تشير سجلات التاريخ إلى نجاح الكثير من الرؤساء والسلاطين والأباطرة في العودة إلى السلطة بعد الإطاحة بهم من على كراسي الحكم. وعادة ما يكون هؤلاء عائدين من قفص السجن أو من المنفى.. وهي ظاهرة تثير قلق الشعوب عندما تطيح برئيسها؛ وذلك لأن العودة تعني الانتقام ممن تخلوا عنه وتآمروا عليه. وقد أصاب الرعب نفوس العراقيين من إمكانية عودة صدام حسين إلى الحكم عقب اختفائه وسقوط بغداد في يد القوات الأمريكية عام 2003. وعندما تم إعلان نبأ إلقاء القبض عليه ظل الكثير من العراقيين غير مصدقين أن الشخص الذي تتم محاكمته هو صدام حسين مؤكدين أنه شبيه له. وعندما نفذ فيه حكم الإعدام عام 2006، ظل الكثير من العراقيين على اعتقادهم أن صدام لم يمت وأنه سيعود للانتقام. وفي تاريخ مصر القديم هناك من أطيح به وعاد سريعا ليسترد الحكم من جديد ثلاث مرات... إنه السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذي حكم البلاد من عام 1293 وحتى وفاته بعد أكثر من 40 عاما، حيث تكرر صعوده والإطاحة به من الحكم ثلاث مرات. وكان في كل مرة يطاح به ويسجن، ثم يعود ليتولى الحكم مجددا بعد الانتقام ممن تخلوا عنه. وبالتالي لم يأت ابنه السلطان حسن بالجديد عندما تولى الحكم عام 1347 ثم أطيح به مرتين قبل أن يستقر سلطانه. وفي كل مرة كان يعود لينتقم ويقتل ويسجن كل من تآمروا عليه إلى أن تم حسم الأمر عندما قرر الأمراء المماليك قتله مباشرة دون سجنه لتلافي عودته إلى الحكم مرة أخرى. ويعد الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت من أبرز العائدين إلى الحكم بعد السجن والنفي. وفي الأرجنتين كان هناك خوان بيرون الذي حكم البلاد لفترتين رئاسيتين من عام 1946 وحتى عام 1955 قبل أن يطاح به في انقلاب عسكري. ورغم فرار بيرون خارج البلاد، فإنه نجح في الإبقاء على شعبيته بين الجماهير. وفي عام 1973 عاد إلى البلاد ليفوز بالانتخابات الرئاسية. وهناك أنديرا غاندي في الهند وبناظير بوتو وزوجها آصف زرداري في باكستان. وهكذا فإن إمكانية عودة الرؤساء والزعماء إلى السلطة بعد النفي أو الاعتقال والسجن أمر وارد، ولكن التاريخ يقول إن تلك العودة لا تحدث إلا في ظل توفر عدة عناصر أبرزها وجود إنجازات تكفل للعائد المبرر المطلوب للقبول بعودته، وامتلاك جماهيرية كبيرة على المستوى الشعبي وعلى مستوى الجيش لتوفير الأمان اللازم للعائد .