن يعتذر أمام العالم لن نصل إلى حل. الديبلوماسيون يقومون بدورهم ولكن عليهم أن يكونوا واضحين أن الحل السياسي سيؤدي إلى واقع آخر غير أن يكون مجرم هو مستقبل الدولة». وقال فابيوس: «إننا نأسف لأن أهم الضربات التي تقوم بها روسيا موجهة ضد المعارضة المعتدلة وليست ضد داعش. وفي هذا الإطار، مهمة دي ميستورا بالغة الأهمية لأنه حاول إيجاد حل، ونحن نؤيده في ذلك». إلى ذلك، قال مصدر ديبلوماسي فرنسي إن دي ميستورا قدّم لفابيوس نتائج اتصالاته في موسكو وواشنطن ومع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القاهرة، مضيفاً أن الطرفين الفرنسي والأممي يلاحظان في هذه المرحلة أن ليس هناك استراتيجية خروج من الصراع لدى روسيا. ولفت المصدر إلى أن روسيا تتكلم عن ثلاثة إلى أربعة شهور من التدخل العسكري على الأرض لكنها لا تعرف كيف ستذهب إلى المسار السياسي بعد انقضاء هذه الفترة. وتابع المصدر أن فرنسا طرحت مجموعة اسئلة حول استراتيجية الخروج من هذا الصراع وكيفية الوصول إلى مسار سياسي في ظل العقد القوية الموجودة وفي طليعتها مسألة بقاء الأسد، موضحاً أن ليس هناك من موقف روسي واضح من هذا الموضوع الذي تعتبره فرنسا أخلاقياً إضافة إلى كونه يطرح مسألة فعالية الحل السياسي (إذا بقي الأسد في السلطة). وزاد المصدر أنه وفق التقويم الفرنسي أي استقرار على الأرض وأي نجاح في مكافحة داعش لن يكونا فاعلين طالما بقي بشار الأسد يمثّل الحل في نظر الروس لكيفية الوصول إلى تسوية سياسية. وأضاف المصدر أن السؤال الآخر الذي لا يجيب عنه الروس والذي يُفترض أنه كان عقدة أخرى أمام اجتماع فيينا يتعلق بتعزيز القوة الإيرانية على الأرض. فالروس، وفق المصدر، يكرّرون أن في إمكانهم أن يحققوا توازناً على الأرض في سورية للتصدي للتأثير الإيراني في المنطقة، خصوصاً في سورية. لكن المصدر تابع «أن ما نراه اليوم من خلال التدخل الروسي في سورية هو عكس ذلك، إذ إنهم (الروس) ينسّقون بقوة مع القوى الإيرانية. الروس يتدخلون من الجو، ولكن على الأرض السيطرة على الوضع تعتمد على الدعم الإيراني ودعم الميليشيات الشيعية ومن بينها حزب الله لجيش بشار الأسد. فالنقطتان في نظر باريس تؤديان إلى القول إن اجتماع فيينا مفيد والحوار مع الروس مهم وباريس سترسل مدير الشؤون السياسية في الخارجية إلى موسكو، لكن فرنسا لا تنتظر نتائج كبرى من ذلك (...) فالتدخل الروسي يعزز الأسد و80 في المئة من الضربات (الروسية) تتركز على مواقع المعارضة ضد النظام وليس داعش، كما أن مسألة إيران - التي يطالب الروس بإدخالها في الحوارات - تطرح نفسها بقوة في ظل زيادة الدعم الإيراني للنظام». وعلى رغم هذا التشاؤم، قال المصدر إن باريس مستمرة في جهودها للتقدم نحو الحل السياسي ولهذا دعا الوزير فابيوس إلى الاجتماع الوزاري الموسع الأسبوع المقبل. وعلمت «الحياة» ان الاجتماع سيعقد يوم 27 تشرين الأول (اكتوبر)، أي الأربعاء المقبل.