بسم الله الرحمن الرحيم في بيت من بيوت العلم والشرف تعود جذور سادته الى الشريف القاسم بن علي الذروي احد شعراء المخلاف السليماني في القرن الهجري السابع الذي اشتهر بقصيدته العصماء في جنوب الجزيرة : من لصب هاجه نشر الصبا .... لم يزده البين الا نصبا في الحسينية وفي منزل الشيخ إبراهيم بن حسن الذروي شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع تنعقدنهاية كل شهر ديوانية أدبية ثقافية تستقطب أهل الفكر والأدب وتستضف الشعراء والمبدعين من أبناء المنطقة ومن خارجها ليقدموا لنا خلاصة علمهم وأدبهم وإنجازاتهم على اختلاف تنوعها. لم يكتفي الشيخ الذروي في ديوانيته بكسر الروتين المعتاد لمجالس الأدب وأمسيات الشعر وحسب بل تجاوز بها جغرافية المكان والزمان وتخطى العادات والتقاليد الى ماهو ابعد من ذلك !! حتى لا اجد وصفا اعمق ولا قولا ابلغ مما تحدث به الاديب الشاعر ابراهيم مفتاح عن ديوانية الذروي وشيخها حيث قال : "كان كل شيء في الديوانية خارجا عن السائد والمألوف والأكثر غرابة أن شيخ شمل هذه القرى قد جعل من الثقافة هما اجتماعيا وشعبيا يحمل الشعر «الفصيح» رايته ويفتح آفاقا لجموحه الأنيق ورفرفاته الملونة في الذائقة الشعبية.. فهل يفعل المشايخ الآخرون ما يفعله هذا الشيخ المثقف؟" نعم هل يفعل مشايخنا مثلما فعل ويفعل هذا الشيخ الشاب ؟ في وقت لم تعد للشيخة ولا للعمودية تلك السيادة المطلقة التي كانت عليها فيما مضى حتى قد تصل أحيانا إلى كونها رمزية ليس للشيخ منها سوى التقدير يقف كثير من المشايخ لاسيما جيل الابناء منهم أمام خيارين لا سواهما , فإما النهوض بها وإعادتها الى مكانتها الاجتماعية البارزة والمؤثرة و إما نعيها والصلاة على جثمانها ودفن رفاتها. يتوقف الأمر في ذلك على قدرة الشيخ وتمكنه من الموازنة بين الحقوق والواجبات في ميزان الشيخة وهنا تبرز فئتين من المشايخ والعرائف والعمد: وهي التي ترجح كفة الحقوق على الواجبات فتنظر هذه الفئة الى الشيخة على انها منصب رفيع ومكانة اجتماعية عليا ورثها كابرا عن كابر وعلى الإتباع ان يقدموا له فروض الولاء والسمع والطاعة سواء ادى ما عليه من الواجبات أم لم يؤدها , لا هم له سوى السعي وراء مصالحه الخاصة ربما تجري الأمور له حسب مشتهاه خاصة من يستند منهم الى خلفية متينة وسمعة ذائعة صنعها الشيخ السلف إبان اضطلاعه بتلك المهمة ثم تركها لهم بعد رحيله الى جوار ربه ضمن ميراث الأسرة من الكيل والصاع والحبل والباع! لكن مع مرور الوقت ونفاذ الكمية المورثة سرعان ما تتغير الأمور من حوله وتنقلب رأسا على عقب فيتخلى عنه القريب والبعيد واحدا تلو الآخر حتى يصل الأمر بالشيخ الى حد العزلة والانطواء عمن حوله !! أما الفئة فهم من رجُحت عندهم كفة الواجبات على الحقوق , هذا النوع من الشيوخ وبنظرته الثاقبة وبما آتاه الله من الحكمة والحنكة والتواضع و دون التفات إلى التبجيل والبهرجة والمجاملات الزائفة يسوس أمور قبائله وأتباعه ويتفانى في خدمتهم بكل إخلاص وسرور وتواضع دفاعه في ذلك " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " لا هم له سوى رضا الله عز و جل ثم خدمة دينه ووطنه ومجتمعه , "الا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " وتلقائيا ومن غير طلب او تكلف تتزن الكفتين بين يديه. ولا غرابة أن تجود هذه النوعية من المشايخ بطراز مميز كالشيخ إبراهيم بن حسن الذروي ليمزج أصالة الماضي برونق الحاضر فيخرج لنا نموذجا متوهجا يعد بمستقبل أكثر إشراقا و تألقا يعيد صياغة مفهوم المشيخ وفق ثوابت الوطن وتطلعات وآمال أبناءه . لقد استطاع هذا الشيخ النموذج وبما وهبه الله من حكمة وبصيرة إن يقرا وبتمعن متغيرات العصر وأدواته الحديثة التي يكتب بها المجتمع توجهات ومتطلبات أفراده , فوجه دفة المشيخ إلى المسار الذي يجب إن تسير فيه وبما يتناسب ومتغيرات الحياة ومستجدات العصر, فصنع من وقار الشيوخ وقودا لطموح الشباب ومن ( باكورة الخيزران) قلما ليزريا يرسم به في سماء الوطن خطوطا من نور تؤكد مشاركة المشايخ بكل الجموع التي خلفهم في مسيرة التقدم والنهضة المباركة للمجتمع السعودي !! صراحة .. لو ان لي من الامر شيئا لدعوت شيوخ وعرائف وعمد جازان الى ندوة يكرم فيها الشيخ ابراهيم بن حسن الذروي بعد ان يلقي محاضرة عنونها ( الشيخة بين الامس واليوم) لكن في قصر جازان من هو اولى واجدر مني بهذه . فلعمري تلك هي الشيخة وأولئك هم الشيوخ حقا , هم المحسنون والكرام المكرمون فهنيئا لنا و للمشيخ بهم!! وبالله التوفيق. 1