"التأمينات الاجتماعية" تُطلق آلية تسجيل العمل المرن المطورة    الأمم المتحدة تدين الغارات الجوية الإسرائيلية على مخيم في رفح وتدعو إسرائيل إلى وقف عملياتها    الملك سلمان للمواطنين وقادة الدول: شكراً على مشاعركم الكريمة ودعواتكم الطيبة    رونالدو: الأرقام تلاحقني    العسومي يرحب بالاعتراف الرسمي لإسبانيا والنرويج وإيرلندا بالدولة الفلسطينية    سمو محافظ الخرج يكرم متدربي الكلية التقنية بالمحافظة الحاصلين على الميدالية البرونزية بالمعرض السعودي للإختراع والابتكار التقني    100 لوحة في معرض تعابير    ضبط 10 آلاف سلعة غذائية منتهية الصلاحية بعسير    النفط يعاود الارتفاع والذهب مستقر    القتل لإرهابي بايع تنظيماً واستهدف رجل أمن    اختتام مشاركة جمعية إنسان في المعرض الدولي للقطاع غير الربحي IENA    نائب أمير الشرقية يستقبل أمير الفوج الاربعون بمحافظة بقيق    أدير العقارية" تطرح 7 فرص استثمارية نموذجية في جدة للبيع بالمزاد العلني    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء لجنة جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز    7 اتفاقيات لتحسين جودة مشاريع الطرق في جميع المناطق    "كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة" تستعد لمرحلة «جامعة الدفاع الوطني»    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثاني لمجلس أمراء الأفواج للعام 1445ه    محافظ الأحساء يكرّم 53 طالباً وطالبة من تعليم المحافظة لتحقيقهم جوائز محلية ودولية    مخفية في شحنة قوالب خرسانية .. ضبط أكثر من 4.7 مليون قرص من الإمفيتامين المخدر    القيادة تهنئ رئيس أذربيجان بذكرى استقلال بلاده    سلمان بن سلطان: رعاية الحرمين أعظم اهتمامات الدولة    محافظ طبرجل يفتتح مقر اللجنة الثقافية والفنون بالمحافظة    الركض بدون راحة يضعف الجهاز المناعي    تطبيق تقنية (var) بجميع بطولات الاتحاد الآسيوي للأندية 2024-2025    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من وسط وشرق المملكة    السجن والغرامة لمن يتأخر عن الإبلاغ بمغادرة مستقدميه    تمنع "نسك" دخول غير المصرح لهم    «الاستثمارات العامة» يطلق مجموعة نيو للفضاء «NSG»    قدوم 532,958 حاجاً عبر المنافذ الدولية    تقدير الجميع لكم يعكس حجم التأثير الذي أحدثتموه في المجتمع    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    تفقّد ميقات ذي الحليفة.. أمير المدينة: تهيئة الخدمات لتحسين تجربة الحجاج    صالات خاصة لاستقبال الحجاج عبر «طريق مكة»    «الصقور الخضر» يعودون للتحليق في «آسيا»    حلول مبتكرة لمرضى الهوس والاكتئاب    القاضي الرحيم يتعافى من سرطان البنكرياس    نائب وزير الخارجية يحضر حفل الاستقبال بمناسبة الذكرى السنوية ليوم إفريقيا    كوريا الشمالية تعلن فشل عملية إطلاق قمر اصطناعي لغرض التجسس    الاحتيال العقاري بين الوعي والترصد    أمير المنطقة الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة نادي الاتفاق    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    إسدال الستار على الدوريات الأوروبية الكبرى.. مانشستر سيتي يدخل التاريخ.. والريال يستعيد لقب الليغا    أخضر