تباهيت بمعلوماتي السينمائية حين تطرقت ابنتي لموضوع السينما وجاء ذكر ستيفن سلبيرغ, قلت لها هل تعلمين أن سلبيرغ كان تلميذا لفرديريكو فيلليني,ليس بالمعنى الحرفي للكلمة ولكنه كان شديد الاعجاب به لدرجة انه كان يحتفظ بصورته على درج مكتبه لانها تجلب له الحظ حسب قوله, كما أعترف بأن مصدر الهامه هو فلليني وافلامه .ولدهشتي لم تعرف من هو فلليني,كما انها تفاجأت بان كلمة بابرتزي التي وردت في فيلم الحياة حلوة .أدرجت هي واسم الفيلم في معجم أمريكي شائع كعبارة انكليزية مع الاشارة لاصلها الايطالي. ولو انه وافق على العمل في أمريكا لاصبح مشهورا مثل هيتشكوك وشارلي شابلن . فصناعة النجم تبدأ من هناك.واعترفت لها دون خجل انني لم أشاهد فيلما واحدا له لكنني قرأت عنه الكثير. وأحببت قصة الحب التي جمعته مع زوجته جيوليتا لخمسين عاما الا بضعة أشهر, وبعد وفاته لم تعش بعده طويلا. وكانت آخر كلماتها هي: سأقضي عيد الفصح مع فردريكو.وكي أثير أعجابها أكثر حرصت على أهدائها نسخة من سيرة حياته والتي يقول فيها: ان احلامنا وكوابيسنا هي ذاتها أحلام الناس الذين عاشوا منذ آلاف السنين وكوابيسهم.ان المخاوف التي نتمتع بها في منازلنا هي في الاساس ذات المخاوف التي عاناها سكان الكهوف. وقد استعملت لفظة»نتمتع» لأن هناك متعة في الخوف. في اعتقادي.واذا كان الأمر خلاف ذلك, فلماذا يقبل الناس على الالعاب الخطرة؟ الخوف يضفي على الحياة حدة واثارة طالما أخذنا منه جرعات صغيرة. والخوف والجبن ليسا الشيء ذاته. والشجاعة القصوى هي التي يبلغها الانسان حين يقهر خوفه. والذين لا يخشون شيئا هم المجانين أو الجنود المرتزقة. وهؤلاء ليسوا مسئولين ولا اهلا للثقة. ويجب عزلهم بحيث لا يهددون بالخطر غيرهم من الناس» وفي فصل آخر يتحدث فيلليني عن ما يجلبه النجاح من عداوات وأحقاد فيقول:الناس يظنون انني كثير الاصدقاء, وهم لا يعلمون الا قليلا, بأنني محاط بالناس الذين يطلبون شيئا كالعمل في أفلامي أو اجراء مقابلة معي. انهم جمع غفير يزيد شعوري بالوحدة. الشهرة ليست كما قد تبدو للناس. ويظن غير المشهورين انها مرغوبة لانهم يفترضون أنها تجلب السعادة..وما السعادة؟ لا شك في أن النجاح قد يجلب لي بعض المسرات. كان النجاح يبدو لي أيام الشباب شيئا رائعا سيشرع لي أبواب العالم, ويجعل أبواي يفخران بي, ويكشف أخطاء أستاذتي , وأكثرهم وجدوني تافها, ولم يخطر لهم قط أني سوف أصبح مشهورا.لقد أفترضت أن الشهرة مقترنة بالمال على نحو ما.وما كان عندي أي اهتمام بالمال الا عند الحاجة اليه. يحتاج الفنان الى طمأنينة دائمة أكثر من حاجته الى الطعام. في الايام المبكرة احتجت مالا للقهوة أو للشطيرة. أو لغرفة في روما تكون قريبة من مركز المدينة قدر الامكان, وفيما بعد أعوزتني الملايين لصناعة الافلام. وهناك وقتان يكون العمل فيهما بالغ الصعوبة, عندما تحرز نجاحا أو اكثر, ويبدو للعالم أن اخفاقك غير ممكن. هكذا يبدو للآخرين وليس لك. فهم يعتقدون انك تعرف وصفة, وأنت على يقين من انك لا تعرف حتى كيف تطبخ. ان معظم ما تنجزه هو وصفتك الخاصة تلك, وليست وصفة شخص آخر, ولكنك لا تفهم لماذا يجري تمجيد ما تعمله. والوقت الآخر الذي يصعب عليك أن تعمل فيه هو عندما تعاني اخفاقا. واذا كان فهم التصفيق عسيرا, فان عدمه محير أيضا. ان الاخفاق أصعب فهما من النجاح. أنت لا تتغير الا ان العالم ينقلب ضدك. النجاح يبعدك عن الحياة, ويحرمك من الاحتكاك الذي منحك النجاح, وكلما أحرزت مزيدا منه اتسعت الهوة بينك وبين الناس, ان هالة النجاح تغدو طوقا يحيط بك ويبعد الاخرين عنك.ولعل اسوأ سجن يمكن ان يعيش فيه المرء هو سجن الأسف, أي صيغة»ليت». من الواجب تلافي هذه الصيغة اذا كان ممكنا. لأن لا أحد لا يستطيع ان يعذبنا كما نستطيع أن نعذب أنفسنا. وعندما يسألني الصحفيون :علام تأسف في الحياة؟أجيب: لا اتأسف على شيء.