صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، «ديوان ناصر بن سالم العويس حياته وأشعاره» من جمع وتحقيق سلطان العميمي. ويتناول الديوان الذي يقع في 267 صفحة من القطْع المتوسط، جوانب من سيرة الشاعر والأديب الإماراتي الراحل ناصر بن سالم بن علي العويس «1914-2008» وأشعاره، وهو ابن الشاعر الكبير سالم بن علي العويس «1887-1958» الذي سبق أن صدر له ديوان شعر فصيح عبر أكثر من جهة ثقافية في الإمارات، ثم ديوان شعره النبطي في طبعتين، آخرهما عن أكاديمية الشعر التي يصدر أيضًا عنها هذا الديوان. وفي كلمة له في الديوان، يقول ابنه الأديب حميد بن ناصر العويس إنّه كانت لوالده تجربته الشعرية المُهمّة في الساحة الشعرية في دولة الإمارات، رغم أنه كان مُقلا في قرضه الشعر، ولم يكن اهتمامه مُنصبًّا عليه بقدر اهتمامه بمتابعة أعماله الخاصة وحياته وأسفاره وتنقلاته، حيث ينزع دائمًا إلى الحرية في مكان إقامته وتنقلاته، ولذلك ابتعد عن المدن كدبي والشارقة واستقر في الذيد. وكان الشعر عنده في أحيان كثيرة شعر موقف ولم يتخذ منه طريقة للتكسب، كما كان مُبتعدًا عن الظهور الإعلامي، ولذلك انتشرت قصائده في محيط أسرته وأقربائه وأصدقائه. ولولا ما نشره الأديب الراحل حمد بن خليفة أبوشهاب من بعض مُساجلاته الشعرية وقصائده في كتابه «تراثنا من الشعر الشعبي» في جزئه الثاني، لكانت علاقته بالنشر منقطعة تمامًا. ويقول مُحقق الديوان سلطان العميمي إنّه تعرّف إلى الشاعر ناصر بن سالم العويس في عام 2000 أثناء عمله على إعداد وتحقيق قصائد الديوان النبطي لوالده الشاعر سالم بن علي العويس، وكان كثير التردد عليه بحكم أنه أكبر أبنائه وأكثرهم قربًا منه وملازمة له في أسفاره وأعماله، ويذكر أنّه في إحدى الليالي التي زاره فيها بمنزله بمدينة الذيد لمراجعة تلك القصائد قبل نشرها في ديوان مطبوع، أنّه طلب منه أن يمدّه بقصائده لنشرها، لكنه رفض بصورة عجيبة مُتعذّرًا بأنه ليس بشاعر، إنما مُجرّد هاو للشعر. وكشف أنّ الأديب حميد بن ناصر العويس قد أرسل له مخطوطة صغيرة تضمّ عددًا من قصائد والده وقصائد شعراء آخرين مُدوّنة بخطّ والده، ومن هذه المخطوطة انطلق في البحث عن قصائد أخرى حتى تيسّر للعميمي جمع أكثر من 80 قصيدة للشاعر الراحل. وبعد جمعه للقصائد وتحقيقها ومراجعتها مع أبنائه وأصدقائه، شرع في توثيق سيرة حياته، ثمّ درس أغراض قصائده وأوزانها، وأتبع ذلك بدراسة قصائده فنيًّا وقراءتها سيميائيا، وهي دراسة فضّل نشرها في كتاب مستقل. ويرى العميمي أنّ قصائد الشاعر ناصر العويس شكّلت في رأيه تجربة شعرية مُهمّة لشاعر اختار الابتعاد عن الأضواء والنشر، لأسباب ربما كان من أهمها ارتباط مواضيع قصائده بذاته ويومياته ومواقفه الخاصة بشكل كبير. لكنها كانت ثرية بتوثيقها عناصر المكان والزمان والأحداث والتطوّرات التي مرّت بها المنطقة في القرن الماضي. وقد صدر لسلطان العميمي مُحقق الديوان الجديد، عدّة إصدارات منها «سالم الجمري.. حياته وقراءة في قصائده»، «علي بن قنبر.. حياته وقصائده»، «الماجدي بن ظاهر.. سيرته وأشعاره وقصائد تنشر لأول مرّة»، «سفرجل.. سيرة وديوان الشاعر راشد الخضر»، «سالم بن علي العويس.. حياته وأشعاره»، «يعقوب الحاتمي.. سيرته وأشعاره»، «بنت بن ظاهر.. أبحاث في قصيدتها وسيرتها الشعبية (عمل مشترك)»، «أحمد بوسنيدة.. حياته وأشعاره»، «خمسون شاعرًا من الإمارات.. سلسلة مُختارات نبطية من الإمارات»، «ديوان محمد المطروشي.. إعداد وتحقيق»، «شعراء آل نهيان.. إعداد وتحقيق»، «ديوان خلفان بن يدعوه.. تحقيق وإعداد»، «ديوان رشيد بن ثاني.. تحقيق وإعداد»، «ديوان ثاني بن عبود.. جمع وإعداد (عمل مشترك)». وتعتبر أكاديمية الشعر الناشرة للديوان الأولى من نوعها في العالم العربي وحازت على الريادة في المحافظة على الموروثين الشعبي والعربي، وتعزيز مكانة الشعر أكاديميا وفق معايير بحثية وعلمية دقيقة. وتقع إصدارات الأكاديمية في إطار الكتب ذات القيمة الأدبية والثقافية والتاريخية والعلمية وساهمت حتى اليوم برفد المكتبة العربية ب 160 إصدارًا متخصصًا من دواوين شعر فصيح ونبطي وبحوث مختصة ودراسات أدبية نقدية وتحليلية.