قدم الباحث محمد السلطان في رؤيته لمفهوم «الأنا والآخر في فلسفة العزلة» في حلقة الرياض الفلسفية والتي تُعنى بالفلسفة وعوالمها أمس الأول بنادي الرياض الأدبي محورا أساسيا تناول تساؤلاً مشروعاً في المواقف التي تتبدى العزلة من خلالها إذ كيف للعزلة أن تكون اعتكافاً وانغلاقاً على الذات وفي الوقت ذاته أن تكون باباً كبيراً للتغيير والعمل المبدع بل حتى تغيير مصير عالم بأكمله. وعزا السلطان الاشتغال بالضمير الإنساني عندما يعيش الفرد عزلة تامة بقوله «كثير من الشعراء والمبدعين كانوا يعيشون نوعاً من العزلة وكانت لهم منبع كل عمل ومعرفة»، وخصص المواقف التي تتبدى العزلة من خلالها بثلاثة مقامات، المقام المعرفي والمقام الأخلاقي والمقام الوجودي، وبذلك تتأكد الذّات على حسب وصفه. واهتم السلطان في ورقته بالحديث عن العزلة من خلال تجربتها الحقيقية مهملاً تعريفها كمفهوم واضح ونصي، إذ يؤمن بأن التعريفات الواضحة تلغي التجربة بشكل من الأشكال، ويرى السلطان أن تجربة العزلة لا تشكل نوعا من الانفصال عن المجتمع بل في العزلة انفتاح حقيقي على المجتمع وأسراره. وقدم الدكتور عبدالله المطيري قراءة لما جاء به محمد السلطان موضحاً أن الورقة أكدت بشكل متكرر على أن العزلة ليست انفصالاً عن الآخر بقدر ما هي عودة له، يقول «وإن اتفقنا أن العزلة ليست انفصالا عن الآخر فإننا قد نختلف في طبيعة هذه العلاقة التي تتيحها العزلة للذات مع الآخر»، متسائلاً ما إذا وضعت العزلة حدوداً لعلاقة الذات مع الآخر أم أنها تفتحها على كل الاحتمالات؟ ومبيناً أن الانفصال الجسدي عن الآخر في العزلة يحمل معه أبعاداً أعمق في حجب إمكان التعالق معه خارج تجربة الوعي.