قال عليه الصلاة والسلام: (من أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس) أحمد. (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا) مسلم. وقال: صنفان من أهل النار لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها (قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس) .. (أوشكت أن ترى قوما يغدون في سخط الله «غضب الله» ويروحون في لعنته، في أيديهم مثل أذناب البقر) مسلم. قال النووي: «هم الذين يعذبون الناس من الشرطة». وقال عمر بن الخطاب: «لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم .. من فعل به ذلك فليرفعه إلي أقصه منه، فقال عمرو بن العاص: لو أن رجلا أدب بعض رعيته أتقص منه؟ قال: إي والذي نفسي بيده، ألا أقصه وقد رأيت رسول الله أقص من نفسه»؟. فالحكم الشرعي في التعذيب هو التحريم، لكن يتم تبريره بأنه الطريقة الوحيدة لاستخلاص الاعترافات، بينما في العقدين الماضيين أجرى العلماء أبحاثا على أثر العنف المادي والمعنوي على مصداقية الاعترافات وتوصلوا عبر تجارب على متطوعين ومراجعات لقضايا حقيقية لوجود ظاهرة «الاعتراف الكاذب» فالمتهم يتوصل للاقتناع بأنه ارتكب التهمة المنسوبة إليه ويعترف بها وهو بريء منها عندما تتوفر ثلاثة عناصر في التحقيق؛ وجود المتهم في جو إرهاب مادي أو معنوي، وإصرار عنصر يمثل السلطة على إخباره بأنه مذنب، وأن هناك أدلة تدينه. فهناك خاصية نفسية تجعل الناس تخضع عموما لاتباع أي شيء يأمر به شخص يمثل سلطة «نظرية تجربة ميلغرام»، فما الخيار لنمط تحقيق نظيف؟، الجواب في كتاب How to Break a Terrorist: The US Interrogators Who Used Brains, Not Brutality.. كيف تخترق إرهابيا: المحققون الأمريكيون الذين استعملوا العقول وليس القسوة لمؤلفه «ماثيو الكسندر» ضابط في سلاح الطيران الأمريكي ومحقق جنائي ترأس فريق الصفوة للتحقيق الذي تم تشكيله من أفضل المحققين الأمريكيين بعد فشل الفرق التي ارتكبت فظائع أبوغريب للتوصل لمعلومات هامة وأشرف على أكثر من 1300 تحقيق في العراق أشهرها الذي أدت معلوماته لاغتيال الزرقاوي وحصل عليها من إمام سبق اعتقاله وتعذيبه لمرتين لم يعترف فيها لكن باللطف اعترف. وفلسفة الكسندر وفريقه أن اللطف أجدى من العنف وتعتمد على بناء علاقة ودية مع المتهم عبر جو مريح وإقناعه بوجهة نظر تجعل من اعترافه أمرا في مصلحته ومصلحة القضية التي يؤمن بها، ومجاراة المتهم عبر التفرس في سماته النفسية بما يساعد على فتح أقفاله النفسية، واستعمال تقنيات مثل «معضلة السجين» من المنطق الرياضي وهي من قبيل التلاعب بإدراك المتهم للمكاسب والخسائر المتحققة بتعاونه، بينما العنف والترهيب والتحقير تولد ردة فعل مقاومة ومعاندة ومعلومات مشوشة ومضللة وكاذبة. ولهذا في الأثر: «اللهم لا تجعل لفاجر علي يدا فيحبه قلبي» فالودية تزيل تلقائيا دفاعات الإنسان، وحتى المتهم الذي قد تلحق به عقوبة باعترافه يمكن تسويغ الأمر له ببيان وجه مصلحته في التكفير عن ذنبه.. وحسب ألكسندر فالتعذيب من أقوى أسلحة الدعاية الذي تستعمله الجماعات لتجنيد الأتباع، وأبرز خسارة ذكرها للتعذيب أنها تفقد الجهة التي تقوم به الأفضلية الأخلاقية مقابل خصمها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة