يعتبر اختيار وتحديد وصياغة وتصميم مواضيع المبادرات التنموية المجتمعية الخلاقة أمراً في غاية الأهمية لاسيما في ظل الانتشار السريع لمفهوم المسؤولية المجتمعية في القطاع الخاص خلال السنوات الأخيرة، حيث كسب هذا المفهوم دعم المستويات العليا والإدارية في قطاعات الأعمال التي لم تعد تسعى لتحقيق الربح فقط بل تتطلع للمشاركة بفاعلية في المجتمع وخدمته وتنميته. إن تحديد وتصميم وإدارة المبادرات المجتمعية الأكثر فاعلية وذات الديمومة يعتبر فنا وعلما قائما بذاته لاسيما أن هذه المبادرات أصبحت ذات مساهمة فاعلة وكبيرة في تعزيز صورة المنشأة الذهنية لدى المجتمع، وتميزت بأنها مبادرات مشتركة لتحقيق هدف يجمع بين المنشأة والمجتمع بمشاركة كل الأطراف. إن أولى محاور تصميم وإدارة المبادرات المجتمعية هي اختيار وصياغة المبادرات التي تخدم المجتمع بشكل عام وتدخل ضمن دائرة الاهتمامات الاستراتيجية للمنشأة ويتم ذلك عبر استخدام أدوات التحليل المختلفة التي تحدد نطاق المبادرة ورسالتها ومخرجاتها المتوقعة مما يساهم في دعمها من المجتمع ذاته فضلاً عن دعم القطاعات الحكومية المعنية ومؤسسات القطاع الثالث وكسب تأييدها. ويجب أن تتميز المبادرة بملامح تطوعية تنموية بشكل عام، تهدف لخدمة الناس دون مقابل، ويمكن لها أن تشرك المجتمع من خلال جهدهم ووقتهم دون تكلفة، ونجاح ذلك كله يتمحور حول اقتناع شرائح المجتمع المحلى بفائدتهم من هذه المبادرة. وحتى لا تعاني أية مبادرة من الضبابية يجب أن يتم تحديد أهداف واضحة لها من خلال إحداث تغيير مباشر أو غير مباشر في حياة وسلوكيات الفئات المستهدفة والوضع الإيجابي المراد الوصول إليه وفق تحديد المشكلات بعد التحليل الجاد للاحتياجات وربطها بمدة زمنية محددة يمكن أن يتفق عليها فريق العمل لتقييم أداء المبادرة وتحقيقها للأهداف. إن اتباع منهجية إدارة المشاريع ومراعاة عوامل الجودة والتوقيت والتكلفة لإنجاز مشروع المبادرة سيساهم في رفع مستوى الأداء فضلاً عن إعطاء مؤشر للمستفيدين والمجتمع بجودة مستويات أداء الخدمات المقدمة إليهم والتأكد من جدارتها وكفاءتها. ويجدر التنويه إلى أنه يجب أن تتصف أية مبادرة بروح الإبداع والابتكار وأن تتم عملياتها بانخفاض التكلفة، فضلاً عن قابليتها للتكرار والتطوير والتحسين، وأن يكون لها أهداف ونتائج قابلة للقياس وتتسم بالجدية وتحقق التفاعل بين مختلف القطاعات والشركاء سواءً كانت جهات مختلفة أو فئات وشرائح مجتمعية متعددة. وفي ظل المطالبة المتزايدة بضرورة تبني شركات ومؤسسات القطاع الخاص لمبادرات المسؤولية المجتمعية التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة بالمجتمعات وتعزز مستوى المعيشة يجب أن تعكس أي مبادرة التزام المنشأة الأخلاقي من خلالها تحقيق أهدافها الاقتصادية ولعب دور بارز في التنمية المستدامة في آن واحد عبر العمل المشترك مع شرائح المجتمع المختلفة بنهج وتنظيم وتخطيط يشمل الأهداف والغايات واضحة الملامح والاستراتيجيات القابلة للتطبيق. ويجب أن تبتعد أي مبادرات عن أسباب الفشل وهي الأهداف غير الواضحة أو عدم دراسة وتقييم احتياجات المجتمع والتخطيط غير المنطقي أو غير المدروس والأدوار غير الواضحة وانعدام القيادة وعدم وجود آليات للمراقبة والتقييم والتقويم. التخطيط للنجاح يجعلك أقرب للمجتمع، فنجاح هذه المبادرة أو تلك مرهون بصدق القائمين عليها وحاجة المجتمع لها وجدية التنفيذ والتطوير والاستمرار.. خطط للنجاح لتكون أقرب للمجتمع. * متخصص في الإعلام والعلاقات العامة والمسؤولية المجتمعية. [email protected]