ثمة حضور طاغ لقضايا خلافية ومذهبية يتم استغلالها من أجل تثوير النفوس والاختصام حولها من غير إدراك لماهية الباعث لتلك القضايا التي تواجدت منذ مئات السنين كاختلاف سياسي في المقام الأول وقد تواجد معتنقوها اجتماعيا وعاش كل منهم بمعتقده، إلا أن إثارتها وتحويل الخلاف القديم إلى مثيرات للعداء إنما يستهدف قضايا سياسية في المقام الأول ويغيب هذا الهدف عن الأتباع ويغلف بحماية الدين.. وكل فئة تدعي هذه الحماية في حين يدفع المختلفون أتباعهم إلى أرضية العراك وكلما سدت جهة فتحت أخرى.. في ظل هذا التحريض اليومي يغيب مشروع المناصحة ولا يتواجد على تلك المساحات المولدة لعناصر يتم تعبئتهم لخوض الاحتراب. وربما يقول قائل إن جميع المجتمعات يحمل أفرادها أفكارا تختلف بعضها عن بعض وهذا صحيح إلا أن اعتناق الأفكار تلك هو اعتناق أوجدت له القنوات التعبيرية والمؤسسات التي من شأنها العمل على تصدير أفكارها من غير إحداث كراهية اجتماعية بين أفراد المجتمع ومؤسساته. وأعتقد أن مشروع المناصحة يظل مشروعا ينتظر وصول الداء إلى مشفاه لكي يبدأ في العلاج بينما لا يتواجد في الميدان لمعالجة الحالات قبل وصولها إلى العطب. ومن يتابع مواقع الاتصال الاجتماعي سيلحظ أن هناك تحريضا يؤدي بالأفراد إلى الاقتسام حول قضايا خلافية. وفي وسط هذه المعمعة يضيع الكثيرون على الأقل ضياعا نفسيا حين يعجز الفرد عن فهم كل ما يبث من اختلاف يكون الفرد غير مهيأ ثقافيا لاستيعاب ما يموج من أفكار، فيحدث لديه التشتت أو الانتماء الأعمى الذي يقوده لفعل أي شيء انتصارا لأفكار ليس بالضرورة أن تكون صائبة، لهذا تجيء دعوة الملك عبدالله لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب حلا أوليا وأساسيا لهذه الأزمات. [email protected]