صناعة الإعلام المرئي والمسموع تواجه اليوم تحديات كبيرة تستوجب من العاملين فيهما مراجعة حساباتهم والتفكير بعقلية جديدة تأخذ في الاعتبار احتياجات جمهور المتلقين والسوق الإعلامية المفتوحة لمن أراد الدخول فيها. أقمارنا العربية تنوء بعبء مئات القنوات التلفزيونية التي يمتلكها سعوديون، وتتنوع هذه القنوات في محتواها بين المتخصصة والعامة، وباستثناء البعض منها فإن المواد المدرجة على هياكل هذه القنوات تفتقر لكثير من المهنية والتخصص وتلمس احتياجات جمهور المتلقين. الخلل في مجمله يعود لضعف الإنتاج والاعتماد على كوادر غير مؤهلة يتم قبول ما تنتجه تحت ضغوط ضرورة ملء ساعات البث الذي لا ينتهي بمواد برامجية جديدة. في المقابل هناك مئات المؤسسات والشركات الإعلامية الإنتاجية التي يمتلكها أيضا سعوديون لكنها غير قادرة على إنتاج إعلامي متميز ومستمر ينافس مثيله مما يبث في القنوات العالمية أو العربية المتقدمة. هناك ما يزيد على ألفي ترخيص ساري المفعول في نشاط الدعاية والإعلان، وما يزيد على خمسمائة ترخيص في نشاط الإنتاج الصوتي والمرئي تعود ملكية معظمها لأفراد قد لا تتوافر لديهم متطلبات العمل الإعلامي الناجح. الدكتور عبد الله الجاسر وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية في كلمته التي ألقاها في الحفل الذي أقامته شركة الصدف للإنتاج الإعلامي الأسبوع الماضي في جدة تحدث عن أمنيات أربع تختلج في خاطره، ويتمنى أن ترى النور قريبا، إحدى هذه الأمنيات أجد فيها حلا مثاليا لمشكلة الإنتاج الإعلامي الموجود لدينا. ينادي الدكتور عبد الله بتكوين كيانات إنتاجية إعلامية كبيرة قادرة على الوفاء بمتطلبات السوق التلفزيوني في ظل الازدياد المطرد في عدد القنوات التلفزيونية. ما يطالب به يرتكز على أساس الاندماج والاتحاد بين عدد من مؤسسات الإنتاج الإعلامي القائمة لتشكل مؤسسات وشركات كبيرة تكون قادرة على توفير الاعتمادات المالية والتجهيزات الفنية والكوادر البشرية وهي العناصر الثلاثة الأساسية لإنتاج أي عمل إعلامي متميز في ظل تنافس محموم في مجال إنتاج أعمال تتوافر فيها عناصر التشوق والإثارة والمهنية المتقدمة. محطات التلفزيون الخاصة التي يزدحم بها فضاؤنا لا أشك في أنها ستتلقف بشهية مفتوحة كل ما تقدمه لها هذه المؤسسات الإنتاجية الكبيرة التي سيجدون فيها خير عون لقنواتهم فيما يقدمون من برامج عامة ومتخصصة. القنوات الحكومية، بعد أن ازداد عددها، أصبحت هي الأخرى بحاجة لسواعد أخرى تمتد إليها لتعينها في الوفاء بمتطلبات ساعات البث الطويلة وتقديم برامج عامة ومتخصصة تنبع من واقع مجتمعنا وتتماشى مع توجهات قنواتنا وخططها التطويرية. الإنتاج الإذاعي هو الآخر بحاجة إلى خدمات ودعم هذه الكيانات الإنتاجية الكبرى في حال قيامها، ولا ننسى أنه بالإضافة إلى محطات البث الإذاعي الحكومي القائمة حاليا نتطلع إلى خمس إذاعات خاصة سيتم منح التراخيص اللازمة لها قريبا على موجات FM لتشكل نوافذ جديدة نستشرف من خلالها أعمال إذاعية متنوعة ومنافسة. هذه الأعمال أحسب أن الكيانات الإنتاجية الكبرى التي نتحدث عنها في حال قيامها ستكون لها أيضا إسهامات في إنتاج إذاعي يضاهي ما تقدمة الإذاعات الأخرى في عالمنا العربي والأجنبي أيضا. [email protected]