نائب أمير عسير: الخطاب الملكي يعكس ثقل المملكة السياسي وتجسيدها للإنسانية    أوقية الذهب تصعد الى 3645.04 دولار    نائب أمير منطقة عسير يتوّج المنتخب السعودي تحت 19 عامًا بكأس الخليج في نسخته الأولى    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    أرامكو تصدر صكوكاً دولارية دولية    إسهاماً في تعزيز مسيرة القطاع في السعودية.. برنامج لتأهيل «خبراء المستقبل» في الأمن السيبراني    «الفطرية»: برنامج لمراقبة الشعاب المرجانية    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    200 شخص اعتقلوا في أول يوم لحكومة لوكورنو.. احتجاجات واسعة في فرنسا    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    المملكة تعزي قطر في وفاة أحد منسوبي قوة الأمن الداخلي جراء الاعتداء الإسرائيلي الآثم    إثارة دوري روشن تعود بانطلاق الجولة الثانية.. الاتحاد والهلال يواجهان الفتح والقادسية    هوساوي: أعتز برحلتي الجديدة مع الأهلي    الدليل «ترانسفير ماركت»    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنفيذ الخطة العامة للطوارئ    منافسة نسائية في دراما رمضان 2026    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025.. موروث ثقافي يعزز الأثر الاجتماعي والحراك الاقتصادي    نائب أمير المنطقة الشرقية: الخطاب الملكي الكريم خارطة طريق لمستقبلٍ مشرق    اليوم الوطني.. نبراس للتنمية والأمان    حساب المواطن ثلاثة مليارات ريال لمستفيدي شهر سبتمبر    فيلانويفا يدافع عن قميص الفيحاء    باتشيكو حارساً للفتح    واشنطن تستعد لتحرّك حازم ضد موسكو    سكان غزة.. يرفضون أوامر الإخلاء ومحاولات التهجير    هيئة الشرقية تنظّم "سبل الوقاية من الابتزاز"    الكشافة السعودية تشارك في الجامبوري العالمي    مبادرات جمعية الصم تخدم ثلاثة آلاف مستفيد    العراق: الإفراج عن باحثة مختطفة منذ 2023    الفضلي يستعرض مشروعات المياه    "التعليم" توقع اتفاقية "الروبوت والرياضات اللاسلكية"    «آسان» و«الدارة» يدعمان استدامة التراث السعودي    «سلطان الخيرية» تعزز تعليم العربية في آسيا الوسطى    «الحج والعمرة» تُطلق تحدي «إعاشة ثون»    التأييد الحقيقي    "الشيخوخة الصحية" يلفت أنظار زوار فعالية العلاج الطبيعي بسيهات    إنقاذ حياة مواطنَيْن من تمزّق الحاجز البطيني    2.47 تريليون ريال عقود التمويل الإسلامي    59% يفضلون تحويل الأموال عبر التطبيقات الرقمية    الهجوم الإسرائيلي في قطر يفضح تقاعس واشنطن ويغضب الخليج    هل توقف العقوبات انتهاكات الاحتلال في غزة    المكملات بين الاستخدام الواعي والانزلاق الخفي    مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    الأمير فهد بن جلوي توَّج الملاك الفائزين في تاسع أيام المهرجان    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    السبع العجاف والسبع السمان: قانون التحول في مسيرة الحياة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    نائب أمير منطقة تبوك يستعرض منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    ختام بطولات الموسم الثالث من الدوري السعودي للرياضات القتالية الإلكترونية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة "أمان"    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط أن الرَّغبةَ في الخيرِ، والدَّأَبُ في طَلَبِه، وطَرْقُ أبوابِه، وسؤالُ اللهِ التَّوفيقَ وحُسنَ المعونة على بلوغ أقصى الغاية فيه، شأنُ كلِّ أوَّابٍ حفيظٍ، وديدَنُ من خشي الرَّحمن بالغيبِ، وابتغى الوسيلةَ إلى رضوانِ ربِّه الأعلى بكلِّ محبوبٍ لديهِ، أرشد وهدى عبادَه إليه، وحثَّهم على إصابة حظِّهم منه، والتزوُّدِ بنصيبٍ وافرٍ، يصحَبُهم في سَيرهم إلى لقائه؛ أملًا في نزول دارِ كرامتِه، والظَّفَرِ بكريمِ موعودِه، والتَّنعُّمِ بالنَّظر إلى وجهه الكريمِ في جنَّةٍ عرضُها السَّماواتُ والأرضُ أُعِدَّتْ للمتَّقين.