رفع الأثقال وصيف العالم    اليوم في ختام دوري يلو.. تتويج القادسية.. والخلود والعروبة في صراع الوصافة    عبر دورات تدريبية ضمن مبادرة رافد الحرمين.. تأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الفيصل تُكرم الطلاب الفائزين في مسابقتَي «آيسف» و«آيتكس» وتشيد بمشاريع المعلمين والمعلمات    حفلات التخرج.. البذل والابتذال    مكتسبات «التعاون»    باخرتان سعوديتان لإغاثة الشعبين الفلسطيني والسوداني    أكد دعم المملكة للحكومة الفلسطينية.. وزير الخارجية: حل الدولتين أساس السلام والأمن    إخلاص وتميز    كيف تصف سلوك الآخرين بشكل صحيح؟    نعم.. ضغوطات سعودية !    الديمقراطية إلى أين؟    ورحلت أمي الغالية    سكري الحمل    دراسة تكشف أسرار حياة الغربان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من انتفاضة الحجارة لملحمة السكاكين
نشر في عكاظ يوم 20 - 10 - 2015

مضى أكثر من ربع قرن على الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993) وتبعتها الانتفاضة الثانية (2000 - 2005)، إلى أن اندلعت مؤخرا مرحلة ثورية جديدة من أبرز أدواتها استخدام السكاكين، بدلا عن الحجارة والكلاشنكوف. وإن كانت وما زالت الأحوال المزرية للفلسطينيين تحت الاحتلال، واستمرار حرمانهم من أبسط حقوقهم السياسية أسوة بشعوب العالم الأخرى، هي التي تدفعهم -بصورة أساسية- للمقاومة، إلا أن ما يجمع بين انتفاضة الحجارة الثانية وانتفاضة السكاكين الحالية، هو الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ومحاولات الصهاينة تدنيسه والاعتداء على المصلين فيه ومنعهم من ممارسة شعائرهم والتخطيط لتقسيمه زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود، من أجل الاستيلاء على باحاته البالغ مساحتها أكثر من 140 ألف متر مربع، تمهيدا لإقامة هيكلهم المزعوم.
بخلاف الانتفاضات السابقة، فإن انتفاضة السكاكين الحالية تندلع في وقت بالغ الحرج، بالنسبة لأي مقاومة فلسطينية فعالة في محيط مدينة القدس المحتلة. لقد اجتمعت الأضداد معا ضد الفلسطينيين في القدس، وبقية الأراضي المحتلة. هناك إصرار حكومة نتنياهو على تغيير جغرافية وديموغرافية القدس المحتلة، في مقابل ما يظهر من فتور عربي وإسلامي، دعك من القول بوجود اهتمام دولي، بما يحصل في القدس المحتلة ولها.
لقد اختلفت أولويات العرب فيما يخص أوضاع المنطقة، بل حتى موقفهم من قضية أمنهم القومي، ووجود إسرائيل -نفسها- في قلب العالم العربي. لقد تفككت الجبهة الأمامية العربية في مواجهة إسرائيل، بما يتجاوز أحلام الدولة العبرية بمراحل. لم تنهر الجبهة الأمامية العربية، جراء اتفاقات السلام بين إسرائيل، وكل من مصر والأردن، بل إن ما بقي من تلك الجبهة تفكك داخليا وبعنف، مثل ما حدث للعراق بعد الغزو الأمريكي 2003.. وما يحدث في سوريا الآن من حرب أهلية مدمرة جعلتها مرتعا لتدخلات إقليمية ودولية خارجية، حتى أضحى مصير سوريا (الجبهة والدولة) معا على المحك. لقد أضحت إسرائيل تنعم بميزة تواري الشعور بخطرها عربيا، إلى مراتب تسبقها فيه قوى إقليمية وجماعات غير نظامية تعمل معا على تفكيك آخر دفاعات العرب الأمامية.. وتهدد أمن واستقرار الخط الثاني من المواجهة العربية ضد إسرائيل شرق السويس.
