عبدالمحسن هلال عكاظ - السعودية رمضان على الأبواب والاستعدادات لاستقباله على قدم وساق، المؤمنون يستعدون بالتزود بخير زاد، والتجار والمستهلكون كذلك، وكل هجرته لما هاجر إليه، حديث اليوم عن استعداد أهل الفن له. ما علاقة الفن برمضان، وهل ما يعرض في رمضان من مسلسلات وأفلام وأغانٍ يعتبر فنا؟ كيف خص هذا الشهر الفضيل بهذا الكم من الفن الهابط والابتذال، وكيف تدحرجنا من سلي صيامك والفوازير والأناشيد الهادفة، ومن ألف ليلة وليلة المذياع الجميلة، إلى فوازير الشخلعة والهشك بشك والألف ليلة الحمراء والصفراء، بل كيف هبط الذوق العام لتقبل هكذا أعمال؟ يقيني أن الأمر يحتاج دراسات وأبحاثا اجتماعية ونفسية. وقبل أن نلقي التهم على منتجي ومخرجي وممثلي هكذا أعمال هابطة، لا بد أن نلوم أنفسنا على تقبلها وإيجاد سوق لها، ففي نهاية التحليل الأمر عرض وطلب، نشتكي كل عام ويزداد السوء والهبوط والإقبال كل عام. في كل دول العالم هناك رقابة على الذوق العام، بالطبع الأمر نسبي ويعود لاختلاف الثقافات، لكن دوما هناك رقابة، أمريكا مثلا، وقد تكون من أكثر وأفجر دول العالم إنتاجا فنيا، هناك قيود على زمن ومكان عرض هذه الأعمال. هذا الهبوط في الذوق العام، هو هبوط أخلاقي في المقام الأول وقبل أن يكون ثقافيا معرفيا، رحم الله شوقي القائل: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا، هنا قد أكون بجانب ابنتي الصغيرة نشاهد التلفاز وأفاجأ بفيلم أو استعراض على محطة عربية خارج عن الذوق العام، هذا وهناك ميثاق شرف عربي وهناك أقمار عربية لمحطات عربية وبرامج عربية، كم شعرت بالخجل عندما قيل لي إن معظم مالكي هذه المحطات هم سعوديون وعرب ومسلمون. المأساة الأكبر اعتبار الشهر الفضيل موسما فنيا للأعمال الهابطة، لست ضد الفن، بل اعتبره إحدى وسائل الرقي والتهذيب كما هو في معظم دول العالم، لكن قومي جعلوه مسخرة الرقي وسلم الهبوط الأخلاقي والانحدار للعالم السفلي المنحط، ولا بد من تدخل الحكومات العربية لوقف هذه المهازل والجشع الرأسمالي المؤذي للعين والسمع والخلق الرفيع والناشر للجريمة والمبشر بها. لو كنا جادين فعلا في رفض هذا النوع من الفن لقاطعناه، ولعلم التجار فمنعوا عنه الإعلان وهو الممول الرئيس له، ولعلم منتجوه وممثلوه ومخرجوه احتقارنا ونبذنا لما ينتج وتوقفوا عنه، أما أن نستنكره نهارا ونقبل عليه ليلا، فهذا يجعلنا شركاء في إثمه، كناقل الخمر وبائعه وباذله.