أكد وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى «أن عدالتنا مفتوحة على مدارسنا الفقهية وليس لأي مذهب فقهي امتياز لذاته في موازين العدالة». وقال في محاضرة بالمعهد الهولندي للعلاقات الدولية كلينجندال بلاهاي «إن المساواة أمام عدالة الشريعة الإسلامية نص دستوري لا تزدوج معاييره باختلاف الأديان». ورداً على سؤال عن تطبيق قانون الشريعة الإسلامية على غير المسلمين قال «قضاؤنا يسري على غير المسلمين باعتباره دستورا ونظام دولة، إلا أننا في ذات الوقت ندرك خصوصية الأديان والمذاهب في الأحوال الشخصية، وإذا كان هناك من يتحفظ على تطبيق الشريعة على غير المسلمين في البلاد الإسلامية التي تطبق الشريعة، فليتحفظ المسلم على تطبيق مبادئ القانون الروماني أو الإغريقي على سبيل المثال في الدولة التي يقيم فيها والتي تأخذ في سن قوانينها بفلسفات ونظريات هذه القوانين والتي هي بالنسبة للمسلم ناتجة عن إيديولوجيات دينية ونظريات فلسفية واجتماعية، وهو باعتباره مسلماً لا يؤمن بها وإنما يؤمن بمبادئه الإسلامية». وأكد أن عدداً من النظريات والقواعد العامة في مبادئ العدالة سواء في النظام العام أو الخاص، تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما يعكس النتيجة الطبيعية للمشتركات العدلية والتي تتركز غالباً على الكليات والمفاهيم العامة مع الالتقاء في جملة من التفاصيل، مبيناً ملامح التميز الإسلامي في قضاء الشريعة، وبخاصة فتح المجال للقاضي الشرعي بضوابط علمية ومعايير قضائية للإبداع في تفسير نصوص الدستور والنظام والاجتهاد في استنباط المبادئ. وأكد أن مرونة النص الإسلامي أثْرَتْ ودعمت الإبداع القضائي في الاجتهاد وتفسير النصوص وتكوين المبادئ والسوابق، مبيناً أن النص الإسلامي هو نص إلهي في عقيدة أكثر من مليار ونصف مسلم يسكنون هذا الكوكب، نص مشتمل على إعجاز تشريعي يصلح من خلاله لكل زمان ومكان. وقال «استنبط الفقهاء المسلمون من مجموع النصوص الإسلامية، قواعد فقهية عامة وأخرى فرعية قادرة على استيعاب الوقائع والمستجدات في كافة المواد القضائية فضلاً عن غيرها من مسائل التعاملات اليومية». واستطرد «يتدخل القضاء بسلطته التقديرية المبنية على هذه القاعدة العامة لتعديل بعض العقود في حال وجود خلل واضح وغير مبرر في التوازن، لكن لا يحصل هذا إلا في نطاق ضيق يقطع القضاء من خلاله بأن العقد مخل بالتوازن العادل للعقد، على ألا يكيف الخلل بالهامش المقبول أو المبرر أو المسموح به عرفاً أو أنه جاء في سياق التراضي المسبق عليه». وبين أن هناك قسما آخر أشار إليه الفقه الإسلامي يتعلق بالحالة المبنية على العادات والأعراف ويدخل فيها ما يسمى عند البعض بالتقاليد والثقافات، وهذه الأصل فيها إجازتها واعتبارها مصدراً من مصادر التعامل ويحتج بها كسند قضائي عند عدم مخالفتها لنص تشريعي. من جهته أكد رئيس محكمة العدل الدولية الدكتور بيتر توكا، أن المحكمة تقدر القضاء الإسلامي وأن للشريعة محلاً يحظى بالاعتبار والاهتمام لدى المحكمة. وكان وزير العدل قد زار مدينة لاهاي الهولندية وذلك ضمن جولته الحالية على عدد من دول الاتحاد الأوروبي، والتقى مع رئيس محكمة العدل الدولية، وجرى خلال اللقاء بحث الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. كما التقى العيسى مع مسؤولي محكمة التحكيم الدولية الدائمة، واستمع لشرح عن أعمال المحكمة واختصاصاتها والقضايا التي تعرض عليها.