وبين في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام اليوم،أنَّ دلائلَ سَعةِ رحمته-سبحانه- وواسعِ فضلِه على عبادِه، وإرادتِه الخيرَ بهم، لتبدو جليَّةً بيِّنةً في سَعة وتعدُّدِ أبوابِ الخير التي أمرهم ووصَّاهم بها، ودلَّهم عليها، ووجَّه أنظارَهم إليها، بما أنزل عليهم من البيِّنات والهدى في مُحكَم الكتاب، وبما جاءهم به رسولُه المُصطفى، ونبيُّه وحبيبُه المُجتبَى-صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه- فيما صحَّ سندُه من سُنَّتِه، وما ثبت به النَّقلُ من هَدْيه وطريقتِه، عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حيث إنَّها أبوابُ خيرٍ مُشرعةٌ في كلِّ حينٍ، تستغرِق كلَّ أيَّامِ العامِ؛ فليس شهرٌ من شهوره: إلا ولأيَّامه أو لياليه وظائفُ يلِجُ منها العبدُ إلى جمهرةٍ من الطَّاعات، وحَشْدٍ من القُرُباتِ، يزدلِفُ بها إلى مولاه، وتقرُّ بحُسن الثَّوابِ عيناه! .
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام : لقد أظلَّكمْ زمانٌ شريفٌ، من غُرَر الأيَّام، يُجدِّدُ للمؤمنينَ العَهْدَ بالطَّاعة، ويصِلُون فيه البرَّ بالبرِّ، ويُتبِعُون الحسنةَ بالحسنةِ، ويعقبون الإحسان بالإحسان، وهي الأيَّامُ العَشرُ المباركةُ المُعظَّمة من شهر ذي الحجَّة، التي هي خيرُ أيَّامِ الدُّنيا، وأجلُّ مواسِم الخيرِ، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه-واللَّفظ له- عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ من هذهِ الأيَّامِ» يعني: أيَّامَ العَشْر, قالوا: يا رسولَ اللهِ! ولا الجِهادُ في سبيلِ اللهِ؟! قال: «ولا الجِهادُ في سبيلِ اللهِ؛ إلا رجلٌ خرج بنفسِه وماله، فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ».
وكلُّ ذلك يدلُّ على سُمُوِّ مكانتها، وعظيم فضلها، وجليلِ مَوقِعِها، وأنَّ الأبوابَ الموصِلةَ إلى رضوانِ اللهِ فيها كثيرةٌ، وأنَّ منافذَ الرَّحمة الربَّانيَّة منها وفيرة، فمن فاته نوعٌ حظِيَ بآخر، ومن عَجَز عن عملٍ؛ فلَنْ يَعجِزَ عن الجميع وفي هذا باعثٌ قويٌّ للمؤمنِ، يحمِلُه على اهْتِبالِ هذه الفضيلة، واغتنامِ هذه الفُرصة، بالازدلاف إلى ربِّه بألوان الطَّاعات، والمسارعةِ إلى مغفرتِه ورضوانه بضُروبِ القُرُبات/.
