عزيزي رئيس التحرير ان مشكلة النصب والاحتيال مشكلة قائمة تشتكي منها المجتمعات البشرية عامة. ونحن في مجتمعنا الأسلامي نتذكر دائما قول النبي عليه افضل الصلاة والسلام حينما تحدث عن المضمون الأسمى للدين فيقول عليه الصلاة والسلام (الدين المعاملة)، وحينما نسلط الضوء على بعض الأمثلة للدلالة على وجود قضية النصب والإحتيال في مجتمعنا نجد أن ما تقوم به بعض الورش لتصليح السيارات دليل قاطع على ذلك الأمر ولكن ربما بمسميات وعناوين تجارية تتخذ من القانون تبريرا لها وتمريرا لعمليات النصب والاحتيال التي تقوم بها على المواطن، أولئك يتناسون قول النبي عليه السلام (من غشنا فليس منا) فما يفعلونه هو نوع من الغش البين مهما ألبسوه من ثياب تقنين وتشريع خاص بهم. ويمكن طرح بعض الأسباب التي تدفع أصحاب الورش لفعل ذلك كما يلي: أولا: ضعف الوازع الديني فالتاجر فاجر ما لم يتفقه في الدين كما يقولون فللأسف إن بعض أصحاب تلك الورش المحتالة لا يمتلكون نصيبا وافرا من الوعي الثقافي سواء على مستوى الدين أو الدنيا مما يعني فقدانهم للموجه المعرفي الدنيوي والديني لكسب الآخرين فهم لا يضعون للتوجيهات الدينية أي اعتبار فالدين الاسلامي عبر تعليماته القرآنية وأحاديث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وتوجيهاته العملية قد حث الإنسان المسلم على اتباع الطرق السليمة الخالية من الأساليب الملتوية كالغش والخداع والغبن والتدليس في تعامله مع الآخرين.. وأمثال هؤلاء المحتالين (ليس فقط على نطاق الورش) يشوهون الصورة الحقيقية لديننا الحنيف ومن هنا نجد أن الكثير منا قد يمدح الغربيين الكفرة لا حبا في عقائدهم ولكن مدحا في معاملاتهم الاقتصادية على نطاق المجتمعات الأوروبية، كما أن ضعف الوازع الديني يجعل بعض أصحاب تلك الورش لا يشعرون برقابة الله عليهم مما يعني أنهم لا يخشون الله وبالتالي فهم مستعدون لأن يقوموا بأي عمل يجنون من ورائه أرباحا دون النظر لما يمكن أن يجره عليهم غضب الله وانتقامه وسخطه. ثانيا: إرادة الربح السريع: يرى المحتالون أن اكتساب المال يمر عبر النصب والاحتيال ويعتبرون ذلك نوعا من الذكاء والفطنة إن هم قاموا بذلك وما يقومون به هو نوع من الخسارة التدريجية لعملائهم فكل عميل يتعاملون معه عبر غشه والتحايل عليه فهو خسارة مستقبلية لهم مما يعني أنهم سيفقدون مكانتهم التجارية (الربحية) عبر خسارة سمعتهم والتي تعتمد أساسا على ما يحمله العميل والزبون عنهم من سمعة طيبة ونحن نلاحظ ذلك على أرض الواقع فكم من ورشة بدأت مشوار عملها نشطة واحتلت مساحة واسعة من العمل الخدماتي في مجال تصليح السيارات ولكنها بعد فترة أصبحت وكأنها لم تكن, والسبب في ذلك هو أساليب الخديعة التي بدأت تتبعها شيئا فشيئا. ثالثا: محاولة استغفال العقول: البعض من اصحاب تلك الورش يظنون أنفسهم أذكياء بما فيه الكفاية لاستغفال الآخرين عبر كلمة معسولة أو تصرف مغشوش فهو مثلا يعيد تركيب بعض القطع المستعملة ليأخذ ثمن قطع جديدة وقد ينجح في فعل ذلك عدة مرات ولكن حبل الكذب والخديعة والتحايل قصير، بل وقصير جدا ويمكن أن يتعرف على أساليبه البعض مما يعني أن عملية استغفال العقول وإن دامت بعض الوقت فإنها لا تستمر للنهاية. رابعا: الطمع والجشع: هناك طائفة من أصحاب الورش يقومون بالنصب والاحتيال لوجود غريزة الجشع والطمع في نفوسهم وتلك غرائز لا يمكن إشباعها عبر الامور المادية فلا يملأ عيني ابن آدم إلا التراب ويشب ابن آدم وتشب معه خصلتان حب العلم وحب المال. أما طرق مواجهة ذلك أو التقليل من حالات حدوثه فهو يتم عبر عدة طرق في مقدمتها وضع قوانين عبر الجهات المختصة ولو جزئية لحماية المواطن من جهة وأصحاب الورش من جهة أخرى ولن يكون ذلك كافيا مادامت تلك القوانين غبر متبوعة برقابة من الجهات المختصة بمتابعة تلك القوانين والتأكد من تطبيقها والالتزام بتنفيذها، والأهم من ذلك كله أن يكون المواطن على درجة كافية من الوعي لمعرفة ما يمكن أن يدور حوله في مثل تلك المواقف فالقول الشائع أصبح أمرا واقعيا وهو (القانون لا يحمي المغفلين). حميد منصور آل عباس