الذي يعايش هذا العصر يشهد عجباً إذ أنه يرى التناقضات والعجائب والوقائع التي تحدث في الحياة وكأنها غير حادثة، فالمرء عندما يتفاهم او يتعامل مع الآخرين في شأن من شؤون هذه الحياة يفاجأ بالعجيب من الاشياء المتراكمة التي يشهدها في حياته فمن معلومة الى فكرة الى موضوع في اشياء من الحياة اليومية والحياة العملية التي يعمل فيها بجهده وفكره وكذلك مادته يرى ذلك كله من ان يضع حداً لهذه الفكرة او ذاك الموضوع لانه يفاجأ بمعضلة او عقبة او عرقلة بحيث لا يجد لها حلاً الا المضي قدماً في سلسلة من التعاملات اليومية في هذه الحياة العجيبة. ولاشك ان في ذلك من العناء والغرابة والعجب ما يجعله يقف مع ذات نفسه حيران اسفاً، فلا هو استطاع ان يجد حلاً ولا هو أنجز عملا انما الذي يلاقيه ما لاقاه مجير ام عامر وام عامر هي الضبع التي استجارت بأحدهم في الجاهلية فأعطاها لحماً وأكلته وبعد ذلك اكلت المجير يا لطيف فقال القائل بعدها وقد ذهب مثلاً : ومن يجعل المعروف في غير أهله يلاقي ما لاقى مجير ام عامر وهكذا تمضي الحياة بعنائها الطويل وعجائبها التي لا تنقضي وصاحبنا يمضي معها قدماً بلا تردد او ملل او كلل وانما هو سائر في طريقه وسبيله لا يلتفت يمنة ولا يسرة. وعلى الرغم من ذلك كله الا ان الحياة تمضي بكل المتناقضات والعجائب والغرائب وهو صابر في مسعاه في حياته على الرغم من كيد الكائدين وتعويقات المعوقين لانه يؤمن ان الحياة هكذا متعبة احيانا لكن هذا التعب في الاخير له عذوبته وحلاوته. تلك صورة من صور الحياة التي نحياها يومياً على وجه التقريب وليس بالغريب وقد دخلنا المعاصرة التي لابد ان يختلط المر فيها والحالي.