هذا الوضع الجغرافي على الأرض الذي فرض تواري خطر المتغير الإسرائيلي على الأمن القومي العربي، انعكس سياسيا ودبلوماسيا على الفلسطينيين والعرب، على حد سواء. هناك خلاف أزلي فلسطيني فلسطيني على كيفية مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين كلها، بما فيها القدس المحتلة. السلطة الفلسطينية تبدو أنها متمسكة بخيار «الحل السلمي»، حتى مع تعنت حكومة نتنياهو.! لقد ذهبت السلطة الفلسطينية الى تصنيف الانتفاضة الحالية في القدس بأنها أعمال إرهابية! بينما ضاعفت إسرائيل من إجراءاتها القمعية ضد الفلسطينيين بصورة منظمة، حتى إنها تبيح لقوات الاحتلال استخدام الرصاص الحي لقمع مسيرات الفلسطينيين السلمية، دفاعا عن المسجد الأقصى.. وكذا تشديد سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين في القدس المحتلة، والضفة الغربية.
العرب، بدورهم مختلفون على إدارة أزمة التصعيد الإسرائيلي في القدس المحتلة. عدا بيان هزيل من أمين الجامعة العربية يدين فيه ما وصفه بانتهاكات إسرائيل في القدس، ويهدد فيه بتصعيد الأمر في الأمم المتحدة! إلا أن الأمر في حقيقته يشير إلى أن هناك خلافا بين دول الجامعة حول التعامل تجاه ما يحدث من تصعيد إسرائيلي يهدد وضع المدينة المقدسة... هذا الخلاف العربي العربي، حول ما يحدث في القدس، يتماشى مع ما يحدث من خلاف بين العرب حول ما يحدث -هذه الأيام- جراء التدخلات الأجنبية في مناطق عربية أخرى.
لقد فشل العرب في عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة، لأنه كان من المستحيل الخروج ببيان موحد قوي ضد إسرائيل ودعما للفلسطينيين، في القدس المحتلة! بدلا من أن يذهب العرب موحدين للأمم المتحدة في ظل موقف جماعي يصدر من الجامعة، نجدهم يلجأون إلى مجلس الأمن، بدعوة من ما سمي بالمجموعة العربية لمناقشة الوضع في القدس! وإعادة الجدل في المطالبة بحماية دولية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة! بينما هم يعرفون أن مثل هذه المناورات في مجلس الأمن مصيرها الفشل، بسبب الحماية السياسية والدبلوماسية التي توفرها الولايات المتحدة لإسرائيل. وما يقال عن الجامعة العربية يقال أيضا عن منظمة التعاون الإسلامي، حيث فشل مسعاها في عقد اجتماع لوزراء الخارجية.. وكذا ما أعلنته من عزمها الدعوة لعقد قمة استثنائية، من أجل القدس.
في النهاية يعرف الفلسطينيون في القدس والأراضي المحتلة أن عليهم ألا ينتظروا الدعم والمدد من الآخرين، بمن فيهم ساستهم في رام الله. عليهم أن يحملوا قضيتهم بأيديهم.. وأن يتعاملوا مع عدوهم بالطريقة التي تجبره على احترامهم والانصياع لمطالبهم، فهذا قدرهم بما شرفهم الله أن يظلوا في رباط بين أكناف بيت المقدس إلى أن تقوم الساعة. لقد استمرت الانتفاضة الأولى سبع سنوات حتى جاءت نهايتها على يد اتفاقات أوسلو سبتمبر 1993، والانتفاضة الثانية استمرت خمس سنوات وانتهت باتفاق التهدئة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي، حينها، إيريل شارون في مؤتمر شرم الشيخ فبراير 2005. وفي كلا الانتفاضتين لم يقترب الشعب الفلسطيني من تحقيق مطالبه المشروعة في إنهاء الاحتلال، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس... ولا حتى حماية المسجد الأقصى من عبث الصهاينة وضمان ممارسة المسلمين لشعائرهم فيه، بعيدا عن مضايقات وعنف أجهزة القمع الإسرائيلية.
بالرغم من حرج موقف الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، خاصة في القدس، في ظل هذه الظروف البالغة الدقة التي تمر بها قضيتهم، فإنه يبدو أن ليس هناك من خيار أمامهم سوى مواصلة ملحمتهم الثورية الحالية حتى يحصلوا على حقوقهم كاملة، بعيدا عن الآخرين... بل وبعيدا عن العالم بأسره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.