عدت بذاكرتي اليوم إلى سنوات طفولتي حينما كنت طفلة فتذكرت أنني لم أكن أحلم باليوم الذي سأكبر فيه وكيف ستكون حياتي.. كنت أحاول بقدر المستطاع أن ألغي هذه الفكرة من رأسي كنت أحرص دوما أن أجعلها آخر أحلامي.. أمر لم أشعر بأنه كان حلما في يوم من أيامي بقدر ما شعرت بأنه كان كابوس أيامي.. تذكرت أنني لم أكن أحب أن أقلد أمي لم ألبس الكعب العالي.. ولم أحاول أن أجرب وضع المكياج على وجهي.. كانت فكرة أن أكبر هما يقلقني.. بل صدقا لم أرد في يوم أن أكبر.وكم كنت أتمنى أن تطول سنوات طفولتي... طفولة في مجتمع كان لا يعترف بالطفولة للفتيات أصلا.. رغم ذلك كنت راضية بهذا التصنيف... مادمت لاأزال أستطيع أن ألعب وأضحك لاأزال أستطيع أن أتكلم... لاأزال بوجودي أشعر.. لا تظنوا بأنني أبالغ... فمن حولي جعلوني بين ليلة وضحاها يفرضون عليه أن أتغير.. كم كنت أتمنى أن لا أكبر ?نني كنت لهم هما أكبر.. كم كنت أتمنى أن لا أكبر لأنني كنت على ثقه بأن صلتي بالعالم ستنتهي ابتداء بإخفاء ملامح وجهي.. ومن ثم صوتي الذي يجب أن يكتم.. كنت أتساءل دوما هل طمس كل معالمي وارتدائي عباءتي من رأسي حتى قدمي.. وصمتي وعدم إبداء رأيي وخضوعي وسمعي وطاعتي للرجل هي ما خلقت من أجله؟.. صدقا لم يتقبل عقلي أو قلبي هذا في يوم.. لم أر في يوم أن هذا هو الإسلام الحق الذي للمرأة فيه منزلة عظيمة تستحق أن تفهم وتعقل... كنت أسأل نفسي مرارا هل أنا كأنثى سبب الشقاء سبب دخول الرجال النار؟ إن كنت كذلك.. إذن من هو سبب دخولنا نحن النساء النار؟ هل وجودي فتنة في كل مكان.. هل أنا الشيطان على هيئة إنسان؟ كنت أكره كوني أنثى كرها شديدا.. كنت أتخبط من داخلي وأشعر بصراع غريب... أشعر بتناقض كبير.. كتبت ما كتبت اليوم بعد أن قرأت وتعلمت وأيقنت بأن ربي لم يظلمني وبأن ديني قد شرفني ورفع منزلتي.. بدأت أقدر نفسي وأفتخر بكوني أنثى بكوني أختا وابنة وعمة وخالة وزوجة وأما وجدة.. تعلمت اليوم بأني لست بعورة ولا عقبة ولا ضعفا ولا فضيحة.. تعلمت أن للنساء منزلة عظيمة وحقوقا لا تقدر كأنها كنوز ثمينة.. تعلمت أن أحب ديني جدا وجدا وجدا.. تعلمت أن كل ما عشته ليس سوى عادات سقيمة وجاهلية كبيرة ليس فيها من الدين سوى أن الدين هو ما يرمون عليه كل أخطائهم... تعلمت أن ثقافة «العيب» في مجتمعي أشد عليه من «الحرام» تعلمت أنني عشت في مجتمع يخاف من «الخلق» أكثر من «الخالق». سميرة الحرازي