** مدير عام الخطوط السعودية بشّر هذا الأسبوع بأنه لا زيادة في أسعار تذاكر السياحية الداخلية ، وكانت هذه البشارة عنواناً صحفياً على 8 اعمدة لإحدى الصحف(!!) .. في وقت يطالب فيه الناس بتخفيض أسعار التذاكر ، لأن السواد الأعظم من ركاب الخطوط هم من ذوي الدخل المحدود ، وتذاكر أسرة كبيرة من منطقة في شرق السعودية إلى جنوبها مثلاً ، هو من النوع الذي يقصم الظهر بالنسبة لأولئك البسطاء ، ولذلك فهم مجبورون على ركوب سياراتهم والسفر لمدة تزيد على 12 ساعة متواصلة ، لأن الناقل الوطني له حسابات خاصة ، يضعها خبراء في بروج عاجية . ** وطبعاً لا توجد شركات طيران منافسة بشكل حقيقي في بلد بحجم قارة كان يتوجب أن يكون فيه على الأقل أربع شركات ضخمة ، وكذلك لا يوجد شبكة قطارات تخدم المسافرين وقت الطوارئ والحالات العاجلة كالسفر لاجتماع هام لا يحتمل التأجيل أو العزاء من منطقة إلى أخرى ، أو نحو ذلك ، ولذلك ظلت الخطوط السعودية كما لو كان على رأسها ريشة ، تعمل وفق منظومة أداء متأخرة قياساً بكبريات شركات الطيران في العالم ، وإذا ما تحدث مسؤول فيها إلى مجلس الشورى مثلاً فإنه لا يقدم أي جديد أو مفيد أو حتى بريق أمل بتبديل الأحوال الصعبة لهذه الشركة العتيدة ، ولذلك فقد جاءت ردة فعل أعضاء مجلس الشورى كما قرأنا الاسبوع الماضي على مدير عام الخطوط بعدم الرضا ، بل إن أحدهم طبقاً ل (المدينة) يوم الأربعاء 16 جمادى الأولى الجاري قد وصف توضيحات المهندس خالد الملحم بأنها (عقيمة) . ولو أرادت الخطوط السعودية أن تدافع عن نفسها ، فإن الميدان نفسه سوف يرد هذه الدفاعات لأنه هو الحكم الصحيح ، ونظرة على مدى أسبوع أي أسبوع للمطارات الكبيرة عندنا ، وإلى تكدس الركاب ، وضعف شبكة الحجوزات ، والأداء المترهل وغير المناسب لمعظم الموظفين ، وتأخر الرحلات ، وتقادم عمر الطائرات ، وقلة عددها إلى حدّ مذهل جعلها عاجزة تماماً عن تلبية كل طلبات السفر الجوي الداخلي ، وضعف الخدمة على الطائرة ، وتزاحم المقاعد بشكل يشبه علب السردين ، وعدم الإفادة من تجربة من يحيط بنا من دول في تقدم شركات طيرانها ، كل هذه شواهد حيّة يراها الراكب ، ولا تستطيع دفاعات الخطوط أن تدحضها ولو حاولت . ** ويظل من العجيب أن هناك من يتوهم ان عملية إدارة شركة مثل الخطوط السعودية معجزة ، مع أنها أسهل السهل نفسه ، وسط سوق اقتصادي ضخم (الطلب) فيه أضعاف أضعاف (العرض) فما هي الصعوبة في تجويد الأداء ، بل وتحقيق أعلى درجات الإبداع في العمل ، والتحليق بالممارسة إلى أن تكون هذه الشركة نموذجاً يحتذى ، و(مزاراً) لكل من يريد أن يتعلم فنون الإدارة من عدد من دول العالم ، بدل هذه الصورة الباهتة ، وهذا العمل الكلاسيكي الذي وإن تقدم فإنه ببطء شديد جداً ، وبدرجات تقدم لا تتفق مع اسم المملكة العربية السعودية سكاناً ، واقتصاداً ، وسياحة ، ومحطة دينية هي الأولى في العالم . ** أعضاء مجلس الشورى الذين قابلوا تصريحات الدكتور خالد الملحم ، اقترح بعضهم إدخال منافس قوي ، ضمن شركات أو شركة ضخمة بقدرة مالية تستطيع تقديم خدمات أفضل .. وأظن أن هذا ليس حلاً جذرياً لأن تحقيق هذا الطلب لن يكون متاحاً على الأقل في المستقبل المنظور ، ولكن حتى لو تحقق وبقيت الخطوط السعودية على أدائها الضعيف فإن المنافسة لن تقوم بين قوي وهزيل ، بل يجب العمل على محورين أولهما وأهمهما تجويد أداء الخطوط السعودية وفق خطط واضحة يتم الإعلان عنها ، وتكون مربوطة بسقف زمني واضح لكل مرحلة من مراحل التطوير في زمن ليس طويلاً ، مع الاستعانة بكفاءات من خارج الخطوط يكون لديها فكر إستراتيجي وقوة قرار ، أما المحور الثاني فهو العمل على دخول منافسين كبار لسوق الطيران المحلي ، حتى يستطيع أحدنا أن يجد أن إجراءات السفر بالطائرة أسهل من الانتقال من جنوب إلى شمال جدة بالسيارة .