المنتخب السعودي يتوج بطلًا لكأس الخليج تحت 23 عاماً    السعودية تدين مصادقة الاحتلال على بناء 19 مستوطنة في الضفة    عبد العزيز بن سعد يطلع على خطط هيئة تطوير حائل    القادسية يستنجد بخبير أيرلندي    السعودية للكهرباء شريك طاقة في المؤتمر السعودي الثالث عشر للشبكات الذكية    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل جائزة «نواة» 2025    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    الكرملين: اقتراح أوكرانيا بشأن هدنة في عيد الميلاد مرهون بالتوصل لاتفاق سلام    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    هيئة العقار تباشر إجراءات ضد 25 مطورا خالفوا أنظمة البيع على الخارطة    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    حقوق الإنسان ب"التعاون الإسلامي" تؤكد أولوية إشراك الشباب في العمل الإنساني وبناء السلام    القيادة تهنئ ملك مملكة البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده    زين السعودية تطلق باقة صنع في السعودية لدعم التحول الرقمي للقطاع الصناعي    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    تركيا تقول إنها أسقطت طائرة مسيرة غير خاضعة للرقابة    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    القطيف تحتفي بثقافة الطفل في «أسبوع الطفل الأدبي»    المطر في الشرق والغرب    ورشة نقدية تقرأ الجمال في «كتاب جدة»    «الدارة» ترصد تاريخ العمل الخيري بمكة    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    موجز    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    الأمير فيصل بن خالد يرعى توقيع 21 اتفاقية ومذكرة.. 40 ملياراً قيمة فرص استثمارية بمنتدى الشمالية    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    تعديل السلوك    (الرياضة… حين تتجاوز حدود الملعب)    الأهلي ينهي خدمات رئيس الجهاز الطبي    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    فيديوهات قصيرة تهدد نمو الأطفال    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    دور إدارة المنح في الأوقاف    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين انتقاد حماس وخيانة النضال الفلسطيني
نشر في أنباؤكم يوم 28 - 07 - 2014

بوابة الاشتراكي - القاهرة
المسألة بسيطة! حماس منظمة إرهابية تروّع الفلسطينيين قبل الإسرائيليين، بل حتى تروّع المصريين، والدليل أنها أرسلت جحافلها الجبارة لتحرق أقسام الشرطة في مصر من أقصاها إلى أقصاها يوم 28 يناير 2011.
حماس ليست فقط منظمة إرهابية، بل منظمة مغامرة، وأول من تغامر به هو الشعب الفلسطيني نفسه، حيث أنها ترسل صواريخها البلهاء إلى إسرائيل، فلا تفعل الصواريخ شيئا، ولكنها "تستفز" إسرائيل وتضطرها إلى قتل الفلسطينيين بالجملة. فلو سكتت حماس لسكت الإسرائيليون ولأصبح الشعب الفلسطيني في أحسن حال، وكفى الله المؤمنين شر القتال، خاصة لو كانوا غير مهيئين له.
حماس كذلك تمنع السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بتعنتها ورفضها غير المبرر لأي مسار سلمي. والأنكى أنها تطالب بفتح معبر رفح الذي يعد بوابة الأمن القومي المصري لتمرر أسلحتها وقنابلها لقتل المصريين بأيدي غير مصرية (وربما أيدي مصرية خائنة).
هذه السردية تبدو محبوكة تماما!، لكنها للأسف لا تتفق مع الوقائع والحقائق على الأرض. دع عنك الكلام "الحنجوري" عن أن من حق المقاومة أن تقاوم الاحتلال الاستيطاني العنصري. دع عنك حتى الكلام عن أن الفلسطينيين هم الذين عانوا من الأنظمة العربية (ومنها النظام المصري) التي تاجرت بالقضية لتبقى على عروشها ويموت الفلسطينيون. دع عنك بلاهة قصة "حماس اقتحمت السجون المصرية". دع عنك هذا كله وانظر إلى الحقائق المباشرة فقط.
الحرب الأخيرة لها جذور تستحق أن تُروى، لن نوغل في التاريخ كثيرا، فقط سنتحدث عن عام واحد فقط: العام الأخير.
