«الأونروا» تحذر من خطر تفشي الكوليرا في قطاع غزة    انعقاد المجلس الوزاري ال 160 لمجلس التعاون بالدوحة غدا    ضبط 14 متورطا في إيواء ومساعدة مخالفي الأنظمة    ما أهمية إدراج الجيش الإسرائيلي ب«القائمة السوداء» الأممية ؟    السجن والغرامة والتشهير ل 21 مخالفا لنقلهم 61 مخالفا ليس لديهم تصريح بالحج    سعودي الأول عالميا في العلوم الطبية الحيوية    استدعاء شاعر شهير استخدم ألفاظاً غير لائقة في لقاء «بودكاست»    السديس ل«المكي» والمهنا ل«المدني».. إعلان إمامي صلاة عيد الأضحى بالحرمين    فواكه لا تخزن في الثلاجة    يزيد الراجحي يُتوَّج برالي الأرجنتين    القبض على باكستانيين في جدة لترويجهما (4.1) كيلوجرام من مادة (الشبو) المخدر    موقف حارس يوفنتوس من الانتقال ل"روشن"    من أعلام جازان… الشاعر والأديب والمؤرخ الشيخ/أحمد بن علي حمود حبيبي مطهري الحازمي    90٪؜ نسبة استيفاء "الاشتراطات الصحية" للحج    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن عبر منفذ حالة عمار    إطلاق خدمة أجير الحج والتأشيرات الموسمية لموسم 1445    الالتزام البيئي يفتش 91% من المنشآت المحيطة بمواقع الحجاج    الأحوال: تعديل مواد تتعلق بتغيير الاسم الأول وتعديل أو حذف اسم الشهرة    البسامي: ضبط أكثر من 140 حملة حج وهمية    فاطمة الشمسان ل"الرياض" الحاج يحتاج نحو 100 جرام من البروتين يومياً    الفنانة المصرية شيرين رضا تعلن اعتزال الفن    السقوط أمام أيسلندا جرس إنذار لمنتخب إنجلترا قبل يورو 2024    "السياحة": 227 ألف غرفة مرخصة بمكة    طقس شديد الحرارة على 5 مناطق    "البحر الأحمر": جولة ثالثة لدعم مشاريع الأفلام    سُوء التنفس ليلاً يسبب صداع الصباح    القلعة الأثرية بمحافظة جزر فرسان .. وجهة سياحية ومعلم يمزج التراث بجمال الطبيعة الساحرة    عمرو دياب يصفع.. يشتم.. ويثير الجدل    النائب العام يتفقّد ويدشّن مقرات للنيابة العامة في المشاعر المقدسة        جنة ينافس العيسى على رئاسة الأهلي    غزة تستغيث لتوفير مولدات كهربائية للمستشفيات    نائب أمير مكة يتفقد العمل بصالات الحج    "أبل" تدعم تطبيق البريد ب "الذكاء"    مقتل صاحب أول صورة ملونة لكوكب الأرض من الفضاء    "آبل" تخرج بعض إصلاحات "آيفون" من الضمان    الهلال يعلن برنامج تحضيراته للموسم الجديد    سوء التغذية يسبب اكتئاب ما بعد الولادة    الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    بيئة نجران تدشن اليوم العالمي للبيئة تحت شعار "أرضنا مستقبلنا"    تأهّل الحزم والنور والابتسام والصفا إلى نصف نهائي بطولة المملكة لكرة اليد الشاطئية للكبار    الجبير يرأس وفد المملكة المشارك في الحدث رفيع المستوى بشأن العمل من أجل المحيطات        بعثة المنتخب السعودي تزور صالة مبادرة "طريق مكة" بباكستان    المملكة عضواً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) للفترة 2025-2027م    100 ألف زائر في كرنفال القادسية الأسطوري    الدفاع المدني ينفذ فرضية حريق بالعاصمة المقدسة    فرع هيئة الصحفيين بمكة ينظم ورشة الإعلام في الحج    منصور ابو شهران في ذمة الله    ضيوف المليك: استضافتنا للحج امتداداً لأعمال المملكة الإنسانية    «هيئة النقل» تنفذ أكثر من 98 ألف عملية فحص حتى بداية شهر ذي الحجة    نائب رئيس جمهورية جامبيا يغادر المدينة المنورة    «الأحوال»: منح الجنسية السعودية لشخصين.. وقرار وزاري بفقدانها لامرأة    فيصل بن مشعل يقدر لامين وأمانة القصيم جهودها في مدينة حجاج البر    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    وقوف امير تبوك على الخدمات المقدمة في مدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار    وزير الداخلية يخرّج "1410" طلاب من "فهد الأمنية"    خالد بن سلمان يجري اتصالاً هاتفياً بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام الخيري.. مراجعات في التصنيفات والمفاهيم
نشر في تواصل يوم 19 - 02 - 2018

يعرَّف العمل الخيري بأنه "القطاع الثالث" بعد القطاعين الحكومي والخاص، ولقد عُدَّ لسنين طويلة مكمِّلا لمهام ومسؤوليات القطاع الحكومي ومتكاملاً مع القطاع الخاص.
