السينما الحقيقية هي مرآة للواقع، فهي تعكس كل مافي المجتمع من جرائم وانتصارات وعقد نفسية وأحلام، كما أنها أسهل طريق للتعرف على ثقافة أي مجتمع. ومن يتابع السينما الأمريكية سيلاحظ أنه منذ حادثة التفجير الإرهابي في نيويورك في 11 سبتمبر 2001 وسينما هوليوود تنتج أفلاما إما عن الإرهاب، أو أنها تزج بالعنصر الإرهابي في أفلام الأكشن، أو حتى في الأفلام الكوميدية، والذي يعبر عن هلع المجتمع الأمريكي المستمر من الإرهاب. آخر هذه الأفلام Source Code (شفرة المصدر) الذي تم عرضه أول شهر أبريل الماضي، إخراج دونكان جونز، وبطولة (جاك جيلينهال) الذي يقوم بدور كولتر ستيفين. قائد هيلكوبتر حربي من القوات الأمريكية، يجد نفسه مستيقظا فجأة في قطار من شيكاغو، ومقابله تجلس كريستينا (ميشيل مونجان) التي لم يقابلها في حياته من قبل، مع أنها تتحدث إليه وكأنها تعرفه جيدا وتناديه باسم (شون). ويستغرب ستيفن من مايدور حوله، حيث إن آخر ما يتذكره هو اتجاهه في رحلة إلى أفغانستان. ثم يذهب حائرا إلى دورة المياه، ليجد أن المرآة تعكس صورة شخص آخر. بعد ثماني دقائق تنفجر قنبلة في القطار تقضي على جميع من فيه. يترك المخرج المشاهد هذه الأثناء في حالة من التساؤلات، إلى أن يجد ستيفين نفسه فيما يشبه الحجرة، وتتحدث إليه جودوين (فيرا فارميجا) تخبره بأن عليه العودة لمعرفة من هو الإرهابي الذي قام بتفجير القنبلة، ويتم إرساله إلى نفس القطار، وتعاد ذات الأحداث، ويحاول هذه المرة البحث عن مفجر القنبلة ويفشل في إيجاده، وتنفجر القنبلة مرة أخرى، ليرى نفسه يعود إلى ذات الحجرة. لكنه يسأل هذه المرة ما الذي يحدث، وتجيبه العالمة جودوين المكلفة بمتابعته بأنه جزء من نظام يستطيع أن يضع شخصا في ظروف شخص آخر خلال آخر ثمان دقائق من حياته. ويكتشف ستيفن أن كل من شاهدهم في القطار قد قتلوا في الماضي، الأمر الذي جعله يسأل جودوين (لماذا لا نوقف القنبلة من التفجير)، ولستفين غرض آخر من هذا السؤال فقد وقع في حب كريستين، وكان يرغب في إنقاذها بشدة، إلا أنه يتم أخباره بأن هذا النظام لا يغير أحداث الماضي، ووضع لأن يستبدل شخصا مكان شخص آخر لوقت معين فقط بغرض البحث عن معلومات يكلف بها فقط. ولا تتوقف عناصر التشويق في الفيلم إلى نهايته، حيث ينتهي بنهاية ممتعة، ولكنها قد تكون معقدة وغير مفهومة لدى البعض. الفيلم تم عرضه قبل إعلان الرئيس أوباما عن مقتل أسامة بن لادن بشهر واحد، فهل مقتل أسامة بن لادن سيقلل من هلع المجتمع الأمريكي تجاه الإرهاب؟ توجهت «عكاظ» بهذا السؤال لرئيس جمعية المنتجين محمد الغامدي، والذي قال «لن يتغير اتجاه سينما هوليوود حيال الإرهاب، فمن مصلحتها وجود (البعبع الخارجي) لسببين، أولا لكي يستخدم في تغطية مشاكلهم الداخلية، والدليل على ذلك أنه بعد مقتل أسامة بن لادن ظهر بيان بأن الظواهري هو القائد للقاعدة وبن لادن ما هو إلا قائد صوري، وإذا قتل الظواهري سيبحث الأمريكان عن بعبع غيره، والسبب الثاني هو تسويقي؛ لأن هذا النوع من الأفلام يسوق للعمل داخليا وخارجيا، ونحن للأسف كعرب نشكل قوة شرائية لهذه النوعية من الأفلام».