131.7 ألف امرأة يعملن بأنشطة السياحة    العملات الرقمية تتجه نحو الهبوط    تداول يخسر 125 نقطة    أمير القصيم يرعى حفل تخريج حفظة كتاب الله بمحافظة الرس    سيتي سكيب 2025 في الرياض.. نظرة شاملة    زيارة ولي العهد إلى واشنطن.. رسائل الشراكة وقوة التموضع السعودي    السعودية والجزائر.. «كلاسيكو نادر» وتاريخ عمره نصف قرن    بدون رونالدو.. البرتغال تخطف بطاقة المونديال    انطلاق دورة المدربين الدولية بجدة    أمير المنطقة الشرقية يترأس اجتماع مجلس إدارة جمعية البر الثالث    رئاسة أمن الدولة وجامعة القصيم تحتفيان بتخريج الدفعة الأولى من طلبة الماجستير بسجن المباحث العامة ببريدة    استدعاء طبيب ظهر إعلامياً بتصريحات مخالفة    إصدار أول إرشادات عالمية لإدارة السكري خلال الحمل    نجاح تثبيت كسر مفتوح بتقنية إليزاروف    دنيا أبو طالب تتوّج بأول ذهبية سعودية في فئة النساء بدورة ألعاب التضامن الإسلامي    ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ 2/2    عودة سوريا: تكريس أمريكي للدور التركي    المبعوث الأميركي: حرب السودان.. أكبر أزمة إنسانية في العالم    رئيس فنلندا يحذر من طول أمد حرب أوكرانيا    الدكتور السبيّل: ملتقى التسامح يأتي انسجامًا مع اهتمام القيادة بقيمة التسامح    متطوعو التراث العالمي باليونسكو في واحة الأحساء    سوق الموسم    طهران: توقف التخصيب لا يلغي الحق النووي    موقف التعاون من عرض الهلال لضم سلطان مندش    الرخصة الآسيوية ل96 مدربا    جامعة الباحة تتوج ببطولة كرة القدم المصغرة .. وطالبات جامعة دار الحكمة يحققن لقب الريشة الطائرة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس كوريا    سلوك المعتمرين والرصانة    نائب أمير مكة يرأس اجتماعًا مع الجهات المعنية لمتابعة جاهزية منظومة الحج    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالله الشثري    منصة "نت زيرو" تحصد المركز الأول في فئة التكنولوجيا الخضراء    تركي بن طلال حين تتوج الإنسانية بجائزة عالمية    مفتي عام المملكة يستقبل رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه بوزارة الحرس الوطني    أمير المنطقة الشرقية يترأس اجتماع المحافظين ويؤكد على الاهتمام بخدمة المواطنين والمقيمين وتلبية احتياجاتهم    مجلس الشورى يحيل عددا من الموضوعات إلى جلسات المجلس في اجتماعه ال6    الرياض تستضيف القمة العالمية للصناعة بمشاركة 173 دولة عضوًا في الUNIDO    ابتدائية مصعب بن عمير تنفّذ ورشة "بحث الدرس" ضمن برامج التطوير المهني القائم على المدرسة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح التصفيات النهائية لمسابقة حفظ القرآن الكريم بالنيبال    قاعة مرايا بمحافظة العُلا… أكبر مبنى في العالم مغطى بالمرايا    الكويت ترحب بتوقيع اتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو    الحرف اليدوية في المملكة.. اقتصاد يتشكل بيد المبدعين    مشروع قرار أمريكي لوقف النار.. مجلس سلام.. وقوة استقرار دولية بغزة    إسرائيل تبني جداراً يتخطى الخط الأزرق جنوبي لبنان    15مليار ريال فرصاً استثمارية بالخطوط الحديدية    آل الكاف وآل سجيني يحتفلون بزواج علي    الدحيلان عميداً لتقنية الأحساء    ضوابط موحدة لتسوير الأراضي بالرياض    شراكة سعودية هندية في قطاعات إستراتيجية    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    القيادة تعزي رئيس جمهورية العراق في وفاة شقيقه    علماء روس يبتكرون جزيئات تبطئ الشيخوخة    طبيبة أمريكية تحذر من إيصالات التسوق والفواتير    مختصون في الصحة يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    شتاء درب زبيدة ينطلق بمحمية الإمام تركي    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل وزير الشؤون الدينية في بنغلاديش    مكانة الكلمة وخطورتها    إنسانيةٌ تتوَّج... وقيادة تحسن الاختيار: العالم يكرّم الأمير تركي بن طلال    الشريك الأدبي قريبا مساحة بين الأدب والفن في لقاء مع الفنانة التشكيلية مريم بوخمسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس بالدستور وحده وليس بدونه
نشر في البلاد يوم 29 - 01 - 2013

أذكر أن أستاذا جامعيا أمريكيا من أصل عربي زار ليبيا في أواخر العهد الملكي وأبديت أمامه استنكاري لما يحدث من فساد سياسي، واستغرابي لكوارث النظام السياسي ، وما يشوب أداء الحكومة من أوجه التقصير، وما يحدث من مسخ وتشويه لإرادة الناس، رغم وجود دستور حديث، تم وضعه من قبل خبراء الأمم المتحدة، وفق أحدث النظريات ، فأبدى الأستاذ استغرابه لاستغرابي، لأنه لم يكن يرى في ذلك الأداء الهزيل للحكومة الليبية، وتلك السياسات الحمقاء البائسة للنظام، وتلك الفوضى التي تعم الدولة، إلا علامات وإشارات لما تعانية البلاد من تخلف، ولا علاقة للأمر بالدستور، وما تبدى فيه من عصرنة وحداثة، وما فيه من حسن الصياغة و تقدمية المضمون، وعندما رآني غير مقتنع بما قاله وكأن هذا التخلف قدر لا ينفع معه تشريع ولا ديستور، قال لي ليكن ما قلته عن الدستور وقوته وبهائه صحيحا، ألا تراه يشبه طائرة، في مكان ليس فيه مطار يهيء لها الطيران، ولا مدرج تطير منه ، إنها أشبه عندئد بقطعة حديد لا لزوم لها، ورب عربة يجرها حمار أفضل لأهل البلاد من هذه الطائرة.
