اتفق الشاعر والروائي محمد خضر مع المناقشين في «بيت السرد» على أن المكان في روايته «السماء ليست في كل مكان» استطاع ابتلاع شخوص روايته، وتغيب بعضهم عن لعب دورهم السردي في التسلسل والتراكم ضمن الأحداث. وأشار إلى أن هذه الرواية لم تكن الأولى، إذ سبقتها كتابة روايتين تم اتلافهما، معتبرا ذلك الفعل «من محاسن الصدف». وذكر خضر في الأمسية التي خصصت لمناقشة روايته مساء أمس الأول في قاعة عبدالله الشيخ بفرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، أن عمر الكتابة «بدأ عام 2011، وبدأت معها الأسئلة: ما الفائدة من الكتابة عن أزمنة وأماكن مهملة؟ ماذا لو لم أكتب هذه الرواية؟». منوها إلى أن «الأزمة كانت تكمن في الوصول إلى مرحلة الرضا في التعبير عن «أربة» وهي المكان الذي تنبع منه الحكاية، وبين جنباته تدور فصوله وتتشكل شخصياته». وأكد ضمن مناقشته مع الحضور، أن الرواية كتبتها الحياة «إذ كانت معجونة بالتساؤلات حول التيه، والموت، وكل ما قد يؤرق الإنسان. وهذا الانشغال في أبعاد العمل جعل منه عملا مربكا على المستوى الشخصي، في الإجابة عن التساؤلات وخلق فضاء مغريا وممتعا عند الكتابة». مضيفا أن «هذا الإغراء الإبداعي دفعني إلى الذهاب إلى أبعد من الاكتفاء بالكتابة عما أستحضره بالذاكرة عن المكان، أو ما نويت إبداعه، لذا كان السعي إلى خلق عالم محرض على هذا النوع من الكتابة، ما دفعني للعودة إلى المعاجم للبحث عن اسم العشبة التي شكلت المنحى؛ لتكون حسب رؤية بعض القراء بطلة الرواية». بدوره، اعترض المترجم راضي النماصي أن يتم حصر المبدع في شكل وفن محددين، كأن يلزم الشاعر بالبقاء في حيزه، وكذلك مع الروائي والقاص. مستعرضا نماذج عالمية في خوض غمار التجارب الإبداعية، ما جعل التجربة أكثر عمقا وبالتالي انجازا وانتاجية. مشيدا في الوقت نفسه بخوض خضر لهذه التجربة، متسائلا عما إذا كانت هذه الرواية نصا طال وتمدد ليصبح رواية، أم كُتب ليكون منذ الأساس رواية أولى؟ فيما اعتبر القاص عادل جاد، لغة العمل متماسكة، ولم تنزلق في مزالق الشعر كثيرا، بل حافظ الكاتب على توازنه في التعامل مع نوع إبداعي جديد عليه، وهو عالم السرد، الأمر الذي أضاف إلى العمل وهو خروج الشاعر من التقعر اللغوي إلى التوظيف المناسب. مشيرا إلى أن المكان «كانت له فرادته في تشكل الحدث عبر إطار فاقع حتى في تشكل الشخوص، ما جعل العمل لا يخرج من عباءة المكان، بل إن المكان كان المحور الأساسي». ونوه الدكتور مبارك الخالدي إلى أن القارئ يجد مسافة غير قصيرة بينه وبين شخوص العمل، نتيجة عدم التغول في الشخصيات وتقديمها في مواقف تفاعلية حوارية، إذ كان يتم المرور عليها بشكل سريع وسطحي، والاكتفاء بإضاءات قصيرة عنها. مضيفا أن «السارد عليم متسلط، وهذا ما جعل الشخصيات تحت سطوته ورحمته الفنية، الأمر الذي أوقع ارتباكا في التعامل مع العمل وبخاصة في ختام الرواية، حيث يتراجع السارد ويترك المجال فسيحا لأحد شخوصه، وهو السائق ليروي تفاصيل الحكاية، فيما شخصيته هامشية وليست من أبطال الرواية». واتفق الروائي عبدالله الوصالي مع هذه النقطة، مشيرا إلى أن الرواية «تعاني من نقطتين رئيسيتين: الأولى عدم التفريق بين السارد العليم والسارد الأول، ما يجعل القارئ غير قادر على فهم من يتحدث ولماذا هو تحديدا. والأخرى هي طغيان المكان على العمل حتى توارت الشخوص وجاءت جاهزة على خلاف ما كان متوقعا». واختتم الأمسية عازف القانون عبدالرحمن العشي بمقطوعة موسيقية، فيما أعلن مدير الأمسية عضو «بيت السرد» القاص عبدالله الدحيلان عن موعد الأمسية القادمة، والتي ستكون يوم الأربعاء الموافق 20 أبريل حول تجربة الكاتبة رحاب أبوزيد في ترجمة روايتها مؤخرا (الرقص على رؤوس الرماح) إلى اللغة الانجليزية، إضافة إلى توقيع مجموعتها القصصية (حليب وزنجبيل).