في يوليو الماضي بدأت مفاوضات بين السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نيتانياهو، المفاوضات كانت مدفوعة من جانب الإدارة الأمريكية، بالتحديد وزير الخارجية جون كيري. وقد تعثرت المفاوضات شهرا وراء شهر، حتى أُعلن رسميا عن فشلها في نهاية أبريل الماضي. وقد أجمع كل المعلقين، بل وحتى مارتن إنديك المبعوث الأمريكي المكلف برعاية المفاوضات، وقبله جون كيري وزير الخارجية الأمريكي، أجمع كل هؤلاء على أن السبب في فشل المفاوضات هو التعنت الإسرائيلي وليس شيئا آخر.
خلال العام نفسه (من منتصف 2013 وحتى منتصف 2014)، بل وقبله بشهور طوال، لم يُقذف صاروخ واحد على إسرائيل من جانب المقاومة الفلسطينية، بعد اتفاقية هدنة طويلة المدى رعتها السلطة المصرية تحت رئاسة مرسي (ولكن طبعا من صاغ الاتفاقية هو المخابرات المصرية)، هدنة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
خلال العام نفسه أيضا، تدهورت أحوال المقاومة الفلسطينية بشكل مريع، بعد أن استمر الحصار على غزة، بل اشتدت قسوته فور وصول السيسي للحكم، حيث عمل بدأب على هدم الأنفاق التي كانت تصل من خلالها مقومات الحياة لشعب محاصَر من كل الجهات. بالإضافة إلى ذلك تدهورت علاقات حماس، وقوى المقاومة الفلسطينية الإسلامية الأخرى، بإيران وحزب الله وسوريا (الداعمين الرئيسيين لحماس) بعد أن قررت المقاومة الفلسطينية تأييد الثورة السورية، ومن ثم معاداة نظام بشار الأسد القمعي. ورغم ذلك لم ترسل المقاومة صاروخا واحدا إلى داخل إسرائيل.
ثم تطورت الأحداث بعد فشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية: أولا منعت إسرائيل الأموال القادمة إلى غزة والتي كانت تستخدمها حماس في دفع رواتب الموظفين في الإدارات الحكومية المختلفة (التجويع هو الهدف)، ثانيا تم تشديد الحصار المصري على القطاع أكثر وأكثر (التجويع التام هو الهدف)، ثالثا وفي يوم 23 أبريل (قبل إعلان فشل المفاوضات رسميا، ولكن بعد فشلها التام عمليا) قامت إسرائيل بعملية في بيت لاهيا، حيث قذفت طائرة إسرائيلية صاروخا على دراجة بخارية يركبها هدف حمساوي، لكن العملية فشلت، وبدلا عن ذلك أصيب 7 من المارة (التجويع ثم القتل هو الهدف)، رابعا في 11 يونيو قتل الجيش الإسرائيلي هدفا حمساويا آخر، وقتل معه طفلا عمره 10 سنوات كان راكبا معه على نفس الدراجة (القتل المستمر هو الهدف).
كل ذلك حدث قبل 12 يونيو، اليوم الذي أُختطف فيه 3 شباب إسرائيليين، وُجدت جثثهم بعد ذلك بثلاثة أسابيع. بتعبير آخر: كل ذلك حدث قبل الحادث الذي يُدعَى أنه دليل الحماقة الحمساوية وأساس النزاع الحالي.
الأنكى من ذلك أن لا أحد، لا أحد أثبت، أو حتى ادعى، أن حماس هي من خطفت وقتلت الشباب الثلاثة. لا أحد حتى إسرائيل.
وطبعا تلى ذلك ما نعرفه جميعا من تصعيد، عندما ألقت إسرائيل القبض على أعداد هائلة من الحمساويين في الضفة، منهم من كان قد أفرج عنه قبل ذلك بشهور، ثم مورس أشد القمع والتعنت ضد أهالي الضفة والقطاع، فما كان من بعض قوى المقاومة – ليس من بينها حماس – أن بدأت القصف الصاروخي.