هذه نقطة أولى، والنقطة الثانية، هي حقيقة أن الدستور الذي اعتبرته متقدما، لم يكن كذلك في حقيقته، نعم ليكن وضع فيه ذلك الخبير مجموعة من أهم القواعد، وأكثرها حداثة في دساتير العالم، ولكنه يمكن لجزئية صغيرة، في مادة واحدة من مواده، أن تفسد الدستور كله هكذا كان شأن الدستور الحديث الذي صاغه الخبراء لليبيا لحظة استقلالها، فقد وضعوا فيه مثل هذا الاستثناء، وهو سبب العوار الذي أدى إلى إلغاء الأحزاب، وأدى إلى تزييف الانتخابات، وأدى إلى إلغاء الجنسية عن زعيم أسهم في الوصول بالبلاد إلى الاستقلال هو بشير السعداوي.
ولكن الحالة تختلف هذه المرة، فلقد جاء الاستقلال، بعد مخاض دولي، وعبر حرب عالمية، انتصرت فيها مجموعة من الدول هي الحلفاء على مجموعة هي المحور كان بينها دولة الاستعمار التي احتلت ليبيا وهي إيطاليا، وتم وضع ليبيا تحت الحماية، واجتازت القضية الليبية عقبات كثيرة، قبل نيل استقلالها، وكانت الأمم المتحدة في ذلك الوقت حديثة الإنشاء مكونة من واحد وخمسين دولة، و تخضع خضوعا كاملا لهيمنة الفريق المنتصر في الحرب العالمية الثانية، وجاء المندوب أدريان بلت بأجندة غربية، لينفذ مخططا يجعل ليبيا، في دائرة الاحتواء وتحت السيطرة، رغم أنها نجت باستقلالها من محاولة سافرة لإجهاض هذا الاستقلال، وكان قادة الحراك السياسي في ذلك الوقت برغم أمانتهم ونزاهتهم وعمق انتمائهم الوطني في الأغلب الأعم، تنقصهم الثقافة الخاصة والعامة، وكان عدد خريجي الجامعة لا يزيد عن 15 خريجا وكانت الأمية في البلاد تصل إلى 95 في المائة، ولم يكن في الإمكان أبدع مما كان فيما يتصل بالنظام السياسي وهيكلية الدولة وصياغة الدستور، والوضع الفديرالي وكل مفردات الدولة في تلك الحقبة.
الحال يختلف الآن، والمنازلة التي خاضها الشعب الليبي ضد نظام الطاغية، كانت درسا في البطولة والإباء، ومهما قيل عن تدخل الشرعية الدولية، واستعانة الأمم المتحدة بحلف الناتو لتنفيذ القرارين الصادرين عن مجلس الأمن وهما القرار 1970 والقرار 1973 فإنه يكفي أن دم الشهادة الذي سكب في هذه الملحمة كان دما ليبيا خالصا، وأن الاستعانة بالهيئات الدولية كان عتادا فقط، ولم تزهق روح واحدة من أهل الناتو في تحرير ليبيا من الطاغية، فلا أحد يستطيع أن ينتزع النصر من الليبيين وينسبه لنفسه، وجاء المندوب الأممي ليساعد في مرحلة التحول وبناء الدولة بعد الانتصار، وهو السيد أيان مارتن الديبلوماسي البريطاني المشهود له بالكفاءة والنزاهة، وحل محله بديل عربي هو الديبلوماسي اللبناني الاستاذ طارق ميتري، وكثيرون يتحدثون عن كفاءته وأمانته وجدارته بهذه الوظيفة، وسمعت لقاء متلفزا يتحدث فيه عن مهمة تقديم العون والمساعدة فيما يتصل ببناء الدولة ووضع الدستور وتسخير الخبرات والمعارف المتاحة لدى الأمم المتحدة، واعتقد شخصيا أن ليبيا تحتاج لهذا العون، ليس فقط لما رأيناه من ارتباك وفوضى يعمان الحراك السياسي الليبي اليوم، ويعطله عن أداء الاستحقاقات الوطنية في مواعيدها، وليس فقط لما حدث من تأخير معيب في الاهتمام بصياغة الدستور، وهي المهمة الأولى التي من أجلها كان انتخاب المجلس الوطني، وإنما أيضا لأن دستورا يأتي بعون ومساعدة وخبرة ومعارف الهيئة الأممية، سيأتي بالتأكيد مبرأً من العوار الذي تتهم به دساتير أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.