بعد عام على سقوط نظام الأسد، بدت سوريا أمس وكأنها تعيد فتح صفحة جديدة من تاريخها؛ صفحة مشبعة بالرمزية والأمل، وبحضور شعبي ورسمي غير مسبوق، يؤكد أن البلاد تدخل مرحلة مختلفة، عنوانها التوحّد والبناء واستعادة الدولة من رماد الحرب. وفي قلب دمشق القديمة، ومن على منبر المسجد الأموي، أطلق الرئيس أحمد الشرع رسائل قوية تعيد رسم ملامح سوريا الجديدة، مؤكداً أن زمن الخوف والعزلة قد انتهى، وأن البلاد تتجه بثبات نحو إعادة الإعمار وبناء مستقبل يليق بتضحيات السوريين. وظهر الشرع مرتدياً زيه العسكري، في مشهد يحمل رمزية عسكرية وسياسية تعود إلى الأيام التي قاد فيها العمليات الميدانية ضد قوات النظام السابق، مشدداً على أن"لا قوة قادرة على إعاقة السوريين عن استعادة دولتهم قوية وموحدة". وقال الشرع في كلمته، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا):"لن يقف في وجهنا أحد مهما كَبُر أو عَظُم.. سنواجه التحديات معاً، ومن شمال سوريا إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، سنعيد بناء وطن يليق بتاريخ سوريا وحاضرها ومستقبلها". وأكد أن"الحفاظ على النصر والبناء عليه يشكل اليوم الواجب الأكبر على عاتق السوريين"، داعياً إلى وحدة الصف ورفض الانقسام بعد أكثر من 13 عاماً من الصراع. وامتلأت ساحة الأمويين في دمشق بالحشود التي بدأت التجمع منذ ساعات الصباح لإحياء المناسبة الأولى لسقوط الأسد، فيما تواصلت الاحتفالات في حماة ومدن أخرى خلال الأيام الماضية، حيث رُفعت الأعلام السورية الجديدة وصدحت الهتافات المؤيدة للمرحلة الانتقالية الجديدة. ويحيي السوريون هذا اليوم باعتباره محطة فاصلة في تاريخهم الحديث، بعد أن فرّ بشار الأسد إلى روسيا قبل عام، إثر تمكن قوات المعارضة بقيادة الشرع من دخول دمشق وإنهاء حكم دام أكثر من 13 عاماً. وفي فعالية اقتصادية بالعاصمة دمشق، أكد الرئيس السوري أن أمام البلاد "فرصة كبيرة لتتحول إلى نموذج اقتصادي مزدهر" بعد سنوات طويلة من العزلة التي عاشتها في ظل النظام السابق. وأشار إلى أن"النظام السابق لم يمنح سوريا حقها، وتركها تعيش في عزلة خانقة"، داعياً أبناء سوريا في الداخل والخارج إلى دعم مسار التعافي الاقتصادي وعدم التفريط بالإنجازات التي تحققت منذ إسقاط النظام. ورغم مرور عام على سقوط الأسد، لا تزال البلاد تكافح لتثبيت الاستقرار، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وفتح مسارات للتنمية الاقتصادية وضمان الأمن في المناطق المتضررة، غير أن القيادة السورية الجديدة تؤكد أن هذه المرحلة تحمل بداية مختلفة، عنوانها — كما قال الشرع —"استعادة سوريا التي يستحقها شعبها". وبين مشاهد الاحتفالات الشعبية، والرسائل السياسية والعسكرية التي حملها ظهور الرئيس بالزي العسكري، تبدو الذكرى الأولى للإطاحة بالنظام السابق مناسبة لإعادة تأكيد ملامح مرحلة جديدة، تتطلع فيها دمشق إلى إعادة بناء الدولة وترسيخ الاستقرار بعد سنوات طويلة من الحرب والانقسام.