غيرت الثورة المصرية مسار عائلة الرئيس محمد حسني مبارك، ونقلت تاريخ مصر إلى مرحلة جديدة، وكان الانقلاب في حياة نجلي الرئيس مبارك وهما جمال الذي طالما كان يحلم بأن يخلف والده، أما علاء رجل الأعمال فكان يعتقد أنه سيستمر في مراكمة الثروة. وتفيد تقارير صحافية، تشاجر جمال وعلاء بحدة عشية الإطاحة بوالدهما إذ وجه علاء اللوم إلى شقيقه الأصغر جمال لدفعه والده إلى تبني طموحاته في توريثه الحكم، وهو ما أدى إلى الإسراع بسقوطه. تربى علاء وجمال، وكلاهما في نهاية عقدهما الخامس، في قصور مصر الجديدة في ظل سلطة والدهما ولكن لكل منهما مزاج مختلف عن الآخر. فجمال الذي عمل مصرفيا في بداية حياته كان يمثل «الحرس الجديد» الذي أزاح «الحرس القديم» من نظام والده. تولى جمال منصبا قياديا في الحزب الوطني الديموقراطي الذي كان والده يترأسه، وأراد أن يجعل منه ماكينة للوصول ذات يوم إلى الرئاسة. وفي محيط الأسرة، كانت والدته سوزان تساند بقوة طموحاته لخلافة الرئيس المسن الذي تولى السلطة في العام 1981. ولكن الطريق إلى الرئاسة كان محفوفا بالمخاطر، فالمصريون كانوا ينظرون إلى جمال مبارك ودائرته المقربة من رجال الأعمال الأثرياء باعتبارهم فاسدين، وكانوا مكروهين للغاية في الشارع. تخرج جمال مبارك في الجامعة الأمريكية في القاهرة، ثم عمل في مصرف بنك «أوف أمريكا» في لندن ما بين عامي 1988 و1994 قبل أن يعود إلى مصر في العام 1995 إثر محاولة اغتيال مبارك في أديس ابابا. واعتبارا من العام 1999، بدأ جمال مبارك في تسلق المناصب الحزبية ووضع رجاله ومعظمهم من رجال الأعمال في البرلمان والحكومة حيث عملوا على خصخصة الاقتصاد المصري بشكل متسارع. وكانت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في نوفمبر وكانون الأول الماضيين، التي انتهت باستبعاد كل المعارضين تقريبا من مجلس الشعب، في خطوة جديدة في اتجاه الفوز بالحكم. ولكن هذه الانتخابات، التي شابتها اتهامات غير مسبوقة بالتزوير، عززت شعور المصريين بانسداد الأفق السياسي في البلاد، وخرجوا إلى الشارع بعد بضعة أسابيع للمطالبة برحيل مبارك. وبعد هذه المسيرة، التي أحيطت بكل مقومات النجاح، أحبط المصريون طموح جمال وعلاء مبارك، لتطوي مصر صفحة سيحكم التاريخ على لونها، إن كان «أسود أم أبيض».