حثّ الدكتور سعود بن صالح المصيبيح المستشار التربوي والإعلامي الجهات التنفيذية المعنية بتوفير فرص العمل للخريجين إلى دراسة الوضع الذي يعيشه عددٌ من خريجي الابتعاث الذين يحملون شهادات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه والذين درسوا خارج المملكة وصرفت عليهم الدولة رعاها الله مئات الملايين وفي جامعات جيدة وتأهيل مناسب. وتحدّث الدكتور المصيبيح لصحيفة "الوئام" مُعرباً عن أسفه لتقصير القطاع الخاص في توفير فرص العمل وبالذات مع زيادة خريجي الثانويات والجامعات في المملكة، واصفاً الوظائف المتاحة بالقليلة مقارنةً بأعداد الخريجين في كل عام. وأضاف أنّ هيئة الإحصاءات العامة أعلنت قبل أيام عن عدد العاطلين والعاطلات وذلك بمئات الآلاف حيث يقترب عدد المسجلين في جدارة قرابة الثمانمائة ألف متقدم ومتقدمة. وأورد قصةً لخريج سعودي لم يتجاوز الثلاثين من العمر أنهى شهادة الدكتوراه من اليابان في تخصص البيئة والهندسة، بعد لقائه به في محافظة جدة، وقال: الشاب أحمد شحاتة تخرّج في جامعة الملك عبدالعزيز من كلية الأرصاد وحماية البيئة وأمضى سنوات طويلة في البعثة. ويضيف المصيبيح: الدكتور أحمد شحاتة حدّثني عن الحضارة اليابانية والانضباط وقوة الدراسة وصعوبتها وتفوّق هذه الدولة وتميزها وتقدّمها، وأنّه لم يستطع إخفاء دموعه عندما سأله عمّن دعمه في البعثة، وأجابه بأنّ من دعمه الملك عبدالله رحمه الله والذي وصفه بوالده. ويتحدث الدكتور أحمد عن قصته حيث يقول: تقدّمت للبعثة وأخذت فرصتي كأي مواطن واستطعت اجتياز الاختبارات المطلوبة، وذهبت لبلد مكلّف جداً، وكان والدي الملك عبدالله _ رحمه الله _ هو السبب بعد الله في ذلك، ذلك أنّ اليابان بلدٌ غالٍ جداً، والدراسة باللغة اليابانية والبلد متقدم في كافة المجالات، وكانت فرصة ذهبية لي ومصدر سعادة أهلي وأسرتي لدراسة الدكتوراه. ويكمل الدكتور المصيبيح وصفه لأحداث القصة قائلاً: واجه أحمد بعد تخرجه مشكلة البحث عن وظيفة، فهو خريج اليابان ويجيد اليابانية والإنجليزية وتخصص البيئة والهندسة الكيميائية، وتقدّم للبحث عن وظيفة في جهات حكومية وجهات خاصة وعلى جامعات، وكانت الكلمة التي يجدها (ضع أوراقك وسنتصل عليك) ولكن لا أحد يتصل، وحالياً أكمل أوراقه في جدارة وينتظر مع الآلاف المنتظرة. ويكمل المصيبيح: تقدّم الدكتور أحمد لمائة قطاع وشركة في اليابان؛ لأجل البحث عن وظيفة، وبحمد الله تحصّل على وظيفة تتطلّب منه العمل هناك بالإضافة إلى قدومه للمملكة والإمارات مرةً في كل عام، وقد عمل في شركة ضخمة لديها أعمال مع أرامكو وحالياً يعمل في طوكيو والشركة ستنقله بعد عام لفرعها في فرنسا لمدة ثلاث سنوات وهو سعيد بتعلم لغة جديدة. ولكنّه يقول: قد أعمل هناك ست أو سبع سنوات، ولكنّي لابد أن أعود لوطني ووالدتي وأسرتي، وأعتبر هذا الوقت فرصة للتطوير والتدريب واكتساب الخبرة من اليابان المتقدم، ومتى ما وجدت فرصة عمل جيدة في المملكة فسوف