إذن، فالحقيقة هي أن المقاومة الفلسطينية – وعلى رأسها حماس – هي من مارست ضبط النفس والامتناع عن التصعيد، وليس العكس.
هذه القصة – في رأي من هم مثلي – لا تبيض وجه حماس على الإطلاق. فهي تشير إلى أن حماس مارست سياسة ضبط النفس أكثر كثيرا مما ينبغي ومما يصح: ضبطت حماس نفسها بعد أن أفشلت إسرائيل المفاوضات بوقاحة لأن نيتانياهو رفض أي حل وسط، ضبطت حماس نفسها بعد أن تم تشديد الحصار على أهالي القطاع وتجويعهم حرفيا من قبل إسرائيل ومصر، ضبطت حماس نفسها بعد أن تمت إصابة وقتل شباب وأطفال فلسطينيين في ظل الهدنة، ضبطت نفسها بعد أن لم ينجح أحد في إثبات أن حماس لها صلة بالاختطاف (بل قال كثيرون أن الاختطاف ضد مصلحتها المباشرة) ورغم ذلك بدأت إسرائيل سعارها الوحشي ضد "كل ما هو أخضر"، ضبطت نفسها بعد أن فقدت حماس كل مصادر قوتها المحلية والإقليمية.
القصة المذكورة هنا لا تبيض وجه حماس (لأنها تقول أن حماس ضبطت نفسها ولم تحاول أن تقاوم الاستعمار الاستيطاني بينما هو يقتل ويعربد)، لكنها تكشف الأكذوبة الإسرائيلية التي يرددها اليمين – واليسار – المصريان. تكشف أكذوبة حتى بعض الصحف العالمية المعروفة بتأييدها لإسرائيل لا تستطيع ترويجها.
أما عن السبب وراء التصعيد (انعدام ضبط النفس) الإسرائيلي، فهو بسيط: فأولا كان لابد لإسرائيل أن تهرب للأمام بعد إفشالها المفاوضات التي تنازل فيها عباس حتى عن أبسط المطالب الفلسطينية (التي يضمنها إطار أوسلو)، وثانيا كان لابد لإسرائيل تحت قيادة نيتانياهو أن تختلق أي ذريعة لإفشال الاتفاق بين فتح وحماس على إنهاء الانقسام الفلسطيني وعلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تتضمن أي عنصر من حماس (الاتفاق تم 23 أبريل، وأعلنت إسرائيل فور حدوثه أنه خط أحمر وخطر داهم). وثالثا وأخيرا، وهو بيت القصيد، فإن رعب إسرائيل من الوحدة الفلسطينية (التي تمثل للأسف هزيمة للمقاومة وتركيع لها لصالح عباس وخونة منظمة التحرير)، وإصرارها على إفشال المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، مصدرهما أن الاستراتيجية الإسرائيلية هي ببساطة الوصول إلى إسرائيل الكبرى خالية من الفلسطينيين، وهو ما لا يتسق حتى مع حل الدولتين، وبالتالي لا يتسق مع التهدئة أو مع ترك أي متنفس للفلسطينيين، حتى الخونة منهم من أمثال عباس.
اكره حماس كما شئت. أنا شخصيا ناقد لها بشكل جذري بسبب تذيلها لأنظمة قمعية وبسبب رجعيتها في السياسة الداخلية وبسبب فشل استراتيجيتها السياسية. لكن لا تكذب. مشكلة حماس ربما تكون أنها ليست المقاومة الجذرية الحقيقية، وليس العكس. فإن كنت يساريا، فاجتهد قليلا وانقد حماس من على يسارها، ولا تردد كالببغاء ما يقوله اليمين شبه الفاشي عنها. انتقد حماس، على طريق تعميق المقاومة، انتقد حماس وأنت ترفع شعار النصر للمقاومة – ومن ضمنها حماس – ولا تنتقدها وأنت ساع لإفشال النضال الفلسطيني.
لكن على أية حال، النضال الفلسطيني لن تخبو جذوته، فالقضية أكبر وأعمق من المنعطف الرديء الذي نمر به، أكبر وأعمق من الساسة المنحطين الذين يسيرون بيننا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.