كما يُعرَّف الإعلام بأنه "السلطة الرابعة" بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما قد اعتُبر الوسيلة المساعدة للسلطات الثلاث لتأدية أعمالها على أكمل وجه، ولسان حال هذه السلطات الذي يربطها بالجمهور ويعبِّر عنها أمامه.
غير أنني لا أتفق مع هذه الترتيبات والتقسيمات.
فبالنسبة للعمل الخيري فإن وصفه بأنه القطاع الثالث هو ظلمٌ بيِّنٌ له؛ وذلك لعدة أسباب أهما :
– هناك نظريات علمية جعلت أساس الترتيب هو حجم الموارد البشرية والمالية في أي قطاع من القطاعات الثلاثة؛ وبهذه النظرة يمكن اعتبار العمل الخيري القطاع الثاني بعد الحكومي على أقل تقدير؛ خصوصاً مع ما يحدث اليوم من تمدد لمفهوم العمل الخير واتساع.
– في حديثنا عن حجم الموارد المالية والبشرية نغفل كثيراً عاملَيْن أساسيَّيْن: الوقف والتطوع؛ فالوقف في حقيقته هو جزء من العمل الخيري، وهي ينتمي إليه انتماءً أصيلاً ولا ينتمي لقطاع سواه، وهذا ما استقر عليه الأمر منذ ظهور مؤسسات الأوقاف ؛ وعند إضافة موارد الوقف الواسعة الانتشار والهائلة العائد فبالتأكيد الموازين ستختلف، والترتيبات ستتغير.
أما التطوع؛ فباب آخر ضخم لا يدخل في حسابات الحاسبين في مجال الموارد البشرية، إن كيانات القطاع الخيري بها كمٌّ لا يُحصى من المتطوعين العاملين في هذه الكيانات دون أن يُحتسبوا من مواردها البشرية؛ ولو فعلنا لاختلف الحال بكل تأكيد.
أما الإعلام فإن تصنيفه في المرتبة الرابعة هو خطأ كبير كذلك؛ لعدة أسباب:
– الخطأ التاريخي في الفهم؛ فحين نشأ مفهوم أن الإعلام هو السلطة الرابعة لم يكن المقصود به ما تم اعتباره من تبعية في الترتيب للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وإنما حين قام المؤرخ الاسكتلندي توماس كارليل عام 1841م بإشهار المصطلح في كتابه "الأبطال وعبادة البطل" اقتبس عبارات للمفكر الإيرلندي إدموند بيرك التي أشار فيها إلى الأحزاب الثلاثة (أو الطبقات) التي تحكم البلاد ذلك الوقت، وهم رجال الدين والنبلاء والعوامّ، معتبراً المراسلين الصحفيين هم الحزب الرابع أو "السلطة الرابعة" الأكثر تأثيراً من كافة الأحزاب الأخرى؛ فالأمر إذن ليس له علاقة بما نفهمه اليوم.
– إن الأيام والأحداث والنتائج أثبتت اليوم وتثبت دوماً في عصرنا أن الإعلام هو السلطة الأولى؛ فدوره في تشكيل العقول وتبديل المفاهيم، بل وتغيير الثقافات كذلك، أصبح أمراً لا يمكن إنكاره، وغدا الإعلام الأداة الأولى والأهم لمن يريد أن يتصدر المشهد في أي مجال كان، سياسي، اقتصادي، ديني، اجتماعي، رياضي، فني.. إلخ، إنه القائد لأي اتجاه كان.
– إن الثورة التقنية التي طالت الإعلام قد منحته قوة لا تضاهيها قوة، وأبعاداً لا تحدها حدود، وانتشاراً تجاوز الأرض ليصل إلى السحاب؛ فهل هناك من وصل إلى ما وصلت إليه سطوة الإعلام.
العمل الخيري.. مراجعات في المفهوم
إذا نزلنا إلى أرض الواقع اليوم.. وأخذنا بالتطواف في جولة حول مكونات العمل الخيري لوجدنا أنه يستحق أكثر مما ينال في مجتمعاتنا، ويجب أن تكون له مراجعات ومراجعات.
لقد تعارف الناس على أن العمل الخيري يعني كافة المنظمات والمؤسسات والجمعيات والأنشطة الأهلية والخيرية والمدنية غير الحكومية وغير الربحية، وهذا حديث صحيح ولا شك؛ بيد أن من فسَّروه أغفلوا ثلاثة جوانب في منتهى الأهمية هي: الجانب التنموي، والجانب التوعوي، والجانب الاستثماري بشقيه (المالي والبشري).
فمعظم من تحدث عن العمل الخيري أظهره على أنه مجموعة من التبرعات التي تؤخذ من المتبرعين ليتم صرفها على المحتاجين بأنواعهم، أو على أحسن تقدير هي مجموعات خدمات إنسانية لتحقيق العدالة الاجتماعية، بينما الواقع والحقيقة غير ذلك تماماً؛ فقطاع العمل الخيري شريك في المسؤولية مع القطاعَيْن الحكومي والخاص في تحقيق الاستقرار المجتمعي، وهذا لا يتأتى إلا إذا وُجد المجتمع التنموي القادر على أن يبني نفسه بنفسه من خلال القطاعات الثلاث، وهذا الجانب التنموي للعمل الخيري يحتاج إلى حديث طويل.
