يعتبر مسجد العباس من أقدم المساجد في مدينة الطائف التي تحتضن آثارا ومآثر إسلامية منذ بداية انطلاق نور الدعوة الإسلامية من بطاح مكةالمكرمة، ومن جوار البيت العتيق إلى أرجاء المعمورة قاطبة، حيث يمتد تاريخه لقرابة ألف عام. ويقول المؤرخ عيسى القصير عن مسجد العباس وتاريخه: «حينما أشرق نور الهداية والإسلام على أرض الطائف، لفظت ماكان منها من جاهلية وهي الأرض التي تفاخر بأن رسول الله شرفها بدخوله مرتين: الأولى في ليالي بقين من شهر شوال السنة العاشرة من النبوة ومعه زيد بن الحارثة فأقام بالطائف شهرا يدعو إلى الله تعالى، ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم للمرة الثانية وتطأ قدماه الشريفتان أرض الطائف بعد فتح مكة في شهر شوال من السنة الثامنة من الهجرة النبوية الشريفة، حينما فرع من غزوة حنين «لفتح الطائف» فمشى عليها «من الشرائع، ثم على نخلة اليمانية، وقرن، وبحرة الرغاء من لية ثم سلك من لية على نخب ثم مر في الطريق الذي سماه اليسرى، وخرج من الطريق حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة حتى انتهى إلى حصن الطائف «أي سور الطائف القديم لبلاد ثقيف مرورا بحوايا وشهار حاليا». الأكبر في الطائف وبين أن مسجد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو أكبر المساجد بالطائف وفيه موقع لمسجد ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تحويطة صغيرة في ذلك التاريخ، ملاصقة للجدار القبلي من القبة الأخيرة الكائنة في آخر المسجد العباسي على اليمين الداخل من الباب الشرقي، وهذه القبة هي إحدى القبتين في موضع «خيمتي» زوجتيه اللتين كانتا مع الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوة الطائف في السنة الثامنة من الهجرة وهما زينب بنت جحش وأم سلمة رضي الله عنهما، وأول من بنى هذا المسجد عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك الثقفي، لما أسلمت ثقيف في السنة التاسعة من الهجرة النبوية، في مؤخرة المسجد الذي فيه قبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفي جداره القبلي حجر مكتوب فيه: أمرت السيدة زينب أم جعفر زبيدة بنت أبي الفضل العباسي، بعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف وذلك في سنة 192 من الهجرة.. توفي حبر الأمة وترجمان القرآن، عبد الله بن العباس رضي الله عنهما بالطائف سنة 68 من الهجرة ، في أيام عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما عن إحدى وسبعين سنة، وصلى عليه محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وقال: «اليوم مات رباني هذه الأمة». تجديد مستمر بني مسجد عبد الله بن عباس بالطائف سنة 592ه، في عهد الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس المستضئ بأمر الله العباسي الذي تولى الخلافة سنة 575ه إلى سنة 623 هجرية، ويشتمل على أربعة أروقة في الجهة القبلية ومنبر من خشب فيه عشر درجات، وعليه قبة صغيرة من الخشب، ليس بينهما وبين سقف المسجد إلا نحو شبرين، وأمامه باب على يمينه محراب من رخام قطعة واحدة، وحوله بناء مبلط بنورة، وله ثلاثة أبواب في يمينه ويساره وفي المؤخرة منارة من جهة الركن من الجهة الشرقية، وقد تم تجديد عمارة المسجد والقبة والمنارة في عهد الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي ابن رسول صاحب اليمن في سنة 675 هجرية، ثم جددت عمارة المسجد وجدرانه وبعض أروقته بعد سنة 700 ه، لكنها عمارة ضعيفة، حينئذ جددت عمارة المسجد وجدرانه بعد سنة 900ه ، كما جددت عمارة المسجد في سنة 1047 هجرية، ثم جددت مرة أخرى سنة 1061 هجرية، وكذلك على الرسم الأصلي في سنة 1071هجرية في عهد الشريف زيد بن محسن بن أبي نمي، وفي عهد حاكم الطائف أحمد بن ريحان، ثم أحدثت في وسطه عمارة رواقين بإشارة قاضي مكة سنة 1081 هجرية وفصل بينهما وبين القبور التي في مؤخرة المسجد بجدار، كما جددت عمارة المسجد في عهد والي جدة عام 1233 هجرية، ورممت قبته سنة 1260 هجرية، كما تم عمل رواقين جديدين في مقدم القبلة سنة 1295 هجرية، ومن ثم أنشئت مقبرة عامة كبيرة تقع جنوب مسجد عبد الله بن عباس خلال القرن الماضي يفصل بينهما حاليا شارع السلامة لدفن موتى المسلمين بها حتى الآن في عصرنا الحاضر كما يتم دفن الموتى في مقبرة الشهداء من الجهة الشرقية لمسجد عبد الله بن عباس. عمارة كاملة وفي عهد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله وبتاريخ 5/8/1368 هجرية هدم سور الطائف الذي أنشئ سنة 1214ه ، وفي سنة 1378ه ، في عهد الملك سعود رحمه الله، أمر بعمارة المسجد العباسي عمارة كاملة، بإعادة بناء مناراته وأبوابه وأزيد في مساحته نحو الغرب أكثر من ضعفه، وتم الانتهاء من عمارته سنة 1381ه...