البلديات عادة تعتبر واجهة صادقة ودقيقة للمدن وهي مصدر تطويرها في كل الجوانب. وبالمقابل فوضع المدينة بشوارعها واسواقها وميادينها وتحسين مختلف مرافقها مقياس لنجاح البلدية، ومدى جديتها ومدى ما تحققه من انجاز على مختلف المستويات. وعند الحديث عن البلديات، فالمقصود هنا ليس مباني البلديات ومعداتها ووسائل إنتاجها ومستلزمات العمل.. وانما المعني هو الموظف العامل بها من أعلى المستويات الوظيفية إلى أدناها.. هؤلاء هم عصب العمل، وبسواعدهم وعقولهم تبنى وتُشيد المدن. وعبر جهودهم يتم تحسينها. والموظف بالبلدية شأنه شأن أي موظف بالدولة لا يخفى على الجمهور واقع عملهم ومستوى انتاجهم، لأن الناس هم بالأساس المصدر والجهة المُقيمة لعمل البلديات وما تفعله بشكل عام – قد لا يكون ما يتداوله الناس في هذا المجال دقيقاً – ولكن المؤكد أنه ليس هناك دخان من دون نار.. وموظف الدولة ينتمي لمجتمعه. يعيش بين جمهوره.. يتفاعل ويتعامل معهم. هو منهم ويحتك بقسم منهم بشكل دائم.. لذا فما يفعله واضح للعيان ومحسوس بنسب مختلفة. فهو كما يقول نزار قباني عن الشاعر: "مكان سريره بالشارع، فالكل يبصره". ومن منطلق التقييم الانطباعي لجهود البلديات وفق المشاهدة. فإن مدينة جدة تجدد ذاتها بين الفينة والأخرى. مدينة جدة تظهر بشكل آخر لزائرها في كل مرة يعود إليها. مظهرها يُدخل المسرّة إلى الروح والبهجة.. يُمتع النفس ويرويها بغسق الفرح. سواء كان مصدر ذلك أسواقها الجميلة (وهذا التطور نتاج مشترك بين البلدية والرأسمال المحلي. يعزز ذلك القدرة الشرائية عند سكان هذه المدينة).. أو بطرقها المعبّدة الناعمة الخالية بالغالب من المطبات والتكسير. هذه المدينة تضيف ميادينها المزيّنة بمجسمات معبرة عن روح الماضي، مقتفية أثر التاريخ بكل دلالاته.. منتصبة القامة بكل زهو بالدورات الرئيسية إضافة جمالية لا تقاوم.. المدينة تتميّز بالتشجير المنسق الواضح. حيث أصبغ عليها رونقا خلابا، يساعد على امتصاص حرارة الطقس وعنفوان الرطوبة بشكل نسبي. هذه المدينة تضيف ميادينها المزيّنة بمجسمات معبرة عن روح الماضي، مقتفية أثر التاريخ بكل دلالاته.. منتصبة القامة بكل زهو بالدورات الرئيسية إضافة جمالية لا تقاوم.. المدينة تتميّز بالتشجير المنسق الواضح. حيث أصبغ عليها رونقا خلابا، يساعد على امتصاص حرارة الطقس وعنفوان الرطوبة بشكل نسبي.طبعاً هذا لا يعني – بأي شكل – انها اصبحت المدينة النموذجية الخالية من الشوائب.. أو انها مدينة لا توجد بها نواقص.. فثمة أمور عديدة، تزعج الزائر لهذه المدينة ابرزها: أولاً: كثرة الصهاريج الخاصة بسحب المجاري وما تبعثه من روائح مزعجة. بسبب انعدام شبكة تصريف المجاري. وهذه قصتها وما آلت إليه المشاريع القديمة معروفة. واصلاح الأمر يحتاج إلى وقت لكي تخرج المدينة من هذه الأزمة. ثانياً: ظاهرة التسوّل الوافدة.. وهي قضية هامة تحتاج إلى معالجة سريعة لكي لا تتفاقم أكثر مما هي عليه الآن. ثالثاً: اهمال أطراف المدينة والتركيز على مواقع فيها. فجنوب المدينة الواقع على طريق مكة منظره مؤذٍ مقزز بسبب انتشار الورش على حيز واسع من الطريق. يمثل نقيصة فاضحة بحق المدينة أمام من يخرج من مطار جدة. رابعاً: الحالة العشوائية في بناء أطراف المدينة. والتي أدت إلى أزمات، أفضت إلى سوق العديد من المتسببين إلى التحقيق والمحاكم، بتهمة التسيب أو الفساد. خامساً: ظاهرة الفوضى المرورية وكثرة استخدام منبهات السيارة بدون مبرر (وهذه ليست مسؤولية البلدية.. وانما يشترك بها المرور وتخضع للذوق العام لدى المجتمع). سادساً: قلة الوسائل واللوحات الإرشادية داخل المدينة. وبمقاربة واقع مدينة جدة (عروس البحر الأحمر) مع مدينة الدمام عاصمة المنطقة الشرقية.. الغائرة بخاصرة الخليج، الغافية بحزنها مما يصيبها.. فالأمر والواقع مختلفان.. فحالة التطور المعنية بها البلدية بطيئة لا تتناسب مع إنفاق الدولة على المشاريع التنموية. ومشاريع البلدية ترتكز بالغالب على الطرق وبناء الكباري.. التي سببت الأذى للسكان لعدم تنفيذها بالسرعة المطلوبة، الشوارع يتم حفرها أكثر من مرة من قبل جهات مختلفة. وتبقى الحفريات وكثرة المطبات وتكسير الشوارع بعد ردم الحفريات، بسبب غياب الرقابة والإشراف من قبل الجهات المنفذة على المقاول المنفذ. ليس من نقيصة لو تم التنسيق بين البلديات، بقصد الاستفادة من خبرات وتجارب بعضها وطبيعة المشاريع المُنفذة. أعتقد أن مدينة الدمام تستحق من الجميع أكثر من ذلك. ومشاكل الدمام، جرى بحثها ومناقشتها والكتابة عنها من قبل، وفي مواقع مختلفة.