عبدالمحسن محمد الحارثي عامٌ بعد عام ، بين متاع الدنيا ومقام الآخرة ، قال تعالى:( وما الحياةُ الدنيا إلّا متاع الغرور ) . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :(الدنيا سِجنُ المؤمن ، وجنَّة الكافِر) ، فالوقت يلتهم كُل شيء كما قال ( أوفيد). الوقت هو مادةُ الحياة ، والحياة بدون جني الفوائد مضيعةٌ للنفس الإنسانيّة ، يقول ( غوته) :( الحياةُ بلا فائدة موتٌ مُسبق. قال علي بن أبي طالب – رضي اللهُ عنه:( الدنيا أمد ، والآخرةُ أبد) ، فلنجعلِ الدنيا مزرعةً للآخرة ، وألّا نغفل عن أنفسنا بأمد السنين ، فالليلُ والنهار يعملانِ فيك ، فاعمل فيهما ، كما قال ( الكندي). قال راجي الراعي:(الزمانُ فمٌ .. لُعَابُهُ الأمل ، ولِسانُهُ التاريخ ، ولُقْمَتُهُ العُمْر ، ونابُهُ الموت ) . فالزمانُ يُنشي ويلاشي ، ففناءُ كُلِّ يومٍ سببٌ لِكون آخرين ، وأيُّ جريمةٍ أكبر من تضييعِ الوقت؟!! الوقتُ المفقود لا يعود ، ولا يُشترى بالنقود ، قال فولتير : ( إنِّي لأحسدُ الرجُلَ الذي يثقُل عليهِ وقت فراغِه) . نحنُ المسلمون ، يجب علينا ألَّا نُسهِبُ في اللهوِ واللّعِب ، وألَّا نغتر بهذهِ الحياة الفانية ، بل نعمل للباقِية ، قال تعالى:( وَذَرِ الذين اتخذُوا دِينهُم لَعِبَاً ولهْواً وغرَّتهُم الحياة الدنيا ). ها هي الأعوامُ تتصرَّم ، والأعمار تقْدُم، والآجال تنتهي ، والأجيال تتواتر ، والزمان يطوي أعمالنا كطوي السجل ، فليس لنا إلّا العمل الصالح ، قال تعالى :( لِكُل أجل كِتاب). ماذا نحنُ فاعِلُون ؟! وبأيِّ الأعمال قادِمون ؟! وبِمَ نُقابل ربَّ العالمين ؟! فمرارةُ الدنيا حلاوة الآخرة ، وحلاوة الدنيا مرارة الآخرة ، كما قال ذلك علي بن أبي طالب- كرَّم اللهُ وجهه – فلا تغُرنَّكُم الحياة الدنيا !!