عقب مرور ستة أيام على الإعصار والفيضانات العنيفة التي اجتاحت مدينة درنة في الشرق الليبي، وتسببت بمقتل آلاف الأشخاص، بدأ الأمل بالعثور على أحياء تحت ركام المنازل يتضاءل، حيث خلفت الكارثة مشهداً رهيباً من الدمار، لاسيما في بعض الأماكن القريبة من البحر، بينما خلّفت المياه الجارفة وراءها مشهد دمار؛ يبدو كما لو أن زلزالاً قوياً ضرب مساحة واسعة من المدينة، التي كانت تعد قبل الكارثة، مئة ألف نسمة. وأعلن المدير العام لجهاز الإسعاف والطوارئ شرقي ليبيا سالم الفرجاني، أنه تم إخلاء درنة، ولن يسمح إلا لفرق البحث والإنقاذ بالدخول، كما سارعت الأجهزة الحكومية في جميع أنحاء ليبيا لمساعدة المناطق المتضررة، مع وصول قوافل المساعدات الأولى إلى درنة، وتباطأت جهود الإغاثة؛ بسبب تدمير العديد من الجسور التي تربط المدينة. وقال وزير الصحة في شرق ليبيا عثمان عبد الجليل: إن عمليات الدفن تمت حتى الآن في مقابر جماعية خارج درنة والبلدات والمدن المجاورة. وأضاف أن فرق الإنقاذ تقوم بتفتيش المباني المدمرة في وسط المدينة، وأن غواصين يمشطون البحر قبالة درنة. ووصفت منظمة "أطباء بلا حدود" الوضع في درنة بأنه فوضوي، ويمنع حسن سير عملية إحصاء الضحايا والتعرف على هوياتهم. كما أفادت المنسقة الطبية لفريق المنظمة مانويل كارتون، أن "غالبية الجثث دفنت في مدافن ومقابر جماعية والكثير من هؤلاء لم تحدد هوياتهم، خصوصاً أولئك الذين انتشلوا بأعداد كبيرة من البحر"، موضحة أن الناس الذين يعثرون على الجثث يدفنونها فوراً. وفيما لا تزال جهود البحث عن ناجين في ليبيا جراء الكارثة التي خلفها الإعصار "دانيال" جارية، أفاد الناطق الرسمي باسم جهاز الإسعاف الليبي الدكتور أسامة علي، بأن الطلعات الجوية مستمرة لمسح مناطق الجبل الأخضر؛ بحثاً عن ناجين. وأشار إلى أن هناك 300 سيارة إسعاف من كل فروع ليبيا تعمل في المناطق المنكوبة. وأعلن إنشاء 6 مستشفيات ميدانية في درنة و5 خارجها، مشيراً إلى أن الفيضانات دمرت الكثير من المرافق الصحية، موضحاً أن الكثير من الضحايا لم يتم انتشالهم بعد، مؤكداً أن عدد القتلى مرشح للزيادة. أما المفقودون فبالآلاف أيضاً، وفق مصادر عدة، بينها الصليب الأحمر الدولي. فقد أكدت الأممالمتحدة أن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص ما زالوا في عداد المفقودين. في حين بلغ عدد النازحين أكثر من 38 ألفاً بينهم 30 ألفاً من درنة وحدها، وفق المنظمة الدولية للهجرة. إلى ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس، وصول طائرة محملة بنحو 29 طناً من الإمدادات الطبية إلى بنغازي في ليبيا، كجزء من الاستجابة المكثفة لكارثة الفيضانات التي ضربت البلاد. وأضافت المنظمة أن الإمدادات الطبية القادمة من المركز اللوجستي العالمي لمنظمة الصحة العالمية في دبي تغطي الاحتياجات الصحية لقرابة 250 ألف شخص.