المسألة الاولى التي يجب على انظمتنا العربية ان تأخذها في الاعتبار انها حين تعترض على المبادرات الاجنبية الداعية للاصلاحات بدعوى تفضيلها صناعة اصلاحية محلية، لا تنتبه الى انها تعطي لنفسها الحق في كونها هي وحدها الوكيل الوحيد للرؤية المستقبلية لتلك الاصلاحات. الانظمة العربية تريد ان تحتكر بضاعة الاصلاح، فان هي سمحت للناس بمشاركتها فذلك سيكون بحدودها التي ترسمها هي وبتوقيتها وبإذن مسبق منها، وتنسى تماما ان المبدأ الذي ترتكز عليه اي حركة اصلاحية لاي قطاع من قطاعاتنا كالتعليم او القضاء او التشريع او الاقتصاد او السوق او المشاركة في صنع القرار وغيرها من القطاعات، ان الركيزة الاساسية فيه هي الرأي الشعبي الحر المضمون السلامة! دون ذلك المرتكز فان أي حديث احادي يظل حبيس القواعد التي ترسمها الانظمة فانه لا يعدو عن كونه مجرد حديث! الدعوة الى اعادة النظر في تلك الروح التي تتحرك بها الانظمة العربية في نظرتها للاصلاح مسألة في غاية الاهمية، لا لمصلحة شعوب المنطقة فحسب بل لمصلحة استقرار الانظمة ايضا. اما المسألة الثانية التي يجب ان تعيد الانظمة العربية النظر فيها حين تحدد موقفها من المبادرات فهي تلك المسافة التي تفصل واقعها عن السقف الذي ترسمه تلك المبادرات الاجنبية للرؤية الاصلاحية فذلك السقف الذي تطالب به القوى العظمى لم ينطلق من الواقع الاجنبي فحسب حتى نحتج بانه مستورد ولايناسبنا كي نرفضه، انما هو سقف وضع بناء على رؤية امنية عالمية تعتقد الولاياتالمتحدةالامريكية ومعها اوروبا ان شعوب منطقتنا دون هذا السقف سيكون مصدر تهديد لاستقرار العالم وهناك حد ادنى تراه تلك القوى لمتطلبات الاصلاح لن تتنازل عنه بسهولة مهما ابدت من مرونة تجاه المعارضين لمبادراتها ومهما ايدت دعاوى الاصلاح من الداخل فانها ستفاوض على الطريقة والمدة الزمنية انما ضمن اطار ذلك الحد دون الاخذ في الاعتبار تلك المسألتين فان خطر التدخل الاجنبي سيظل مخيما علينا جميعا فلا تأمن انظمتنا على نفسها او على شعوبها وتركن للبيات الشتوي المعتاد، حين تسمع تطمينا من هنا او من هناك! *كاتبة بحرينية