أعود فوراً فقد تعلّمت من أجل خدمة وطني كما خطط لذلك والدي الملك عبدالله رحمه الله. وأشار إلى قصة أخرى لمبتعثٍ كان مُبدعا وعاد وبحث عن عمل ولَم يجد، وتعرض لحالات اكتئاب وربما أسباب أخرى أيضا أدّت إلى وفاته قبل عدة أيام رحمه الله في جدة. ودعا وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل، بالإضافة إلى القطاع الخاص لاحتواء أكبر عدد ممكن من الخريجين وكذلك المبتعثون والاهتمام بهم ورصدهم بالتعاون مع الملحقات الثقافية لمعرفة من تخرج في السنوات الخمس الأخيرة، وتخصصاتهم والجامعات التي تخرجوا منها والبلدان التي درسوا فيها وعدد الباحثين عن عمل وسبب عدم حصولهم على عمل ثم تبنّي توظيفهم في القطاعات الحكومية والخاصة المناسبة لهم. ومن جانبه تحدّث الدكتور أحمد شحاتة ل"الوئام"، حيث يقول: أنهيت دراستي في جامعة الملك عبد العزيز في جدة بكلية الأرصاد وعلوم البيئة في عام 2007 م، ثم تقدّمت بطلب على برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي، وتمّت الموافقة وذهبت إلى اليابان في شهر إبريل من العام 2008، إلى مدينة أوساكا لدراسة اللغة اليابانية لمدة سنة ونصف. بعدها تمّ قبولي في جامعة طوكيو للتكنولوجيا لدراسة الماجستير في الطاقة البديلة، وكان بحثي عن إنتاج زيوت طاقة بها نفس خصائص البترول، والمُستخرجة من الغازات الناتجة من الطبيعة. وفي أبريل من العام 2012 استطعت أن أُرقّي بعثتي للدكتوراة في مجال هندسة التقنية الحيوية في تحلية المياه الملوثة صناعياً المحتوية على زيوت وذات خصائص حمضية، وتخرجت في مارس 2016 وتمّ تكريمي من الجامعة في يوم التخرج واستلمت شهادة الدكتوراه من مدير الجامعة، وقد سجّلت مؤخراً في برنامج جدارة، وفي انتظار أن يحالفني الحظ فيه قريباً. ويضيف: حالياً أنا مقيم في اليابان، وأعمل في شركة يابانية، وقد حضرت للسعودية قبل أسبوع تقريباً في زيارة عمل مع وفد ياباني من الشركة، لمساعدتهم وللقيام بالترجمة لهم، وقبل تخرجي تقدمت للعمل على شركات كثيرة في اليابان والسعودية وكان الرفض من الجميع إلى أن كتب الله لي العمل في هذه الشركة، وكانت فرحتي لا توصف عندما علمت أنّ لهذه الشركة فروعاً في الشرق الأوسط ومن ضمنها السعودية، وأنا أعمل الآن لاكتساب الخبرة الوظيفية التي ستأهلني لمستقبل أفضل، والتي سينال منها وطني الجزء الأكبر بإذن الله. وتحدّث عن صديقه مهند الذي توفي قبل عدة أيام في جدة قائلاً: بالنسبة لمهند هو من خريجي اليابان قسم الميديا، كان من طلاب الدفعة التي سبقتني بعام، ويشهد له الجميع بالأخلاق العالية والمواظبة في دراسته، مكث في اليابان 7 سنوات تقريباً، وعاد قبل سنة للسعودية، وعلى لسان عمه الذي يقول بأنّه أصيب بصدمة للاختلاف الكبير بين الثقافتين، وأنّه تقدّم للعمل في عدة وظائف وكانت كل محاولاته تأتي بالرفض، وقد جاءته حالة نفسية واكتئاب وإنغلاق على النفس إلى أن وافته المنيّة قبل أيام رحمه الله وجميع موتى المسلمين.