هل تبدو في أفق المنطقة نذر حرب قادمة، أم أن كل ما يجري من تحركات وتحشيدات عسكرية هو محاولة فرضٍ بالقوة لحالة استقرار دائم. ففي ظل حالات الشد والجذب، والتصعيد والتهدئة، بين فترة وأخرى، أمريكيا وإيرانيا، لا يملك المراقب إلا أن يتمهل في إصدار توقعاته حول مآلات ما يحدث على مياه الخليج وشاطئيه، حتى تتضح الرؤية بجلاء. إذ في أجواء إرسال الولاياتالمتحدة حاملات الطائرات إلى المنطقة، ثم أخيرا إرسال القاذفات من طراز بي-52، والاستنفار العسكري الإيراني، يخيل إلينا أن الحرب وشيكة الوقوع. إلا أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التي يحث فيها القيادة الإيرانية على التحاور معه حول برنامج طهران النووي، وما قابلها من تصريحات لنائب قائد الحرس الثوري الإيراني التي قال فيها «إن الأمريكيين لن يجرؤوا على القيام بعمل عسكري»، يوحيان بأن الأمور متجهة إلى تهدئة. إن هذا المد والجزر وتناوب العصا والجزرة في علاقة البلدين حاليا يرجح بأن المسألة لا تزال في مراحل استعراض القوة، وأنها في النهاية ماضية نحو التمهيد لتنفيذ طهران شروط واشنطن لعقد اتفاق جديد، في ظل العقوبات الخانقة المفروضة على إيران، والتجارب المخفقة للحروب الأمريكية في الخارج، إلا إذا عاندت إيران، وعملت على تمضية الوقت حتى ينتهي عهد ترمب، فهي بذلك تلعب بمصيرها نظاما ومقدرات.