ولفت الشيخ أسامة خياط أنَّ أولى ما يتقرَّبُ به العبدُ لربِّه في هذه الأيَّام: إقامةُ الفرائضِ، واجتنابُ المحارمِ؛ فإنَّها رأسُ التعبُّد وعَمُودُه، كما جاء في الحديث القُدْسيِّ الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ قال: وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه» ثم يُعقب الفرائض بضروب من التعبُّد بنوافلِ الطَّاعاتِ، من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وتلاوةٍ وصلةٍ، فإنَّها تورثُه درجةَ المحبوبيَّة، التي أشار إليها رسولُ الهدى-صلواتُ اللهِ وسلامه عليه- بقوله حكايةً عن ربِّه: «وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحِبَّه؛ فإذا أحببتُه، كنتُ سَمْعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصِرُ به، ويدَه التي يبطشُ بها، ورِجْلَه التي يمشي بها، وإنْ سأَلَني لأُعطينَّه، ولئن استعاذَني، لأُعيذنَّه» الحديث.
// يتبع //
14:55ت م
0049

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط أنَّ في التعبُّد لله تعالى بعبوديَّة الذِّكرِ في هذه العَشْرِ: لموقعًا مُتَفرِّدًا، ومقامًا عليَّاً؛ ذلك أنَّ الذِّكرَ هو خيرُ الأعمالِ وأزكاها عند الله عزَّ وجلَّ؛ كما جاء في الحديث عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبِّئكمْ بخير أعمالكم، وأزكاها عند مَلِيكِكُم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذَّهبِ والوَرِق، وخيرٍ لكم منْ أنْ تلقَوا عدوَّكم؛ فتضرِبوا أعناقَهُم، ويضربوا أعناقَكم؟» قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ! قال: «ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجلَّ» وكما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَبقَ المُفرِّدونَ» قالوا: وما المُفرِّدونَ يا رسولَ الله؟! قال: «الذَّاكِرونَ الله كثيرًا والذَّاكراتُ».
وقال : ولئنْ كانَ هذا هو شأنَ الذِّكر في عموم الأحوال، فهو في هذه العشر أظهرُ شرفًا، وأعظمُ منزلةً؛ ولذا جاء تخصيصُه-تعظيمًا له واهتمامًا به- من بين سائر الطَّاعات، كما في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ، ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ، من هذه الأيَّامِ العشرِ؛ فأكثِروا فيهنَّ من التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميد» ، وإنَّ «على كلِّ جارحةٍ من الجوارحِ-كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله- عبوديَّةً مؤقَّتةً، إلا الذِّكرَ؛ فإنَّه عبوديَّةُ القلبِ واللِّسانِ وهي غيرُ مؤقَّتةٍ، بل هم مأمورون بذكر معبودهم ومحبوبهم في كلِّ حالٍ: قيامًا، وقعودًا، وعلى جنوبهم وهو جِلاءُ القلوبِ وصِقالُها، ودواؤُها إذا غَشِيَها اعتلالُها، وكلَّما ازداد الذَّاكرُ في ذكره استغراقًا، ازداد لمذكوره محبَّةً وإلى لقائه اشتياقًا، وإذا تواطأ على الذكر القلبُ واللسانُ، نسِي العبدُ في جنب ذكره كلَّ شيءٍ، وحفِظَ الله عليه كلَّ شيءٍ، وكان له عوضًا من كلِّ شيءٍ، وهو خاتمة الأعمال الصَّالحة كما هو مفتاحُها، وهو قرينُها وروحُها، فمتى خلت منه كانت كالجسد بلا روح.
وأضاف " ذكرُ العبدِ لربِّه محفوفٌ بذكرين من ربِّه له: ذكرٍ قبلَه به صار العبدُ ذاكرًا، وذكرٍ بعدَهُ به صار العبدُ مَذْكورًا، كما قال تعالى: وقال فيما يرويه عنه نبيُّه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَكَرَني في نَفسِه، ذَكَرْتُه فِي نَفْسِي، وَمَنْ ذَكَرني في مَلَأٍ، ذَكَرْتُه في مَلَإٍ خيرٍ منهم».
وشدد الشيخ أسامة بن عبد الله خياط على أنَّ كلَّ عملٍ صالحٍ في هذه العشر محبوبٌ مطلوبٌ، داخلٌ في جميلِ الموعود وكريمِ الفضل، فليستْ هذه العشرُ مقصورةً على لون واحد من التعبُّد، بل هي مضمارٌ لاستباق الخيرات، وميدانٌ فسيحٌ للباقيات الصالحات، يتنافس فيه المتنافسون، ويجتهد فيه المُخبتون، ولهم في سلوكهم إلى الله مسالك شتَّى؛ «فمنهم من يكون سيد عمله وطريقه طريق العلم والتعليم، قد وفَّر عليه زمانه مبتغيا به وجه الله؛ فلا يزال كذلك عاكفا على طريق العلم والتعليم، حتى يصل من تلك الطريق إلى الله، ويُفتح له فيها الفتحُ الخاص لافتا النظر إلى أن من الناس من يكون سيد عمله الذكر، وقد جعله زاده لمعاده، ورأس ماله لمآله، فمتى فتر عنه أو قصر: رأى أنه قد غبن وخسر ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة، فمتى قصر في ورده منها أو مضى عليه وقت وهو غير مشغول بها أو مستعد لها: أظلم عليه وقته وضاق صدره ومن الناس من يكون طريقُه الإحسانَ والنَّفع المتعدِّي، كقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وإغاثة اللَّهَفات، وأنواع الصدقات، قد فتح له في هذا وسلك منه طريقا إلى ربه ومن الناس من يكون طريقه تلاوة القرآن، وهي الغالب على أوقاته، وهي أعظم أوراده ومن الناس من يكون طريقه الصوم، فهو متى أفطر تغير عليه قلبه، وساءت حاله ومنهم من يكون طريقه الحج والاعتمار ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق، وتجريد الهمة، ودوام المراقبة، ومراعاة الخواطر، وحفظ الأوقات أن تذهب ضائعة.
وأبان أن من الناس الجامع لتلك المنافذ، السَّالِكُ إلى اللهِ في كلِّ وادٍ، الكادِحُ إليه من كل طريق، فهو قد جعل وظائف عبوديته قِبلةَ قَلْبِه، ونُصْب عينه، يؤمُّها أين كانت، ويسير معها حيث سارت، قد ضرب من كل فريق بسهم، فأين كانت العبودية وجدته هناك: إن كان علم وجدته مع أهله، أو صلاة وجدته في القانتين، أو ذكرٌ وجدته في الذاكرين، أو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين، أو ومراقبة ومحبةٌ وإنابةٌ إلى الله وجدته في زمرة المحبين المنيبين، يدين بدين العبودية أنَّى استقلت ركائبها، ويتوجه إليها حيث استقرت مضاربها، فهذا هو العبد السالك إلى ربه حقيقةً».
وأوصى فضيلته المسلمين بتَّقوى الله والأخذ بحظٍّ وافرٍ من هذه الأيَّام المباركة، وأن يرعوها حقَّ رعايتها، بتمام الحرصِ على ذكر اللهِ تعالى فيها وشكره وحُسنِ عبادته، محذرا من إضاعةِ فُرصتِها، وتفويتِ مغنمها، والتَّفريطِ في جميلِ الموعودِ عليها.
وأشار امام وخطيب المسجد الحرام الى أن لتفضيل هذه العشرِ المباركة على غيرها من أيَّام العامِ: سببًا بيَّنه الحافظ ابنُ حجر رحمه الله بقوله: «والذي يَظْهَرُ: أنَّ السَّبَبَ في امتِيَازِ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ؛ لمكان اجتماعِ أُمَّهاتِ العِبادةِ فيهِ، وهيَ: الصلاةُ والصِّيَامُ والصَّدَقَةُ والْحَجُّ، ولا يَتأَتَّى ذلكَ في غيرِهِ»وأنه لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كلُّ أحدٍ قادرًا على مشاهدته في كل عام، فَرَضَ على المستطيع الحجَّ مرةً واحدةً في عُمُره، وجعل مَوسِمَ العَشْرِ مُشترَكًا بين السَّائرين والقاعدين؛ فمن عَجَزَ عن الحجِّ في عامٍ، قَدَر في العَشْر على عملٍ يعمله في بيتِه يكون أفضلَ من الجهادِ، الذي هو أفضلُ من الحجِّ».
