وصف مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الاضطرابات التي تحدث في بعض البلدان الإسلامية بالمغالطات، داعيا المسلمين إلى الحذر من مكائد أعدائهم وحل مشاكلهم بالطرق المناسبة. وطالب المسلمين، في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالله وسط الرياض أمس، بالتفكر في أحوال أعدائهم وكيف أنهم ينقلون سلطاتهم بشكل سلس ونظام دقيق متقن لا يتغير بتغير الزمن، لافتا إلى أنهم استفادوا في قوانينهم الوضعية من تعاليم ديننا، ما يدعو إلى التبصر في واقع المسلمين وضرورة الرجوع إلى الدين حتى يعم الأمن والاستقرار. وقال آل الشيخ: مما يؤسف له أن أعداءنا أخذوا من تعاليم ديننا ما أصلحوا به دنياهم وسياستهم في أمورهم كلها وأحكموا دنياهم وسياستهم في أحوالهم كلها، مضيفا «عندما تنتقل السلطة من حزب لحزب أو جهة إلى جهة تكون بطريقة تلقائية نظامية سلسلة في خلال ساعات ولحظات لا قتل فيها ولا سفك دم ولا فوضى ولا تدمير ممتلكات، بنظام دقيق محكم لا يتغير بتغير الزمن، وإخلاص لدنياهم حتى نشطوا في مهامهم كلها». وتساءل مفتي عام المملكة «لماذا العالم الإسلامي يشقى في أموره كلها، إن جاء انتقال للسلطة أدى ذلك لسفك الدماء وتدمير الممتلكات وانتشار الأراجيف والأقوال الباطلة، لماذا سبقنا أعداؤنا، لماذا لا نرجع إلى ديننا، وننظر إلى ما يجري أمامنا بعين البصير المتبصر، لماذا الاضطرابات وسفك الدماء»، وطالب المسلمين بأخذ العبرة من أعدائهم، متسائلا «لماذا البلاء العظيم، خذوا العبرة منهم في انتظام شملهم ودقة نظامهم وقوانينهم الوضعية التي استقو كثيرا منها من تعاليم ديننا فأصلحوا أمور دينهم ودنياهم داخلية وخارجية، لماذا تعيش الأمة الفوضى والاضطرابات حتى يسخر بنا عدونا وينظر إلينا بهذه النظرة، عقول عظيمة وأعداد كبيرة، لكنها ضاعت وضاقت عن حل مشاكلها، فأصبحت أمة تقاد وتساق كما يساق القطيع من الغنم». وقال «أصبح في الأمة كل جماعة تؤيد حزبا ومذهبا معينا يستغله الأعداء ويمدونه بكل ممكن لكي تحقق مآربها وأغراضها، والمسلم في غفلة عن ذلك»، مبينا أن «الواجب على المسلمين أن يكونوا قدوة لغيرهم في ثبات أمورهم وانتظام كلمتهم وحل مشاكلهم بالطرق السليمة النظامية والإخلاص وعدم تقديم للمصالح الشخصية». وأضاف «مصاب العالم الإسلامي أن المصالح الذاتية الشخصية مقدمة على المصالح العليا التي أضحت بعيدة، وحصر اهتمامها في الذات والشخصيات والمطامع المادية التي تحكم كثيرا من أمورنا وخلافاتنا، علينا أن نكون يدا واحدة فنحل المشاكل بتفاهم وحرص على المصالح العامة لا لإرضاء هذا وذاك، أما أن تخضع انتخاباتنا للآخرين يسيرونها كيفما شاؤوا، فئة تؤيد هذا وأخرى تؤيد ذاك والأعداء يمدون هذا وهذا ليقضوا غرضهم من ضعاف الأمة وضرب بعضها ببعض، هذا كله من فعل الشيطان». وتساءل المفتي العام «لماذا دماؤنا وأموالنا رخيصة بينما دماء أعدائنا غالية على أنفسهم، تمر انتخاباتهم على اختلافها فلا يسفك دم بل تمضي الأمور بدقة ونظام وحسن اختيار وتفاهم في المشاكل بينهم، لماذا نحن المسلمين هكذا»، لافتا إلى أن الواجب أن نكون قدوة لغيرنا وألا يتحكم أعداؤنا في مصالحنا، محذرا من تحكم الغوغائية». وزاد «الواجب على المسلمين العودة إلى رشدهم وأن يعلموا أنه لا خلاص لهم إلا بالرجوع لدينهم، كما يجب أن نكون أحرص الناس على حقن الدماء وحفظ الأموال والمحافظة على البلاد والعباد والبعد عن المصالح الشخصية، أما أن يختار هذا ما يريد وينادي ذاك من يريد، وكأن الأمة فقدت توازنها فهذه أمور تفرح الأعداء». ودعا إلى الرجوع لهدي السلف وخيار الأمة في انتقال السلطة، إذ كانت تتم بطريقة شرعية نظامية ليس فيها فوضوية، ويهنئ بعضهم بعضا.