بالرغم من التفاؤل المشوب بالحذر وتوقع خروقات وقف إطلاق النار في سورية ، إلاّ أن القراءة الذهنية تبدو مغايرة لمؤشرات هذا التفاؤل ، بل أنها تتوقع هذه الانتهاكات والخروقات اللاَّمسؤولة ، كسيناريوهات وتحليلات النخب السياسية ، وهو ما عُرف منذ اندلاع الشرارة الأولى للحرب ، منعا للأحداث الدامية التي كان بالإمكان تداركها ، لولا تعنت النظام ألأسدي والمليشيات الإيرانية وحزب الشيطان التي تمت الاستعانة بها ، على حساب حياة الشعب السوري الشقيق ، بغية المحافظة على نظام الأسد الذي أوشك على الانهيار ، إلى ما قبل الستة الأشهر الأخيرة ، حينما شاركت روسيا بقرار خاطئ أنفرد به الرئيس بوتن ، والذي أخطأ قراءة التاريخ السياسي للمنطقة ، جغرافيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وأيديولوجيا ، ومجمل المتغيرات التي واكبت خصائص المرحلة الببليوغرافية. فما كان سائدا في السبعينات الميلادية إبان فترة حكم الأسد الأب ، لم يعد مقبولا ممارسته في القرن الواحد والعشرين الميلادي ، وهو ما دعا بعض زعماء العالم أن يستوعبوا دروس الماضي بدقة متناهية ، تداركا لوقوع كوارث وحروب قد يطول أمدها ، وهي عوامل اجتمعت في هذه الحرب الدائرة على الأرض السورية ، التي أوشكت أن تتجاوز عامها الخامس ، كان ضحيتها مئات الآلاف من الدماء البريئة التي أريقت ، والدمار الذي لحقق بالممتلكات وملايين المشردين من الشعب السوري من المدن والمحافظات والأرياف ، مقابل تاريخ الحضارة السورية سطرته قصص من الكفاح والبطولات ، والحرف التي لا يتقن صناعتها سوى تلك الأيدي الماهرة ، والتبادلات التجارية مع دول العالم ، والقادرة بعون الله أن تعاود نشاطها وتداوي جراحها وتستعيد مكانتها ، متى ما التقطت أنفاسها بعيدا عن صوت المدافع والقنابل العنقودية وهدير الطائرات ، وما خُفي وراء كواليس التعنت السياسي وحزم من الحقد والكراهية وحرب الإبادة الجماعية والطائفية ، وعجزت عنه أروقة الاجتماعات التي لازالت تعقد في عواصم أوروبية ، ليس ضعفا لصناع قراراتها وتنفيذ بنود اتفاقياتها ، ووقفت أمامها هيئات حقوق الإنسان العالمية مكتفية بالصمت ، عدا بعض المداولات التي لا تتجاوز أماكن إقامتها ، لتبقى أمال الشعب السوري معقودة ، لصياغة أجندة جديدة لقرارات دولية حاسمة ، بدءًا من تثبيت وقف إطلاق النار ، وانتخابات حرة بإشراف هيئة الأممالمتحدة ، ليقول من خلالها الشعب السوري كلمته.