إن النشاط العقلي البشري في كل حالاته ظاهراً او مستتراً انما هو تعبير صادق عن حالات صاحبه من خلال مشاعره الداخلية التي تنتابه، وهو وسيلة التعبير لاظهار ما بداخله من مد وجزر لمزاجه المتقلب. فدائما ما يكون رد الفعل لكل موقف حسب ما تمليه عليه اشياء كثيرة متدخلة ترسبت في ذواتنا مدى الايام والسنين. والشواهد في ذلك كثيرة فقد تجد المضطهد او الذي لم يجد مكاناً تحت الشمس اذا جرى المال بين يديه يعمل فيه ما تعمل الريح في ذرات الرمل.. وضعيف النفس والاخلاق تتحرك بداخله مشاعر الانتقام في عدوانية ظاهرة. كلنا يعرف مشاعر الخوف والامان.. الحب والبغض وما بينهما والعاقل من يكبح جماحها ويسيطر عليها في تحقيق ما ترجوه في حدود سياج الخلق والادب والمنطق.. واذا لم يستطع فلابد ان هنالك خلل ما في وظائفه الفسيولوجية. * هناك حقيقة ثابتة ترى ان تدفق مشاعر الانسان لا تكون بسرعة ثابتة تجاه فعل بعينه، لان هناك خلافاً بين ما يبديه ظاهراً وما يخفيه باطناً في حالاته العضوية.. لكن هذا الثبات لا يتوافق مع حالة الكمون المصاحبة لانفعال اعضائه مع الحدث والتي غالباً ما تكون نتاج كبت نفساني يتحين الفرص لاظهاره عند بلوغ مأربه محققاً بذلك ما يبطنه من تلك الظواهر فيأخذ بأعنة الامور التافهة معتقداً ان نظام حياته يسير على وتيرة الانسجام مع اهوائه التي يسعى جاهداً لتحقيقها.. وكلما تشعبت به السبل وخبأ نور بصيرته ترى الصدى يطفو على سطح نفسيته يتغير تحت ضغوط نفسية جامحة تجبره الى ابداء خلاف ما يبطن في ملق ظاهر ممجوج بنفثه كسحابة يغطي بها سوءاته.