من قال إن بلادنا السعودية شابة / فتية / ولود، تنجب في كل حين قامات إنسانية لها حضورها وألقها وثقلها الاجتماعي والمعرفي، فما جانب الحقيقة. ومن قال إن الإنسان السعودي يحمل على عاتقه قيمة الوفاء لهذه الأرض المعطاء، وكل يوم يخرج علينا شخص فذ له كاريزما اجتماعية وحضور واع يدفع بمسيرة الوطنية والتنمية نحو آفاق الإبداع والعطاء فقد صدق. أقول ذلك وأمامي شاهد حضاري أقدمه اليوم لنقول له «كفيت وأوفيت» وقدمت للوطن وعن الوطن رؤية ثقافية غير مسبوقة، فيها الإبداع، والفكرة الأخاذة، وفيها العطاء والمصداقية، إنه أحد رجال الخطوط السعودية نشأ وترعرع - وظيفيا- في محاضنها وآفاقها منذ 36 عاما. فقد بدأ العمل فيها عام 1397ه وعاصر قياداتها ورجالاتها، شارك في تطورها وتحولاتها، وقف على ضعفها وقوتها، واكتشف أسرارها وحفظ سرها. إنه المسؤول المالي خالد حميد الدين الذي وثق مسيرته مع الخطوط، بل وثق مسيرة الخطوط وتحولاتها من خلال متحف نوعي وغير مسبوق يختص بكل ما صدر عن الخطوط السعودية من هدايا وتذكارات وشعارات ومجسمات وتذاكر ودعايات ومطبوعات ونماذج للطائرات، وملصقات وصور تعريفية، وملابس وأزياء وميداليات وأقلام وساعات وسجادات وطوابع مناسباتية للخطوط كل هذا الخليط الثقافي يؤرخ لمسيرة الخطوط السعودية عبر متحف متواضع اقتطعه من سكنه الخاص ليعرض فيه جزءا من ذلك التاريخ والأكثر منه حبيس الصناديق. إن متحفا كهذا يشكل ظاهرة حضارية وفكرية أقدم عليها هذا المواطن المنتج، المواطن الواعي، الذي قدم إبداعا غير مسبوق لا على مستوى الأفراد ولا على مستوى المؤسسة وهي الخطوط السعودية ولعلي هنا أدعو المسؤولين عن الخطوط للاستفادة من هذه الفكرة وهذا المتحف ويضعون له مكانا لائقا ويفرغ صاحبه للعمل فيه والإشراف عليه، أو أن تتبناه هيئة السياحة والآثار وتقدم التسهيلات لصاحبه حتى يظهر هذا المتحف على مستوى جدة والمملكة والعالم أجمع. بقي أن أقول إني عرفت هذا المواطن الرائع من خلال هذا المتحف الذي زرته أكثر من مرة ووجدته متفائلا ومضحيا بوقته ومنزله لهذا الفضاء التاريخي الذي يوثق مسيرة تنموية لم يلتفت إليها أصحاب الشأن فجاء بحبه وألمعيته ووطنيته وجمع هذه الذخائر المتحفية وأعلنها للناس ولكن مؤسسته خذلته ولم تعن به للأسف الشديد. وأقول إنني عرفت هذا الرجل فاعلا للخير داعما لأبناء الحي في مجالات القرآن والحفظ والعمل التطوعي والإنساني. وعرفته باذلا مخلصا متفانيا. وليس بكثير على الخطوط السعودية التي انتمى إليها وظيفيا ولا يزال ينتظر التقاعد قريبا أن تحتفي به وتكرمه وتهتم بمتحفه وتقدمه بما يليق. بكل محبة وتقدير أقدم قبلة إعجاب وعربون أخوة لهذا المواطن العلم الرمز الذي يفتخر به الوطن ويتباهى به المسؤولون.