كان في الزمان الجميل، تاجرٌ دمشقيٌّ وعنده بضاعة من الخُمر السود( الأقنعة)، ولكنها كانت بطيئة الحركة، قاربت الكساد. واشتكى حاله لشاعر رومانسي هو "مسكين الدارمي" وكان ناسكا متبتلا، فقام على التو، وأنشد أرق ما تسمع في الشعر كله: ==1== "قل للمليحة في الخمار الأسودِ ==0== ==0==ماذا فعلت بناسكٍ متعبدِ" "ردي عليه صلاته وصيامه ==0== ==0==لا تقتليه بحقِّ دين محمد"==2== وما أن دار الشعرُ في دمشق حتى فزعت كل حسان دمشق لبضاعة التاجر، وباع كل ما لديه في الساعة، والصبايا يطلبن المزيد.. تجول اليوم في كل سوق عربي، بل في كل سوق خليجي، ولا تجد البناتَ إلا في أشد الأسمال بؤسا، وأكثرها مجاجة، وأوقحها عريا وترخيصا لكيان الفتاة، وأنا لا أتكلم عن الناحية الأخلاقية فقط، ولكني أتكلم أيضا عن الناحية الفنية، من النظرة الخلاقة، من الأناقة الوقورة، من الأزياء التي ترفع كيان الفتاة فتجعلها حورية، وحلما، وجوهرة، وفراشة.. لا متخلفة، بدائية، جسورة، متهتكة، ورخيصة. وأرجو ألا يتهمني أحد بالرجعية فأنا لم أدع وعظا، ولكني أتكلم عن الذائقة العامة. تريدونني أن أفصح؟ ليكن!تمعنوا القصص الكلاسيكية ولاحظوا في الأفلام القديمة ( العربية ومثلها الأجنبية)، وسترون أن للبنت لبسا معينا معبرا بقلة حيائه وبإبراز حيوانية الجسد، وتتخذ وضعا مزريا ومغريا في زوايا الشوارع وتحت أعمدة الضوء.. ليس مكتوبا على جبينها أنها ساقطة، بل تعبر واقعا عن نفسها بأكثر من ذلك.. أتعلمون لم اختفت تلك الفتيات بلباسهن (أو قلة لباسهن) المشهور في القصص والأفلام؟ لأن بعض الفتيات أصبحن كذلك..والذين روجوا هذه الملابس ليسوا شعراء وإنما نخاسو الأزياء. ولذا فإني أطالب الشاعر الناسك الجميل بالعودة من جديد.. ليس من دمشق، ولكن من باريس!