وقال : ألا فمَن حُرِم بهذه الجائحة من شرف الموقف بعرفة، فليقف بين يدي الله بشرف الذلِّ والحبِّ والأنس والمعرفة ومن حيل بينه وبين المبيت بمزدلفة، فليزدلف إلى ربه في كل حينٍ وآنٍ يَشكرْ له ما أزلفه ومن حُصِر عن البيت مخافةَ الوباء؛ فليُنزل حاجته برب البيت؛ فإنَّ رزقه ليس له انقضاء، وإنَّ يدَه بالخير لسَحَّاء الليل والنهار .
وأضاف يقول : ومن أراد التقرب إلى ربه سبحانه بنحر الأضاحي يوم النحر، فليتقرب إليه عز وجل بأن لا يأخذ من شعره وأظافره حتى يضحي، عملًا بقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا فاتَّقوا اللهَ واذكروا نعمةَ اللهِ عليكم، إذ هيَّأ لكم من مواسم العُمُر، ونفائسِ الأيَّامِ، ما تعمرونَه بعباداتٍ ترضون بها ربَّكم، وتطمئنُّ بها قلوبُكم، وتزكو بها نفوسُكم، وتطيبُ بها حياتُكم .
// يتبع //
14:55ت م
0050

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثانية واخيرة
وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بتقوى الله فهي خير الزاد ليوم المعاد.
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن من المواسم الفاضلة أيام العشر من ذي الحجة الموفق والسعيد من بادر فيها بالمسابقة إلى أنواع الطاعات والأعمال الصالحات قال الله تعالى ((لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ )) وهي أيام العشر.
وتابع فضيلته أن الله تعالى أقسم بها مما يدل على عظيم فضلها وشرفها قال جل وعلا ((وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ )) .
وأردف إمام وخطيب المسجد النبوي أن على من يبتغي الفلاح وينشد الخير والصلاح أن يتاجر مع الله تعالى وانتهاز هذه الأيام والمبادرة فيها بالخيرات ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلاّ رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) ومضى فضيلته بالقول أن على المسلم اغتنام هذه الأيام فهي فرصة لا تعوض عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) فعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم (ما من أيامٍ أفضل عند اللهِ من أيامِ عشر ذي الحجة) .
وأوضح فضيلته أن سلف هذه الأمة كانوا يجتهدون في هذه الأيام أشد الاجتهاد لعلمهم بفضلها وقد ثبت أنَّ ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما - كانا يخرجان إلى السُّوقِ أيام العشر يكبِّرانِ، ويكبر النَّاسُ بتكبيرهما، وتابع فضيلته أن العمل الصالح الوارد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقتصر على نوع ما وإنما هو اسم عام لكل قربة وردت في النصوص الشرعية ومنها الأعمال البدنية كالصلاة والصيام والحج قراءة القرآن والإكثار من الذكر والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفاً فضيلته أن الأعمال الصالحة المتعدي نفعها إلى المسلمين كالصدقة والاحسان إلى الناس وقضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم .
وأضاف آل الشيخ أن مما ورد فيه الدليل في هذه الأيام استحباب صيامها والإكثار من الذكر فيها قال أهل العلم أن التكبير في هذه العشر نوعان مطلق وهو في جميع ايام العشر والثاني المقيد ويبدأ من فجر يوم عرفة لغير الحاج وللحاج من ظهر يوم النحر وينتهي بعد عصر ثالث أيام التشريق وبين فضيلته صيغة التكبير "الله أكبر الله أكبر لا اله إلا الله الله أكبر ولله الحمد" .
وبين إمام وخطيب المسجد النبوي ما يشرع في هذه العشر وفي يوم النحر الأضحية مردفاً أن من أراد أن يضحي فعليه أن لا يجتنب الأخذ من أظفاره أو شعره حتى يضحي ففي الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.