وبالمنطق ذاته نذكر الجانب التوعوي، ولا نكون مبالغين أبداً إن ذكرنا أن هذا الجانب يكاد يكون مسؤولية قطاع العمل الخيري قبل غيره، وهو الذي يبني ثقافة المجتمع ووعيه ليكون المجتمع سنداً وعوناً للحكومة في إدارة الوطن على خير طريقة.
ثم الجانب الاستثماري؛ وهذا باب واسع لا يمكن حصره هنا في كلمات؛ لكن حسبنا في الاستثمار المالي أن نشير إلى أن فكرة أن تحصل على المال من هنا لتنفقه هناك قد بطلت وانتهى أمرها وزمانها؛ وحلَّت فكرة أن تستثمر هذا المال بطرق عدة لتنفق على مشروعاتك وتضمن استمرارها، ولتبدأ مشروعات أخرى، ولتبلغ مجالات أوسع وأرحب، ولنا في نظام الوقف الإسلامي خير شاهد.
أما الاستثمار البشري؛ فباب كبير آخر؛ إذ إن من أهم مهامِّ العمل الخيري وأهدافه أن ينمي قدرات أفراده، ويستوي في هذا العاملون في القطاع أو المتطوعون فيه، وهؤلاء بدورهم سيقومون بهذا الدور التنموي مع مجتمعهم؛ فنستثمر قدراتنا، وننمي مجتمعنا؛ فنحصل جميعاً على المجتمع الذي نريد.
إنه الاستثمار في المواطن الذي يخدم مجتمعه ويحمل مسؤوليته جنباً إلى جنب مع القطاعين الآخرين، ونظرة سريعة على العالم من حولنا وعلى الأدوار التي تؤديها المنظمات غير الحكومية "N.G.O's" وغير الربحية "N.P.O's" يُنبِئ عن كثير مما نقول.
الإعلام.. مراجعات في المفهوم
مثلت الثورة التقنية الخارقة في المجال الإعلامي اليوم ثورة أخرى شملت كافة مجالات المجتمع؛ حيث لم يقتصر تأثيرها على تطوير الوسيلة الإعلامية كأحد عناصر العملية الاتصالية؛ وإنما تجاوز تأثيرها ليصل إلى كافة عناصر عملية الاتصال؛ فالمُرسِل زادت مداركه، وسمحت الثورة الإعلامية لقدراته أن تبرز، ولملَكاته أن تظهر.
أما عن المُستَقبِل فحدث ولا حرج؛ فبعد أن كانت تصله الرسالة من جهة أو اثنتين وجد أمامه أبواباً لا يمكنه حصرها تُفتح لتُرسِل له الرسالة.
وأما الرسالة فقد أتاحت لها التقنيات كافة الطرق كي تظهر في أبهى صورة؛ ما بين الصور والفيديو والرسومات العادية أو المتحركة أو ثلاثية الأبعاد والأصوات… وغير ذلك مما فتحت به التقنيات مع إحاطة ذلك كله بما لا يُعدُّ من عوامل مساعدة تجعل تأثير الرسالة لا محالة واصل ولا مفر منه.
والوسيلة غدا لها عالم آخر؛ إذا تحدثتَ عن الناقل فهناك الأقمار الصناعية والإذاعات والهواتف الذكية والإنترنت بعالمها الواسع اللا محدود "بريد إلكتروني، مواقع إلكترونية، منصات تواصل اجتماعي، مدونات، تطبيقات… إلخ".
وإذا تحدثنا عن الشكل فهناك الرسالة المباشرة، وغير المباشرة، والفيديو والصورة والرسم والصوت واللعبة… إلخ.
أصبح للإعلام سلطة لا تدانيها سلطة؛ حيث تؤكد نظرية ترتيب الأولويات "Agenda- Setting Theory"، والتي دعمتها أكثر من 500 دراسة علمية خلال ثلاثة عقود من الزمن، أن الإعلام غدا يحدد الأولويات، ويرسم الصورة الذهنية، ويؤطِّر وجهات النظر، وأن الناس عبر الزمن تتشرب من هذه الرؤى بشكل كبير، ويصبح كثير منهم أسيراً لها في تفكيره وسلوكه وتصرفه.
لقد غيرت الثورة الإعلامية العلاقات المجتمعية، والإدراك الذهني، والمستوى الثقافي، وصنعت عالماً جديداً لا يكاد يربطه بما سبقه من عوالِم إلا الشكل.
"الإعلام الخيري" مسمى بهذا الوزن والحجم والقيمة والاتساع والتأثير؛ حريٌّ أن ينال حقه من التقدير، وحظه من إعادة التقييم والمراجعة والتصنيف.
م . رياض بن ناصر الفريجي
@riyadhtopmedia


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.