نقطة نظام

مساء الأحد الماضي .. كنت جالساً بجوار خيمتي أرتق ثقوب ثوبي البالي .. وكانت أختي أم شرار جالسة بجواري تعاتبني وتلومني بأنني أسيىء معاملة ابنها شرار وتطالبني بأن ارفق به وبينما أنا أشرح لها غباء وسفاهة ابنها . إذا بصديقي صعصة السبهللي يلوح لي من بعيد بشماغه الأسود , فعرفت أنه قادم لي بخبر خارج نطاق التوقع .. وبعد أن وصل وشرب فنجالا من القهوة , أسر في أذني قائلا ً: اصرف أختك , فلدي حديث رجالي لا يجوز أن تسمعه امرأة , و إلا ذهبت هيبة الرجل هباء. فطلبت من أختي أم شرار أن تذهب لتطمئن على الأغنام في المرعى , ثم قلت للسبهللي : ماذا لديك .؟ قال هل سمعت بحادثة الرياض .؟ قلت له أية حادثة .؟ قال حادثة الشعراء والكلب .. قلت له لا .. قال استمع إذن : قبل أسبوعين كان ثلاثة من شعراء المحاورة والذين طالما تغنوا بالشجاعة والفروسية و أقاموا حول ذواتهم أساطير من البطولات الكاذبة , كانوا كعادتهم يحيون ليلة من لياليهم المدفوعة الثمن , وكان موضوع المحاورة يدور حول التفاخر بالذات والقبيلة , وبينما هم غارقون في لجاجتهم فإذا بكلب يدخل عليهم حلبة الغوغاء .. فارتكب الثلاثة الفرار مع من فر من الجمهور المعجب ويقال أن أحدهم لم يروه إلا من وسط الدهناء ..!! فقلت لصعصعة .. اعطني رحمك الله قلمي من الصندوق الذي بجوارك, أريد أن أضع نقطة , للكلب الذي كشف الزيف , وعرى الواقع , لأقول له : تغير الزمان وتغير الإنسان و أنت يا رمز الوفاء كما أنت لم تتغير .. لم تتبدل .. أنت رمز للوفاء .. لقد كنت وفيا ً و أنت تسقط كل المزاعم .. وتضع الأمور في نصابها .. لقد صموا آذاننا في حديثهم عن ذاتهم الذي ذاب مع النبحة الأولى لك , والحمد لله أن الأسد انقرض من جزيرة العرب بعد حفر قناة السويس والتي مثلت حاجزا ً طبيعيا ً بين بيئة الأسود وبين من يدعون أنهم أسود في غياب الأسود , ولكنك أيها الكلب الوفي أسقطت كل الادعاءات والمزاعم بنبحة واحدة. رزقك الله بعظم دسم أيها الكلب الوفي.