من أعظم ما تفاخر به العرب حتى في جاهليتها إلى جانب الكرم الحلم وهاتان صفتان يحبهما الله ورسوله،قال عليه الصلاة والسلام لأشج عبد القيس:" إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة ". معن بن زائدة رحمه الله رجل عرف بالحلم وكظم الغيض وملك النفس عند الغضب حتى أصبح في ذلك مثلاً وفي التجاوز والعفو والصفح رمزاً رغم علو منصبه ورفعة مكانته رحمه الله تعالى . . هو البحر من أي النواحي أتيته *** فلجته المعروف والجود ساحله تراه إذا ما جئته متهللا *** كأنك تعطيه الذي أنت سائله فلو لم يكن في كفه غير روحه *** لجاد بها فليتق الله سائله لمّا تولى معن رحمه الله إمارة العراق أتاه أعرابي ليختبر حلمه فدخل عليه دون أن يِِؤذن له فلما مثل بين يديه قال له: أتذكر إذ لحافك جلد شاةٍ *** و إذ نعلاك من جلد البعير قال معن : نعم أذكر ذلك ولا أنساه. قال الأعرابي: فسبحان الذي أعطاك ملكا *** وعلمك الجلوس على السرير قال معن : سبحانه له الحمد على كل حال . قال الأعرابي : فلست مسلّماً ما عشت يوماً *** على معن بتسليم الأمير قال معن : إن السلام سنة يا أخا العرب ، تأتى به كيف شئت. قال الأعرابي : سأرحل عن بلاد أنت فيها *** ولو جار الزمان على الفقير قال معن : إن أقمت فينا فمرحباً بك، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة قال الأعرابي : فجد لي يا بن ناقصةٍ بمالٍ *** فإني قد عزمت على المسير قال معن : يا غلام أعطه ألف دينار، فأخذها الأعرابي و قال: قليل ما أتيتَ به وإني *** لأطمعُ منك بالمال الكثير فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً *** بلا عقل ولا رأي منير قال معن : يا غلام أعطه ألف دينار أخرى ، فأخذها الأعرابي ، و قال: سألت الله أن يبقيك ذخرا *** فمالك في البرية من نظير فمنك الجود والأفضال حقاً *** وفيض يديك كالبحر الغزير قال معن لغلامه : أعطه ألف دينار أخرى ، فأخذها الأعرابي و قال: أيها الأمير إنما جئت مختبراً حلمك لما بلغني عنك ، فلقد جمع الله فيك من الحلم ما لو قسم على أهل الأرض لكفاهم .قال معن يا غلام كم أعطيته على نظمه ؟ قال: ثلاثة آلاف دينار. قال أعطه على نثره مثلها. فأخذها الأعرابي فرحاً مسروراً شاكراً للأمير معجباً أيما إعجاب بما رأى من حلمه وسعة صدره رحمه الله أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا أُخيّ المجامعُ . عبد الله عوبدان الصيعري - شرورة